تحليل لواقع التعليم في الأردن عام 2012 الجزء 5 والأخير

لم يتم الإقتراب من موضوع القبول الجامعي (المحور 2) بصورة مباشرة ولا زالت معايير القبول (شهادة الدراسة الثانوية) وآلياته (القبول الموحد)  وأسسه كما هي. في عام 2010 تم تخفيض عدد الطلبة المقبولين في الجامعات 10% بقرار من مجلس التعليم العالي الذي عاد وفي عام 2011 بزيادة عدد الطلبة المقبولين 20%، واستمر بنفس النهج لعام 2012.

وقد جري في بعض السنوات تعديل للأسس وهو أساس المحور الثاني وذلك بإعطاء صلاحيات للوزير لقبول طلبة إستثناء بعدد محدد من غير الأردنيين وعدلت اسس التجسير بين الحين والآخر غير أن شيئا جذريا لم يحدث.

جرت في عام 2012 ثلاثة أحداث هامة في هذا المجال:
1)  إعلان الديوان الملكي العامر ولأول مرة عن توقف إرسال قوائم للجامعات، بحيث أن الديوان سيدعم ماليا بعض الطلبة اللذين يتقدموا اليه شريطة حصولهم تنافسيا على مقعد جامعي.
2)  قام الوزير بعد ما ورد في (1) أعلاه بالتحدث عن القبول الجامعي في إجتماع موسع عام، وسارع الحاضرون الى إستنتاج يتعلق بالمكرمات الآخرى وهو الأمر الذي نفاه الوزير في اليوم التالي .
3)  شكل مجلس التعليم العالي لجنة لبحث إمكانية القبول المباشر في بعض التخصصات مثل الطب والأسنان ودكتور الصيدلة، بحيث يتم قبول ضعف عدد الطلبة في الكليات المعنية في سنة تحضيرية ثم يتم فرز الطلبة بناء على معادلة (70% من المعدل التراكمي للمواد + 30% من معدل شهادة الدراسة الثانوية) ، بحيث يبقى النصف وينتقل النصف الآخر (50%)  لتخصصات هم حددوها قبل التحاقهم، وقد أحيل الأمر الى اللجنة الأكاديمية لمجلس التعليم العالي لمواصلة بحثه. إن مايسمى بالسنة التاسيسية والتي سيلتحق بها طلبة يرغبون في دراسة  الطب وطب الأسنان ودكتور الصيدلة تقتضي دراسة مواد مشتركة وتقتضي كذلك توحيد المناهج في هذه التخصصات لتسهيل انتقال الطلبة. قد يؤدي الأمر إن طبق لأحد ثلاثة أمور:
a.    أن يلتحق اللذين لم يكونوا من ضمن ال (50%) المختارة  بالبرنامج الموازي ،والذي ترى اللجنة أن القبول فيه غير مشروط، وهذا ينفي الهدف من أساسه.
b.   أو ان يبادر هؤلاء الطلبة للتسجيل في البرنامج الموازي مباشرة، دون خوض تجربة السنة التحضيرية المشتركة مما سيؤدى لزيادة الطلب على البرنامج الموازي.
c.    أن يخلق النظام المقترح مشاكل إجتماعية، فعلى اللجنة البحث في كيفية ضمان مقاعد للأوائل في المحافظات، اولئك اللذين كانت مقاعدهم في هذه الكليات مضمونة واصبحت غير ذلك.
إن موضوع القبول الجامعي يرتبط بسياسات تعتمد أساسا تنفيذ  أحدى أهم نقاط إستراتيجية التعليم العالي 2007-2012 وهي تخفيض القبول في البرامج على مستوى البكالوريوس الأكاديمي والتوسع في البرامج التقنية بمستوياتها المختلفة وفي الدراسات العليا. . وكما اسلفت فقد تم في عام 2010 تم تخفيض عدد الطلبة المقبولين في الجامعات 10% بقرار من مجلس التعليم العالي الذي عاد وفي عام 2011 بزيادة عدد الطلبة المقبولين 20%، واستمر بنفس النهج لعام 2012 لقد أكدت كثير من الدراسات أن عملية الإرتفاع بمستوى التعليم التقني وتحسين أوضاع خريجية عن طريق زيادة رواتبهم ومساواتها بحاملي الدرجات الأكاديمية والسماح لهم بالتحرك ارتفاعا في السلم الوظيفي والإرتقاء في مسمياته أمور ضرورية لنجاحه. من هنا كان من الضروري تعديل نظام الخدمة المدنية ليحقق هذه الأمور وهو ما تم بعضه في عام 2010 ثم توقف.

ما زالت قضايا الجامعات الخاصة تؤرق الكثيرين. وقد تمت إجتماعات بين  مالكي هذه الجامعات ووزارة التعليم العالي بهدف تعديل قانون الجامعات الأردنية بهدف زيادة حصة المالكين في هيئات المديرين، وقدم مشروع بذلك، وتمت المطالبة بتخفيض معدلات القبول نزولا من 60% ولم يلق ذلك قبولا من مجلس التعليم العالي. ولكن المشاكل المتعلقة بالجامعات الخاصة ومطالب أعضاء هيئة التدريس فيها، ومستوى الدراسة والرقابة في بعضها، ما زالت تراوح مكانها.

يعتقد الكثيرون بضرورة جعل القبول الجامعي تنافسيا، وهو أمر مقبول لو كانت الظروف في المدارس التي تخرج الطلبة ليلتحقوا بالجامعات متساوية بحيث تكون المنافسة عادلة. غير أن واقع هذه المدارس ليس هكذا، فبعضها لم ينجح أي طالب فيها منذ سنوات وبعضها تنقصه الأبنية المناسبة والبنية التحتية الضرورية والمدرسين الأكفاء. وعلى الرغم من هذا فإن دراسات اثبتت أنه لو كان القبول تنافسيا للجميع لحصل كل على نفس مقعده دون استثناء ماعدا كليات الطب والأسنان. وهذه الأخيرة هي سبب المشكلة لرغبة الناس فيها ومحدودية مقاعدها.

وعلى العموم فإن الجامعات العامة والخاصة تخرج من حاملي درجة البكالوريوس أعدادا متزايدة تلقي بهم لسوق عمل مشبع غير قادر علي توفيرأعداد كبيرة ومناسبة من فرص العمل، والتي وإن توفرت بمحدودية فإن مستوى الكثيرين من الخريجين ومهاراتهم تجعلهم غير قادرين على المنافسة.  وكا يوضح الرسم البياني المرفق فأن نسبة البطالة بين الباحثين عن عمل من حاملي   درجة البكالوريوس هم ثلاثة أضعاف اولئك اللذين يحملون درجة الدبلوم المتوسط.

ومن الملحوظ كذلك في هذا الرسم أن ما نسبته 55% من الباحثين عن عمل هم من حاملي شهادة الدراسة الثانوية أو ما دونها، وهو الأمر الذي يستدعي إعادة النظر في أسباب التسرب من المدارس، والرسوب فيها، أو لماذا لا يذهب هولاء الناجحين للمعاهد المتوسطة؟ أو هل كان بالإمكان توجيههم الى مجالات غير أكاديمية خلال السنوات الأخيرة من التعليم العام؟.

فيما يتعلق بالتعليم العام فقد حدثت أمور أهمها:
·       ترأس جلالة الملك المعظم إجتماعا لمجلس التربية والتعليم في 27/8/2012 وأوعزجلالته بإعداد تصور شمولي للنهوض بالتعليم ، تم الحديث بعد ذلك عن مؤتمر عام لم يعقد لغاية الآن.
·       صدر تقرير TIMSS وظهر فيه تراجع المملكة الأردنية الهاشمية  في عام 2011مقارنة مع عام 2007 و 2003 و1999 كالتالي على التوالي: 406،427، 424، 428، وقد نشرت الصحف بعض التعليقات للإلقاء باللوم على إضراب المعلمين!!!
·       تمت متابعة الحديث عن تطوير إمتحان الثانوية العامة، وقدم لذلك مشروع تم البحث فية ولكن اعترضت نقابة المعلمين بأنها لم تستشر فيه!!!
·       ثم جاء بعد ذلك إضراب للمعلمين تم فيه تعطيل الدراسة في العديد من المدارس وصاحب ذلك إحتجاجات شديدة من الأهالي.
·       مازال موضوع المدارس الخاصة ورسومها و موضوع مديرية التعليم الخاص بين أخذ ورد.
لقد كان عام 2012 عام تسيير أعمال بإمتياز، تمت فية مباشرة الأمور المعتادة ولم أر أي حركة جدية تصب في تحقيق الإستراتيجيات أو الأهداف  المبتغاة بصورتها الشمولية.
جرى "الحديث" عن تقليص المناهج المدرسية ودمج مدارس حكومية وإنشاء مدارس اهلية، وإلغاء مديريات، كما تم التطرق للحقيبة المدرسية (12/6/2012). جرى في 9/10/ 2012  إغلاق 98 مقصفا مدرسيا لعدم مراعاتها الشروط الصحية وشكلت لجنة للتحقيق في تسريب وبيع أسئلة لشهادة الدراسة الثانوية لدورتها الصيفية (3/8/2012)، وهاهي الدورة الشتوية قد انعقدت ولم نسمع عن نتائج التحقيق!!.

جرى في هذا العام متابعة سياسة "نقل" رؤساء الجامعات من جامعة لأخرى حيث تم ذلك في جامعتين، وتم "الحديث" عن خطة اصلاحية لإعادة التعليم العالي الى القه (7/8/2012)، وتم البحث في إعادة امتحان الكفاءة الذي كان قد طبق سابقا ثم ألغي لأسباب عديدة. تمت موافقة مجلس التعليم العالي على إنشاء 3 ويقال 5 جامعات خاصة عامة في عمان وخارجها، ثم تأجل الموضوع لمزيد من الدراسة بإحالته للجنة الأكاديمية.

لابد في الختام بيان مايلي:

1) لم يتم حل مشاكل القبول الجامعي ماعدا ما بادر به الديوان الملكي العامر من إلغاء لمكرمته.
2) لم يتم حل مشاكل التمويل الجامعي
3) أعلنت الجامعات عن عجوزات كبيرة في موازناتها
4) لم يتم تنفيذ توصيات مؤتمر الخطط الدراسية وطرائق التدريس وتوصيات اللجان المنبثقة عنه.
5) لم يتم أي جديد في قضية التعليم التقني
6) لم يتم البدء في إنشاء بنك الإقراض الطلابي وإنما تم التوسع في الإقراض عن طريق الوزارة بالطرق التقليدية وستواجه الوزارة مشاكل لن تتمكن من حلها فيما يتعلق بإدارة القروض.
7) لم يتم وضع التصور الشمولي للنهوض بالتعليم
8) لم يتم الجزم في موضوع تعديل الثانوية العامة

No comments:

Featured Post

PINK ROSE