تحليل لواقع التعليم في الأردن عام 2012 الجزء 4


لقد كان التمويل الجامعي (المحور 3) هو الأساس في كل عمليات التطوير في مختلف أنحاء العالم فيما يختص بالجامعات الحكومية، وقد كان تقاعس الحكومات عن رفد الجامعات ألأردنية بالأموال اللازمة تحت ذرائع بعضها صحيح وبعضها غير صحيح سببا في تحقق عجز في موازنات الكثير من الجامعات بسبب تدفق الطلبة عليها بقرارات حكومية، وبسبب مطالب مالية للعاملين، وبسبب انفاق غير رشيد فيها. لجأت الجامعات لحل مشكلة التمويل الجامعي بفتح برامج سميت بالموازية لتحقيق الوفر المالي الذي لم تقدمه الحكومة،وقد طغى هذا البرنامج غير المنضبط وغير العادل على مصادر الدخل الأخرى وفرّق بين القدرات المالية لجامعات تعج بطلبة الموازي وجامعات أخرى لا يقصد برامجها الموازية أي طلبة لأن هذه البرامج غير مرغوبة. 

لقد تمت في عام 2009 و 2010 محاولات للحد من هجرة أعضاء هيئة التدريس كن الجامعات بسبب تدني الرواتب، بحيث وافق مجلس الوزاء على رفع رواتب أعضاء هيئة التدريس وتبعهم الإداريون عن طريق تخصيص نسب من الدخل المتحقق من الموازي. وقبل نهاية هذا العام تم وضع اللمسات الأخيرة على انفاق جديد يتعلق بزيادة للرواتب ستؤدي دون أدنى لشك لمفاقمة العجز المالي في الجامعات. فكلفة تعليم الطلبة بأعدادهم المتزايدة وتفاقم النفقات الجارية سيضطر بعض الجامعات الى الوصول لحالة لا يمكنها فيها من مواصلة العمل، ولنا في جامعة مؤتة الدليل الواضح على ذلك.

كانت الجامعات تتلقى عبر السنين دعمها من مصدرين:

1) الدعم الحكومي المباشر (حوالي 12 مليون سنويا لكل الجامعات)
2) الرسوم الإضافية التي تحصل ضمن نظام للرسوم الإضافية، وقد كانت هذه الرسوم تحفظ في حساب خاص تتقاسم دخله الجامعات الحكومية منذ أن كانت واحدة (الأردنية) الى أن اصبحت عشرا. لقد طرا على هذه الرسوم مايلي:
a. سحبت من الحساب الخاص عام 1997 والحقت بالموازنة العامة، فصار منذ ذلك التاريخ "أن على الرسوم الإضافية دخول الخزينة العامة للدولة ثم الخروج منها للجامعات بعد أخذ ورد".
b. عندما وضع القانون الموحد للضريبة عام 2009 "توقف تحصيل الرسوم الإضافية لحساب الجامعات من أي مصدر"، "وتعهدت الحكومة يومها أمام مجلس النواب بدعم الجامعات بالمال وكأن الرسوم لم تلغ"، وهو نفس التعهد الذي اشرت اليه في موضوع صندوق البحث العلمي.
3) قامت الحكومة بتمويل صندوق دعم الطالب من الأموال المخصصة للجامعات وذلك إعتبارا من 2004 وبلغت ذروة الإستخدام في عام 2012.
4) قامت الحكومة في عام 2005 بالتعهد بتسديد مديونية الجامعات، ليتبين فيما بعد أن الأموال المستخدمة في التسديد هي من الدعم الحكومي، وقد كان عام 2012 هو العام الذي تراجعت فيه وتيرة تسديد الدين وذلك بسبب استخدام بعض ما كان يستخدم لتسديده من أموال لأغراض صندوق دعم الطالب. وعلية فإن تسديد الدين الذي كان يجب أن ينتهي في عام 2014 سيستمر لعام 2016.

وهكذا فإن الأموال المرصودة من الحكومة للجامعات تسير في 3 طرق:

1) صندوق دعم الطالب
2) تسديد المديونية
3) وما تبقي يوزع على الجامعات حسبما يرى مجلس التعليم العالي وبموافقة مجلس الوزراء، وقد يكون من المناسب هنا القول أن الصحف في 17/12/2012 قالت أن الدعم الذي وصل للجامعات هو 34 مليون دينار من أصل المبلغ المرصود والبالغ 55 مليون دينار، في حين إستخدمت 19 مليون دينار في تسديد المديونية ودعم صندوق الطالب.

بالرغم من الدعم الحكومي المستمر والذي تتراوح قيمته بين 50 و 75 مليون دينار سنويا الا ان الجامعات الرسمية وكليات المجتمع المتوسطة لا زالت تعاني من عدد من مواطن التحدي التي تؤثر على مسيرتها وجودة وملائمة مخرجاتها لاحتياجات سوق العمل المحلي والاقليمي والدولي.

ان توزيع الدعم الحكومي والرسوم الاضافية على الجامعات كما هو متبع حاليا لا يرتكز على اسس موضوعية والاجدى ان يوجه هذا الدعم مباشرة للطالب بصفته محور العملية التعليمية من خلال القروض والمنح والبعثات الطلابية. 

لقد انخفض الدعم الصافي للجامعات الأردنية من مختلف المصادر حسب الجداول السابقة وذلك لأن وزارة المالية استخدمت بعض الأموال المخصصة للجامعات لتسدسد مديونيتها مباشرة، واقتطعت منها لتمويل صندوق دعم الطالب، وقد تجد من المناسب أن تمول البحث صندوق الابحث العلمي منها بعد نفاذ قانون الضريبة الموحد، غير أن بعض المؤشرات توحي بأن المبلغ المخصص للجامعات ولعم صندوق الطالب ولتسديد المديونية، قد يتحسن في 2013 بحيث يرتفع عما كان عليه في 2012 (55 مليون) الى (115 مليون في 2013 وعلى الرغم من أن بعض هذه الأموال مبوبة في موازنة التعليم العالي تحت التعليم التقني والبنك الطلابي والبحث العلمي والبنية التحتية فإننى أخشى أن هذه الزيادة ستذهب لتمويل زيادة الرواتب في غالبيتها). لقد وصل الدعم الحكومي للجامعات في عام 2012 (33 مليون دينار) الى أدنى مستوياته منذ عام 2001.

No comments:

Featured Post

PINK ROSE