ثانوية عامة بمسار واحد وعشر مواد مرتبطة بالتعليم الجامعي



أكتب اليوم في خضم الجدل الدائر بين وزارة التربية والتعليم ونقابة المعلمين والطلبة المحتجين المتظاهرين، وبين اللجان وأعضائها، والسجال المتدحرج ككرة الثلج، والبيانات والبيانات المضادة.  
الجدل الذي نظهر فيه متفرقين كأننا لا نعرف شيئا، وكأن هذا الوطن لم يعلم الناس كلهم القراءة والكتابة، فأخذ كل يفتي على هواه ولأغراضه.   
أثبتت التجارب والخبرات على مر العصور أن أقصر الخطوط هو المستقيم منها، وأن أنجع الحلول هو أبسطها، وكم من مرة قال الناس فيها: كيف لم نر هذا وهو أمام أعيننا؟.
أقول هذا كله كمدخل للخوض من جديد في ماراثون الاقتراحات والاقتراحات المضادة، والدراسات والدراسات البديلة، الاستراتيجيات والاستراتيجيات المكملة، وآراء الخبراء التربويين والخبراء الاستراتيجيين، وآراء من هب ودب. ولأقول بأننا يجب وكما يقول الأردنيون عندما يصيبهم الملل "دعونا نفض هالطابق".
فما هو الخطأ في، وماذا سيضيرنا لو طلعت علينا شمس الغد، وكانت الثانوية العامة بمسار واحد؟ الجواب لا شيء. 
وماذا سيضيرنا لو أن مواد الثانوية العامة تم توحيدها لجميع الطلبة: عشر مواد؟ الجواب لا شيء.
وماذا لو قسمنا هذه المواد لمجموعتين؛ واحدة إجبارية تبحث في الهوية والوطن ومهارات الاتصال، والأخرى اختيارية يختار منها الطالب ما يروقه وما يحبه وما يريد أن يختص فيه وما تطلبه الجامعة كشرط للالتحاق بها؟ الجواب لا شيء.
لهذا كله، أقدم لكم مقترحا محددا قابلا للتطبيق، يحتاج لجلسة واحدة من مجلس التربية لإقراره لأنني أعتقد أن لا خلاف عليه، وهو حسب علمي مقبول من الطلبة وذويهم ومن المعلمين ومن التربويين.
الركيزة الأولى للمقترح: تؤكد أن الثانوية العامة هي امتحان لقياس تحصيل الطالب ويتم في نهاية المدة المقررة للدراسة ضمن التعليم العام، وعليه ولقياس هذا التحصيل الطالب يمتحن في 10 مواد، ضمن مجموعتين:
الأولى: مجموعة المواد الأساسية وهي أربع مواد إجبارية يدرسها جميع الطلبة دون استثناء وهي: اللغة العربية واللغة الإنجليزية والتربية الدينية والتربية الوطنية.
الثانية: مجموعة المواد التخصصية، وهي مجموعة اختيارية يختارها الطالب من ضمن عدد من المجموعات، وتحتوي كل مجموعة على ست مواد لها ارتباط بحقل معرفي معين، وكمثال على الحقول يمكن أن يكون هناك حقل للمجال الحيوي والطبي وما شابهه، وفيه ست مواد وحقل للمجال الإنساني والاجتماعي وما شابهه، وفيه ست مواد وحقل للمجال الهندسي والحاسوبي وما شابهه، وفيه ست مواد وغيرها.. ويحدد هذه الحقول لجنة مشتركة من مجلسي التربية والتعليم والتعليم العالي. 
وعلى هذا الأساس لا يجوز الالتحاق بتخصص معين في الجامعة من ضمن حقل معرفي معين إلا إن كانت مواده قد تمت دراستها في المجموعة المعينة.
الركيزة الثانية للمقترح: خلافا للمفهوم الدارج بأن الامتحان يكون في مواد الصف الثاني عشر، فإن هذا المقترح يأخذ في الاعتبار الصف الحادي عشر كذلك. وعليه تعتبر السنة الدراسية الأخيرة والسنة التي تسبقها، هي الفترة الزمنية المحددة لدراسة المواد العشر وتقديم الامتحانات فيها (الصف 11 و الصف 12).
تنفيذ المقترح: ولتحقيق المطلوب تدرس المواد العشر، خمس في كل سنة (فصلين)، وينتهي الطالب من المادة في أي من السنتين (أو أي فصل فيهما) ويتم امتحانه فيها، وتقسم الامتحانات بين السنتين: خمس في كل سنة، ولا يجوز أن تعبر مادة بين السنتين، فالمادة تبدأ وتنتهي في نفس العام الدراسي، هي وامتحانها.  
يعطى الطالب وثيقة منفصلة بكل مادة نجح فيها، وعلامته التي حصل عليها، وقد تكون وثيقة إلكترونية محمية (يمكن للطالب أن يستخدم هذه الوثائق للالتحاق بجامعات تعتمدها). 
ويعطى الطالب بعد انتهائه من أداء الامتحانات في المواد العشر كلها، شهادة رسمية تسمى شهادة الدراسة الثانوية العامة الأردنية، رصدت فيها المواد التي درسها، والحدود الدنيا والعليا للنجاح فيها، والعلامات التي حصل عليها، ويحسب له معدل من مائة يكتب رقما وكتابة، ويوقع الشهادة من ينص عليهم القانون، (تستخدم هذه الشهادة في الدول والجامعات التي تشترط وجود وثيقة مجمعة للالتحاق بالجامعة).
تبدل المناهج والمقررات الدراسية بما يتفق مع المواد المحددة في حقول المعرفة، وأهداف التعليم الحديث، وتستخدم التقنيات وأساليب التدريس الحديثة ما أمكن، وتختصر المناهج ويزال الحشو واللغو الموجود فيها، وقد يقتضي الأمر العودة رجوعا في المناهج (ابتداء من الصف الأول وتبنى المعرفة عليه في كل سنة لاحقة حتى الصف الثاني عشر) بحيث تخدم مناهج الصفوف الأساسية المناهج الجديدة.
ولتنفيذ هذا الأمر، يختار من المعلمين أكثرهم كفاءة للتدريس في الصفين 11 و 12.
ولوضع شهادة الدراسة الثانوية في وضعها الحقيقي (هي امتحان قبول جامعي وليست وثيقة لأي هدف آخر)، تصدر المدرسة التي تخرج منها الطالب شهادة تسمى شهادة إكمال الدراسة الثانوية (تصدقها أوتوماتيكيا وزارة التربية والتعليم)، وهي شهادة لا علامات فيها، ولا نجاح أو رسوب. أي أنها شهادة تقول إن هذا الطالب قد أنهى مرحلة الدراسة الثانوية. وهي الشهادة التي يتم على أساسها تشغيل أو تعيين من نريد منهم أن يكونوا مؤهلين لهذا الحد من الدراسة. لأنه على هذا المستوى من التأهيل لا يوجد ضرورة لبيان النجاح أو الرسوب، إذ أن الهدف هو التأكد من معرفة القراءة والكتابة وما شابه ذلك. 
فما الفرق بين من رسب بـ59 % ومن نجح بـ60 % للوظيفة المعنية. ويتحتم على ديوان الخدمة المدنية أخد ذلك بعين الاعتبار.
يمكن الإضافة لهذا المقترح المتكامل، إضافة أكثر جرأة وطموحا، وهي كالتالي:
أولا: تستخدم السنوات (11 و12) لتنفيذ البرنامج أعلاه، وتسمى (الصف التحضيري الجامعي).
ثانيا: تعتبر المواد التي تدرس في أي من الصفين (11 و12) مواد من نوع مواد (101) الجامعية وتعادل بها، ويعفى الطالب الجامعي منها، ولا تعاد دراستها بعد الالتحاق بالجامعة، وتعتبر مواد جامعية من ضمن الخطة الدراسية، ولكن لا تحسب علاماتها ضمن المعدل الجامعي.
ثالثا: ينتج عن تطبيق المقترح الإضافي أن يلتحق بالجامعة طلبة أكثر جدية. وسيتم توفير كلفة دراسة السنة الجامعية الأولى على الطلبة وذويهم، فهؤلاء سيدرسونها داخل مدارسهم. وسيقل عدد طلبة الجامعات الرسمية بمقدار الربع وذلك لعدم وجود طلبة سنة أولى فيها، وبالتالي سيقل الازدحام في الجامعات وستلتقط الجامعات أنفاسها، فبنيتها التحتية قد تصبح كافية، وستزداد نسبة أعضاء هيئة التدريس للطلبة بما يمكن الجامعات من تحقيق شروط الاعتماد الذي كان من المفروض تنفيذها العام 2012.
الأمر يحتاج لشجاعة وحسم، فمن غير المبرر لبلد كبلدنا وبعد كل هذه الأجيال المتعلمة التي خرجت منه والتي بنت الدول وقدمت للحضارة الشيء الكثير، أن نخوض في جدل عقيم، نخوض فيه صباح مساء، كأن لا شيء يقلقنا إلا هذا الأمر. 


اللقاء الخاص المتعلق بشهادات الدكتوراه الفخرية، وحقوقها الأكاديمية وجواز استخدام اللقب من عدمه.



العودة لدور المعلمين هي السبيل لوقف التدهور في التعليم العام


جاء في حولية "الثقافة العربية/ جامعة الدول العربية/ ساطع الحصري - 1949/1948"، أنه لم يكن في الأردن في العام الدراسي 1923/1922 من القرن الماضي، غير 44 مدرسة حكومية (أميرية)، 38 منها للذكور، و6 للإناث، فيها 69 معلما، و12 معلمة يعملون على تدريس 2998 طالبا و318 طالبة.
وقد ارتفعت هذه الأرقام لتبلغ 81 مدرسة في العام الدراسي 1948/1947، منها 11 للإناث، فيها 233 معلما ومعلمة، و12120 طالبا وطالبة. أما المدارس الخصوصية والأهلية، فكان عددها 111 مدرسة، منها 22 للبنات، و18 مختلطة، فيها 4273 طالبا، و2929 طالبة، يعلمهم 170 معلما و104 معلمات.
في العام 1923 كان لدينا 3 مدارس ثانوية، هي السلط وإربد والكرك، وكانت مدرسة السلط هي المدرسة الثانوية الوحيدة الكاملة. ولقد بلغ عدد المدارس الثانوية في المملكة العام 1947 (5) مدارس، عدد معلميها (25)، وطلابها (446)، وقد تقدم لفحص شهادة الدراسة الثانوية الأردنية، في شهر حزيران "يونيو" 1947 ما مجموعه 64 طالبا، نجح منهم 46. كان هناك في العام 1947 مدرسة للصناعة، فيها (8) معلمين، و(87) طالبا، في حين وجد في العام 1951 صف واحد لتأهيل المعلمين، في كلية الحسين، سمي بـ"صف المعلمين"، وكانت مدة الدراسة فيه عاما واحدا، ولم يخرج الا فوجين اثنين، وكان قد أنشىء سندا لنظام المعارف رقم (803) لسنة 1939.
تم افتتاح دار المعلمين في عمان العام 1952/53، وافتتحت في نفس السنة دار للمعلمات في رام الله، وافتتحت على التوالي دور للمعلمين في بيت حنينا وحوارة والعروب، في أعوام 1953، 1956 و1958. وأعتقد أن داري المعلمين في عمان وبيت حنينا، ودار المعلمات في رام الله، أنشئت سندا لقانون المعارف الفلسطيني للعام 1933، حيث أن قانون المعارف العام الأردني (والذي أنشئت بموجبه دور المعلمين الأخرى)، لم ينشر في الجريدة الرسمية، إلاّ في العام 1955.
كانت المادة السابعة من قانون المعارف العام، رقم (20) لعام 1955، قد نصت على أن دور المعلمين هي نوع من المدارس، وأناطت أمرها بوزارة المعارف.
كان للجامعة الاردنية، عندما افتتحت في بداية الستينيات، الدور الأكبر في توفير التعليم الجامعي لمئات الأردنيين، الذين كانوا يقصدون مشارق الارض ومغاربها طلبا للعلم.
لقد اعتقد القائمون على التعليم في الاْردن، في ذلك الحين، ان الحاجة لوجود دور المعلمين قد انتفت فأغلقوها، واعتقدوا ان الجامعة، ولاحقا الجامعات، ستأخذ الدور الذي قامت به على اكمل وجه، في تخريج أفواج من المعلمين والمعلمات الاكفياء. كم كانوا مخطئين في تفكيرهم هذا.
لقد اعتمد التعليم العام على التسارع، الذي كان قد اكتسبه على أيدي النخب التعليمية، التي تخرجت من دور المعلمين. وحين بدأ هؤلاء في التناقص الطبيعي، حل محلهم خريجو الجامعات، الذين لم يتخرجوا أساسا ليكونوا معلمين، بل متخصصين في فروع العلم المختلفة.
كان القائمون على التعليم يعتقدون، مخطئين، ان خريجي الجامعات بامكانهم القيام بعملية التدريس، بصورة كفؤة، إن تم تعريضهم لدورة مكثفة، في أمور وأساليب التدريس، قبل اقحامهم في الصفوف.
لقد أدى قيام هؤلاء بعملية التدريس بصورة تامة الى المأساة، التي نعيشها الآن، في التعليم العام. لقد ادرك القائمون على التعليم المشكلة، التي وقعوا فيها، فحاولوا تأهيل هؤلاء المعلمين بدبلومات تأهيل، أعطتها كليات تربية، تكاثرت كالفيروسات، واعطت انطباعا خاطئا، بأننا نسير في الطريق الصحيح. غير أن الدلائل والمؤشرات كانت تقول عكس ذلك، حتى عندما اجترحنا ما عرف بمعلم الصف ومعلم المجال، وعدنا عنها لاحقا، لا بل منعنا حامل الدبلوم من التعيين في وزارة التربية والتعليم، والذي كنا نعتقد أنه المنقذ.
لقد استبدل النظام التربوي معلمين اكفياء، خرجتهم دور المعلمين، لهدف واحد، وضمن نهج وخطة معروفتين، بمعلّمين لم يكن هدفهم عند الالتحاق بالجامعة، ان يصبحوا معلمين، ثم وعندما اكتشفنا عدم اهليتهم، حاولنا الإصلاح ففاقمنا المشكلة. لقد بدأ التدهور في التعليم العام منذ ذلك الحين، وما زال، ولن يتوقف الا بتغيير المسار.
عندما يتم اقتراح ان تقوم كليات التربية بدراسة مشاكل التعليم العام، او تدني نسب النجاح في الثانوية العامة، أقول ان لا فائدة من هذا، فكليات التربية جزء من المشكلة. وعندما يقترح مؤتمر للتطوير التربوي تأهيل المعلمين، فهذا يعني أننا لم ندرك لغاية الآن أن هذا لن يجدي.
لن يكون حل معضلة توفر المعلمين الأكفياء الا بالعودة لإنشاء دور المعلمين والمعلمات، التي لا هدف لها غير تخريج المعلمين. ومن نافلة القول ان هذه الدور يجب ان لا تتبع لأي جامعة، وإلا انتقلت أمراض الجامعات اليها. ولا نريدها تابعة لوزارة التربية والتعليم، فلا قدرة لها. نريدها كليات نقية، لا يشوبها ما علق بالجامعات من أمراض. ويكفينا اثنتان من هذه الدور، واحدة للمعلمين واُخرى للمعلمات.
من الضروري ان يتم تعديل نظام الخدمة المدنية، ليتم إعطاء هذا النوع من المعلمين، مردودا ماليا يفوق ما يتلقاه حامل البكالوريوس. ويجب ان تكون اولوية التعيين لهم. اما حامل البكالوريوس في الفيزياء، فليعمل في حقل الفيزياء في المؤسسات التي تتعاطى ذلك، وهذا ينطبق على بقية الحقول.
اما كليات التربية، والتي أقمنا الدنيا ولم نقعدها عندما انشأناها، فلنعترف بأنها فشلت في تحقيق أهدافها، ولنكن على قدر من الجرأة لإغلاق بعضها، والإبقاء على بعض أقسام التربية الخاصة، والإدارة المدرسية والقياس والتقويم فيها، وعلى مستوى الدراسات العليا فقط.
نريد قرارا مسؤولا، يعترف بالخطأ، ثم يعود عنه، ويعيد لنا دور المعلمين والمعلمات، فلا صلاح للعملية التعليمية الا بمعلّمين التحقوا راغبين بهذه المهنة، وقام على تأهيلهم من يؤمن برسالة المعلم ودار المعلم.

بمناسبة الحديث عن المكرمات، وعن ردود الأفعال، وعن الصواب وخلافه، وعن المسؤولية.



المدارس الأقل حظا....مرة أخرى
عندما أنشئت هذه المكرمة عام ١٩٩٥، كانت لها مبررات وكانت لها أهداف والأهم من هذا وذاك كان لها مدة زمنية مشروطة.
كان المبرر الأكبر أن هذه المدارس غابت عنها كل العوامل التي تجعلها مدارس تؤدي مهمة التعليم: فلا أبنية جيدة و كافية، بل صفوفا مجمعة في كثير من الأحيان، ولا هيئة تدريس كفؤة تعمل على تعليم جيد ينتج طلبة أكفياء.
كانت الأهداف تعويضهم عن " الحيف" الذي لحق بهم نتيجة السياسات التربوية المتردية وعن الإهمال.
وكانت المدة المشروطة هي خمس سنوات (٥) تعمل فيها وزارة التربية والتعليم على إعادة قولبة هذه المدارس بمن فيها لتجعل منها مدارس مماثلة ومعادلة ومساوية للمدارس الأخرى في المملكة.
وكان شرط التأهل للدخول في هذا "النادي" هو وفق المعايير، أن تكون المدرسة في منطقة نائية، أو أن تكون من مدارس خارج مراكز المحافظات من التي يقل عدد طلبة الثانوية العامة فيها عن ١٠، أو وبغض النظر عن عدد طلاب الثانوية العامة فيها، أن يقلّ فيها عدد الناجحين الحاصلين على معدل ٦٥٪ فأكثر عن ١٠. غير أن أهم معيار أستخدم كان هو شرط نسبة نجاح في المدرسة لاتزيد عن ٤٠٪ للتأهل.
مرت على التسمية الآن ٢٠ سنة (عشرون) ، فلا المدارس الأقل حظا كبر حظها وتحسن لتتخرج من النادي، ولا على أقل تقدير لوحظ تناقص كبير في المدارس المؤهلة لهذا النادي العتيد. بل على العكس من ذلك إنضمت للمدارس النائية أو تلك التي تقع خارج مراكز المحافظات، مدارس لا هي بالنائية لا بل تقع في داخل المركز.
وحدثت ممارسات غريبة، فتعمدت مدارس أو طلبة (لا أدري ايهما أصح )أن يفشلوا قصدا ليحققوا النسبة تحت ال ٤٠٪ فتتأهل المدرسة لهذا الشرف العظيم. كانوا يدركون أن دخولهم ضمن مجموعة المدارس الأقل حظا، سيعطيهم خيارات قبول أحسن. لقد حصلوا على مقاعد أحسن من تلك المقاعد التي حصل عليها طلبة مدرسة مجاورة نجح فيها أكثر من ٤٠٪ من الطلاب.
كانت المدراس الموصوفة بالأقل حظا مرتبطة بمناطق معينة، فإذا بمدارس البنات في نفس المنطقة ممتازة في حين أن مدارس الذكور سيئة وتأهلت للقب الأقل حظا، فكيف وهي بنفس المنطقة ونفس البيئة؟. أم إننا نغفل أن للمدرسة وللمعلم دورا في ذلك، فالمعلمات الإناث أكثر قدرة والطالبات الإناث أكثر جدية ومدارس الإناث أكثر إنضباطا؟
على كل حال، هي محاولة حل إجترحت قبل عشرين عاما لتعويض مناطق عن عدم كفاية مدارسها وتدني نسب النجاح بين طلبتها، فإذا نحن وبعد هذه العشرين سنة ما زلنا نراوح مكاننا.
للبحث عن المقصر يجب العودة للقرار الذي أنشىء عام ١٩٩٥، يكون هذا لمدة ٥ سنوات، تعمل فيها وزارة التربية على رفع سوية......الخ.

توصيات مؤتمر التطوير التربوي

توصيات مؤتمر التطوير التربوي

لا أريد أن أتحدث في توصيات المؤتمر أو أعلق عليها، غير أنني مضطر للتعليق على فقرة واحدة وردت فيه، محللا ومبينا، وفي نفس الوقت محذرا.

"وأوصى المؤتمر بعقد امتحان شهادة الدراسة الثانوية العامة (التوجيهي) مرة واحدة بدءًا من العام الدراسي 2016/ 2017، وإلزام الجامعات بتطبيق امتحان للقبول فيها حسب التخصصات المختلفة،" صحيفة الغد/ اليوم/ الصفحة الرئيسية، والصحف اليومية الآخرى.

لا أريد هنا أن أتحدث في مبررات عقد إمتحان الثانوية العامة مرة أو مرتين أو أكثر، فهو في نظري مرتبط بما هو الهدف من الإمتحان.
ولكني أود الحديث في توصية المؤتمر بإلزام الجامعات بعقد إمتحان للقبول وهي توصية صادرة من مؤتمر للتعليم العام في أمر يتعلق بالتعليم العالي، فبالتالي لا أعلم عن مدي علاقة الإثنين غير أن مخرجات واحد هي مدخلات الآخر.

إن كنا نريد إمتحانا للقبول الجامعي، فما هي الحاجة لإمتحان الثانوية العامة؟
وعليه يمكننا السؤال هل هناك داع لوجود شهادة عامة  للدراسة الثانوية؟ وما الداعي للسير في تطويرها؟

الجواب يعتمد على ماهي الضرورات التي تقتضي وجود مثل هذه الشهادة.
1) هل هي ضرورية لإثبات أن الطالب قد انهى مرحلة الدراسة بسنيها الأثنتي عشرة بنجاح؟
الجواب لا، لأن المدرسة التي يكمل الطالب فيها دراسته تعطيه شهادة معتمدة من وزارة التربية والتعليم تسمى شهادة اكمال الدراسة الثانوية.
2) هل هي ضرورية لبعض الوظائف التي تشترطها؟
الجواب نعم، ولكن المقصود ليس الشهادة بحد ذاتها وإنما الإثبات بإنهاء الدراسة بنجاح، أي أن الشهادة المذكورة في (1) أعلاه تكفي.
3) إذن ما تبقى من ضروريات وجود هذه الشهادة؟

الجواب هو انها تعتبر (لغاية الآن)  المعيار الوحيد لدخول الجامعة، أي انها إمتحان قبول للجامعات. فإن كنا نريد تطوير إمتحان قبول جامعي، فإنني أدعي أن لا حاجة إذن لإمتحان الثانوية العامة ولنرح رؤوسنا من كل هذا العناء.

إن الأمر المعياري الوحيد - على صعوبته - الذي أثبت موجوديته  على مدى أكثر من ٥٠ سنة، هو إمتحان الثانوية العامة، وهو إمتحان على الرغم من الشوائب المؤقتة التي علقت به بين الحين والحين، لم يتهمه أحد بعدم العدالة، والمعيارية. إتهم بالصعوبة والسهولة وبالغش و بالطول وبالحشو، وهي أمور نحن من أوقعنا أنفسنا فيها، فهو لم يكن كذلك في الستينيات من القرن الماضي وفي الأربعين سنة التي تلتها. والتخلص من هذه الأمور سهل إن أردنا. ألم نسيطر على عملية الغش بمجرد إعلان النية.

إمتحانات القبول الجامعية ليست بالأمر السهل، فهل ستكون منفصلة لكل جامعة ولكل تخصص ولكل حقل من حقول المعرفة؟ أم ستكون موحدة لكل الجامعات وبغض النظر عن التخصصات؟ أم موحده لكل الجامعات ولكن منفصلة لكل تخصص. فإن كانت منفصلة لكل جامعة ولكل تخصص وجب على كل قسم وضع إمتحان قبول خاص به. أما إن كان القبول في الجامعة وليس في التخصص وجب وضع إمتحان  خاص بكل جامعة، وحاولة إيجاد طريقة لتوزيع الطلبة على التخصصات بعد ذلك.

أما إن كان القبول الجامعي موحدا، فمن سيديره؟ هل ستقوم وزارة التعليم العالي بذلك، أم هيئة الإعتماد ومركز الإختبارات؟ أم ستقوم به الحهات التي ادارات إمتحانات الكفاءة وإمتحانات اللغة الإنجليزية؟؟ وعلى فرض قيام أي متن هذه الجهات بذلك، ألن نسمع عن اللذين ينادون بإستقلالية الجامعات؟

وعلى فرض أننا أجبنا على كل التساؤلات أعلاه، فما هو دور المحسوبية والواسطة في هذه الإمتحانات غير الموضوعية المدارة في كل قسم (كما تطلب التوصية) ، خاصة إن وجدنا من يقول بضرورة وجود مقابلة لتبيان مدى أهلية الطالب للدراسة.

إنني أقول أن عملية القبول الجامعي، بما أعطيناها من أهمية، يجب أن لا تشوبها شائبة، وهو الأمر الذي لا يمكن تحقيقه في الظروف الحالية في خارج إطار الثانوية العامة الحالية، وعن طريق مكتب القبول الموحد. 

غير أننا إن أردنا قبولا جامعيا تديره الجامعات أو من ينوب عنها فهذا يقتضي:
١) الغاء شهادة الدراسة الثانوية، التي ستصبح لا ضرورة لها كما أسلفنا أو
٢) تطوير شهادة الدراسة الثانوية لتصبح مماثلة لشهادة ال IG  البريطانية، أي بموضوعات متفرقة يختارها الطالب، وهذا يتبعه تقسيم القبول الجامعي لحقول مختلفة تنسجم مع المواد الكطروحة في الثانوية العامة الجديدة.
٣) البحث في كيفية أدارة القبول الجامعي بصورته الجديدة.

وفي كل الأحوال فإنني أدعو لعدم إدخال المقابلات الشخصية في أي عملية قبول جامعي مهما كانت،  لأننا إن كنا نشتكي من إشاعات أن فلانا قبل دون حق، فإننا عندئذ سنري كيف أستلبت حقوق الناس من خلال الإدعاد بنجاح هذا وعدم إجتياز الآخر للمقابلة، والتي ستظهر انحيازاتنا في أسوأ صورها.

إنني أدعو للتروي ولعدم الإندفاع، ولمزيد من الدرس من أناس ذوي رؤى مخالفة لمن بحث ودرس، و لنسأل الأهل وأولياء الأمور وليس "الخبراء" فقط. 

http://walidmaani.blogspot.com/2012/11/blog-post_6.html
http://walidmaani.blogspot.com/2011/09/blog-post_23.html
http://walidmaani.blogspot.com/2013/12/blog-post_11.html

بمناسبة الحديث عن المكرمات، وعن ردود الأفعال، وعن الصواب وخلافه، وعن المسؤولية

المدارس الأقل حظا....مرة أخرى
عندما أنشئت هذه المكرمة عام ١٩٩٥، كانت لها مبررات وكانت لها أهداف والأهم من هذا وذاك كان لها مدة زمنية مشروطة.
كان المبرر الأكبر أن هذه المدارس غابت عنها كل العوامل التي تجعلها مدارس تؤدي مهمة التعليم: فلا أبنية جيدة و كافية، بل صفوفا مجمعة في كثير من الأحيان، ولا هيئة تدريس كفؤة تعمل على تعليم جيد ينتج طلبة أكفياء.
كانت الأهداف تعويضهم عن " الحيف" الذي لحق بهم نتيجة السياسات التربوية المتردية وعن الإهمال.
وكانت المدة المشروطة هي خمس سنوات (٥) تعمل فيها وزارة التربية والتعليم على إعادة قولبة هذه المدارس بمن فيها لتجعل منها مدارس مماثلة ومعادلة ومساوية للمدارس الأخرى في المملكة.
وكان شرط التأهل للدخول في هذا "النادي" هو وفق المعايير، أن تكون المدرسة في منطقة نائية، أو أن تكون من مدارس خارج مراكز المحافظات من التي يقل عدد طلبة الثانوية العامة فيها عن ١٠، أو وبغض النظر عن عدد طلاب الثانوية العامة فيها، أن يقلّ فيها عدد الناجحين الحاصلين على معدل ٦٥٪ فأكثر عن ١٠. غير أن أهم معيار أستخدم كان هو شرط نسبة نجاح في المدرسة لاتزيد عن ٤٠٪ للتأهل.
مرت على التسمية الآن ٢٠ سنة (عشرون) ، فلا المدارس الأقل حظا كبر حظها وتحسن لتتخرج من النادي، ولا على أقل تقدير لوحظ تناقص كبير في المدارس المؤهلة لهذا النادي العتيد. بل على العكس من ذلك إنضمت للمدارس النائية أو تلك التي تقع خارج مراكز المحافظات، مدارس لا هي بالنائية لا بل تقع في داخل المركز.
وحدثت ممارسات غريبة، فتعمدت مدارس أو طلبة (لا أدري ايهما أصح )أن يفشلوا قصدا ليحققوا النسبة تحت ال ٤٠٪ فتتأهل المدرسة لهذا الشرف العظيم. كانوا يدركون أن دخولهم ضمن مجموعة المدارس الأقل حظا، سيعطيهم خيارات قبول أحسن. لقد حصلوا على مقاعد أحسن من تلك المقاعد التي حصل عليها طلبة مدرسة مجاورة نجح فيها أكثر من ٤٠٪ من الطلاب.
كانت المدراس الموصوفة بالأقل حظا مرتبطة بمناطق معينة، فإذا بمدارس البنات في نفس المنطقة ممتازة في حين أن مدارس الذكور سيئة وتأهلت للقب الأقل حظا، فكيف وهي بنفس المنطقة ونفس البيئة؟. أم إننا نغفل أن للمدرسة وللمعلم دورا في ذلك، فالمعلمات الإناث أكثر قدرة والطالبات الإناث أكثر جدية ومدارس الإناث أكثر إنضباطا؟
على كل حال، هي محاولة حل إجترحت قبل عشرين عاما لتعويض مناطق عن عدم كفاية مدارسها وتدني نسب النجاح بين طلبتها، فإذا نحن وبعد هذه العشرين سنة ما زلنا نراوح مكاننا.
للبحث عن المقصر يجب العودة للقرار الذي أنشىء عام ١٩٩٥، يكون هذا لمدة ٥ سنوات، تعمل فيها وزارة التربية على رفع سوية......الخ.

المدارس الأقل حظا

في قصة يوسف السباعي "أرض النفاق" صدزت عام ١٩٤٩ يتحدث الكاتب عن دكان يبيع حبوبا للأخلاق....فمنها حبوب للإخلاص وحبوب لكذا وأخرى لكذا ولكن الحبوب التي كانت تنفذ بسرعة هي حبوب النفاق.
لا أدري هل لو كان الدكان موجودا الآن لاشترت بعض مديريات التربية والتعليم حبوب الحظ...لعل وعسى.
المدارس الأقل حظا...تعبير أطلق على مدارس لم يحقق طلبتها نتائج جيدة في أمتحان الثانوية العامة. ثم ظهرت مجموعة من التعابير أشهرها " المدارس التي لم ينجح أحد من طلبتها".وتحدثت الصحافة عنها كأننا نسمع بها لأول مرة.
هل هو حظ؟ أم قدر؟ أم "بخت" أم تقصير؟؟؟
هل هي كما قال عبد العزيز الدريني: "مشيناها خطى كتبت علينا .. ومن كتبت عليه خطى مشاها"، أوكما قال حكيم هندي: "هنالك أدوية للمرض، لكن لا أدوية للقدر"
أو كما قالت أم مصرية:"قليل البخت يلاقي العظم في الكرشة"؟
أم في حقيقة الأمر أن هذه المدارس منسية، وغير مرئية وأنه لم تجر محاولة جدية واحدة لوضع الأمر في نصابه؟
لماذا نبدو و كأننا متفاجئين من وجود المدارس "التي لم يحالف الحظ" أحدا من أبنائها؟ متفاجئين من ٨٩ مدرسة لم ينجح بها أحد؟ في العام الماضي كان العدد ٤٢٣ مدرسة وأرقام مشابهة في سنوات سابقة. وفي أحد الأعوام رفضت الوزارة الإفصاح عن عدد المدارس، لإضراره بهيبة الوزارة!!!
ففي عام ٢٠١٤ ورد النص التالي في أحد المواقع الإلكترونية : "تعمل وزارة التربية والتعليم على اجراء دراسة واسعة لنتائج التوجيهي الاخيرة خلال الدورة الصيفية الاخيرة لعام 2014 والمدارس التي لم ينجح منها احد وفق امين عام الوزارة الدكتور محمد العكور.
وقال في تصريح ان الوزارة شكلت لجانا في كافة المدارس والمديريات التي ظهر فيها ضعف في نتائج طلبتها حيث ما زالت الوزارة بانتظار التغذية الراجعة لهذه الدراسة.
واضاف العكور ان وزير التربية الدكتور محمد الذنيبات اجتمع بمدراء التربية لدراسة اسباب هذا التراجع وستعلن الوزارة عن هذه النتائج في حال اكتمالها.
هل أكملت اللجان والوزارة أعمالها ؟ وأين النتائج التي يجب أن تحدد المشاكل وتقدم الحلول؟ ولماذا لم تعلن هذه النتائج إن وجدت؟ أخشى من عدم اكتمال اللجان لمهامها وأننا مازلنا في مكاننا لم نبارحه.
يتفق الجميع أن عوامل كثيرة ساهمت وتساهم في هذه المشكلة...منها ما له علاقة بوزارة التربية والتعليم ومنها ما له علاقة بالطلبة وأسباب لها علاقة بالأهالي.
فالأهالي اللذين لا يريدون تجميع الصفوف في مدرسة كبيرة تحظى بالأساتذة والمختبرات، ويفضلون مدارس بقرب بيوتهم في الصف الواحد عدد من الطلبة لا يفوق عدد أصابع اليدين، عليهم ان لا يلوموا الا أنفسهم. لقد عرضنا في وزارة التربية حافلات تأخذ الطلبة من بيوتهم وتوصلهم للمدرسة الكبيرة المجمعة فرفض الأهالي.
والطلبة اللذين يغيبورن عن الفصل الثاني في الصف الثاني عشر ليعملوا في جمع المنتجات الزراعية من الحقول مع ذويهم أو بالأجر لابد أن يفشلوا في الإمتحان. الطلبة اللذين لا يملكون ثمن الكتب الخاصة بالثانوية العامة (24) دينار، لايجدون ما يدرسون منه وسيفشلوا.
المدارس التي لا تجد معلما، أو معلما بديلا، أو معلما ملحقا، كيف لطلابها النجاح؟. المدارس التي لا توجد بها مختبرات، وإن وجدت فمغلق عليها، كيف لطلابها النجاح؟ المدارس التي ترتفع الحرارة في صفوفها لدرجة لا تطاق وتفتح شبابيكها عديمة المناخل للتهويه فتدخلها أسراب الذباب، كيف لطلبتها النجاح؟
معظم المشاريع التي طرحتها الوزارة ومن ضمنها المدارس الضخمة لم تعط أكلها. والمدارس التي يتم التركيز على تطويرها تتكرر في كل برنامج من قبل كل منظمة دولية. كأن هناك مدارس محظية وأخرى غير ذلك. والمنظمات المشاركة في التطوير تقدم برامج متشابهة، كم كنت أتمنى أن يكون للوزارة دور في تجميعها وتوجيهها، بدل تبعثرها بحيث تصبح عديمة الجدوى.
لماذا يتركز الرسوب وعدم النجاح في مدارس الذكور ولا نجده في مدارس الإناث؟ وهل لهذا علاقة بتوفر العمل للراسبين في الثانوية برواتب مجزية، بحيث تجعل النجاح" أمرا غير مرغوب فيه"؟.
إن التراجع الذي تشهده المدارس عموما و مدارس في مناطق بعينها لن تصلحه خطط طوارىء، ولا مؤتمرات لن ترى توصياتها الضؤ، وإنما يتم عن طريق:
(أولا) التقييم الحقيقي للطالب في كل صف.
(الثاني) التقييم الصادق للعملية التعليمية والإدارية، وتطويرها، ومحاسبة المعلمين والإداريين في المدرسة المعنية وقبلهم المشرفون التربويون. محاسبتهم على أدائهم كائنا من كانوا، بحيث يتحملوا نتائج أعمالهم.
و(الثالث) فيتم عن طريق تغيير المناهج وتبسيطها وإزالة اللغو والحشو منها.
أما (الرابع) فيكون بتجميع المدارس ذات الصفوف الصغيرة والإمكانات المتواضعة في المدارس المجمعة الشاملة (التي تعمل بأقل من نصف طاقتها)، وإقناع الأهالي بذلك وتقديم الحوافز لهم وللطلبة، وعدم ترك القرار في ذلك لهم.
أما الأمر (الخامس) والأخير فيكون بإجراء التعديل اللازم على النظام الذي يمنع توزيع الكتب مجانا على الصفين الحادي عشر والثاني عشر، وإعتبار ذلك أولوية وطنية (الكلفة المالية مليون ونصف مليون دينار).
يجب العودة للنشاطات التي تحبب الطالب في مدرسته، فما هو المعيب في الرياضة والفن والموسيقى؟ وما المعيب في الرحلات المدرسية العلمية والثقافية؟ لماذا نساعد على حالة الإغتراب بين الطالب ومجتمعه؟
يكون العلاج عادة من مراحل. ويسمى في بعض اقطار شمال إفريقيا بالتدبير، أول العلاج الإدراك بوجود مشكلة والإعتراف بها، والإعلان عنها وليس كنسها تحت السجاد. ثم يأتي من يشخص العلة ويبين مواطن الخلل. ويليه من يقدم العلاج الناجع، الذي يجب أن نتذوقه حتى لو كان مرا.
وعودة لقصة أرض النفاق ليوسف السباعي، ففيها يقول:
نحن شعب يحب الموتى، ولا يرى مزايا الأحياء حتى يستقروا في باطن الأرض.
والله من وراء القصد

أسبوع من ٤ أيام

لم أسمع من قبل أن جامعة يتوقف فيها التدريس ٣ أيام في الأسبوع، وتغلق أبوابها في الرابعة مساء كأي دكان. لا زلت غير مصدق للأنباء التي تتحدث عن إتجاه عدد من الجامعات لتعطيل الطلبة أيام الخميس والجمعة والسبت من كل أسبوع (والتي أرجو أن لا تكون صحيحة) . ماهو الهدف؟ يقول البعض أن هذا التعطيل جاء بناء على إستفتاء أجراه مجلس الطلبة. لو إستفتينا طلبة هذه الأيام لما رغب أحد منهم الحضور للجامعة ولفضل أن يدرس بالإنتساب وأن يحضر لجامعته فقط أيام الإمتحانات
تفتح الجامعات في كل الدنيا ابوابها كل يوم، وترى أضواء قاعاتها ومختبراتها تشع لساعات متأخرة من الليل. إلا نحن نريد أن نداوم بالحد الأدنى، وندرس بالحد الأدني وأن نتميز. كيف؟ قولوا لي كيف أرجوكم
عندما ضرب الإقتصاد البريطاني في منتصف السبعينيات بالإضرابات المتواصلة، لجأت الحكومة البريطانية لما سمي في حينه بالأسبوع ذي الثلاثة أيام وذلك لتوزيع القوى العاملة غير المضربة على ورديات لتسيير الإقتصاد الذى عانى معاناة شديدة.
مالذي يدعونا لإغلاق جامعات ٣ أيام؟ إذن جدلا... يمكن إغلاق جامعتين من كل خمس جامعات لو داومنا ٥ أيام....أنظروا كم سنوفر!!!!!
يجب أن نبين المبررات إن كان هناك أيا منها، دعونا نفهم...إن كان قد فاتنا شيء....قد نكون مخطئين ..لكن أفهمونا كيف؟
يجب تعظيم الإنجاز وليس تقليله، يجب فتح المؤسسات أمام الناس ليستفيدوا...سياسة الأغلاق غير مجدية على الإطلاق. #‏جامعات #‏تطور #‏أردن

ماذا جرى لإستراتيجية التعليم العالي 2007-2012 ؟.....دراسة تحليلية

حتى لانواصل جلد أنفسنا.....
وحتى لا يقال أن أحدا لم يقم بشىْ.....
وحتى لا نواصل مسلسل البحث عن أسباب "تردي" التعليم العالي....
وحتي لا يأتي كل يوم من يريد وضع إستراتيجية جديدة للتعليم العالي....
وحتى يطلع على المعلومات "المغيبة" اولئك اللذبن يناقشون..لعلها تساعدهم في نقاشهم وفي إتخاذ قراراتهم.

فسأعرض في هذا المقال ماذا تم تنفيذه في أستراتيجية 2007-2012 وما لم ينفذ، وما هي الأسباب لعدم التنفيذ، وماهي العراقيل التي ستقف في وجه كل من يحاول تطبيق أي نسخة من الإستراتيجيات، فكلها نسخ عن ما قيل عام 1988، راجيا أن نتذكر أن الأرقام والمعلومات الواردة صحيحة لغاية شهر نيسان 2014. والله من وراء القصد.

لن أتحدث هنا عن إستراتيجية جديدة، أو أناقش إستراتيجية الإستراتيجيات التي هي نسخة عن كل إستراتيجية كتبت وبالتالي لم يكن لها ضرورة وكان الأجدر إستكمال ماجرى ومتابعته، وإنما سيكون حديثي هنا منصبا على الاستراتيجية الوطنية للتعليم العالي 2007 ـ 2012 وماذا تم تنفيذه منها وما بقي، وبالتالي سوف يغطي الفترة من عام 2007 ولغاية 2012.
أولا: نتجت ”الاستراتيجية الوطنية للتعليم العالي، 2007 ـ 2012" عن:
• منتدى مشروع تطوير التعليم العالي من 2000 إلى 2007.
• منتدى تطوير التعليم العالي في البحر الميت، شباط 2007.
• لقاء مجلس الوزراء مع مجلس التعليم العالي خلال يوم كامل لتقييم توصيات المنتدى، أيار 2007.
• وضعت الاستراتيجية الوطنية للتعليم العالي، 2007 ـ-2012.
ثانيا: تبلور”مشروع تطوير التعليم العالي نحو الاقتصاد المعرفي“ من:
• رؤساء الجامعات الرسمية يتشرفون بلقاء جلالة الملك بحضور دولة الرئيس ويتلقون توجيهات سامية لتطوير القطاع، أيلول 2008.
• إجراء دراسات استشارية متخصصة بتمويل من منحة يابانية (2007-2008) تمهيدا لتحضيرمشروع متمم لمشروع تطوير التعليم العالي المنتهي في 2007.
• أطلق اسم ”مشروع تطوير التعليم العالي نحو الاقتصاد المعرفي“ على المشروع المقترح.
• عرضت الملامح الأولية للمشروع على دولة الرئيس بحضور وزراء التعليم العالي و التخطيط والتربية والتعليم (أيلول 2008).
• استكمل وضع الوثيقة الكاملة لمشروع تطوير التعليم العالي نحو الاقتصاد المعرفي في كانون الأول 2008.
وقد تبين وجود مشاكل مقلقة كالتالي:
• تنامي أعداد الطلبة المقبلين على الدراسة الجامعية بتسارع شديد.
• أزمة التمويل الجامعي.
• تراجع في جودة التعليم العالي.
• خلل في كفاية القطاع وفي استغلال الموارد المتاحة.
• خلل في تكافؤ الفرص لمن يرغب في الدراسة الجامعية.
• خلل في حاكمية القطاع و في تطبيق أصول المساءلة.
• خلل في مخرجات كليات المجتمع.
ومن المناسب هنا إعادة التذكير بمحاور الإسترتيجية الوطنية للتعليم العالي (2007 - 2012) وهي ثمانية محاور:
• الحوكمة الرشيدة والادارة الجامعية.
• تطوير اسس القبول.
• تمويل الجامعات.
• تشجيع التعليم التقني (الفني) والتكنولوجي.
• القروض والمنح الطلابية.
• البيئة الجامعية.
• الاعتماد وضمان الجودة.
• البحث العلمي والتطوير والدراسات العليا.
ومن الظاهر والجلي أن مشروع التطوير ما هو الاّ تكرار للإستراتيجية ولم يأت بشيء جديد، وقد انتهى المشروع وفشل عندما عادت الحكومة عن وعدها بالإتفاق مع البنك الدولي للحصول على القرض اللازم للتمويل وبقيت الإستراتيجية هي التي تقود عملية التغيير والتطوير.
كانت سنة 2012 هي السنة الأخيرة من المدة الزمنية اللازمة لتحقيق استراتيجية التعليم العالي والبحث العلمي (2007 -ـ 2012 ) وتنفيذ التوصيات الأولية لمشروع تطوير التعليم العالي والأخذ بتوصيات تقرير رؤساء الجامعات المرفوع لجلالة الملك المعظم. وكان قد تم الإنتهاء من تعديل القوانين الناظمة للتعليم العالي عام 2009 وروجعت عام 2010 لسد بعض الثغرات المتعلقة بالحوكمة الرشيدة والإدارة الجامعية (المحور رقم 1)، وعلى الرغم من ذلك فما زال الجدل يدور حول ضرورة بقاء وزارة التعليم العالي أم الغائها، وهو جدل يعتمد على رؤي مختلفة للذين يطرحونه، وعادة ماتكون حجة هؤلاء القصوى هي إعطاء الإستقلالية للجامعات ومنع وزير التعليم العالي من التدخل في شؤون الجامعة، وهو أمر يجب الا يحدث بأي حال في وجود وزارة أوعدمه أو مجلس تعليم عال أو عدمه. وهذا الجدل سببه الخلط بين استقلال الجامعة واستقلال ادارتها.
وتم كذلك انشاء هيئة اعتماد مؤسسات التعليم العالي لتطبيق معايير الاعتماد العام والخاص على جميع مؤسسات التعليم العالي في الاردن ولضمان جودة مخرجاتها (المحور رقم 7). غير أن هذه الهيئة لم تتجاوز المعايير الترخيصية في اعمالها وأعمال إحصائية متنوعة تتعلق بأعداد الطلبة والسعات الإستيعابية للجامعات. وعلى الرغم من أن الإستراتيجية الوطنية نصت على ضرورة التزام الجامعات الحكومية بأسس الإعتماد بحلول نهاية 2012، الا أن هذا لم يحدث بل علي العكس من ذلك تبتعد الجامعات الرسمية عن تحقيق شروط الإعتماد بالأبتعاد عن الإلتزام بأعداد الطلبة كما تقررها هيئة الإعتماد. ويطالب الكثيرون الآن أن يتم تحويل مهام الإعتماد ليشمل ضمان الجودة. غير أن الهيئة معرضة للإلحاق بوزارة التعليم العالي تحت بند خفض النفقات وهو أمر غير سليم، أذ يجب بقاء الهيئة بعيدة عن الهيمنة الحكومية لدعم مصداقيتها. وهنك باب آخر للجدل المحتدم يتعلق بإمتحان للكفاءة كان، ثم الغي، ثم أعيد يهدف بحسب مؤيديه لقياس مستوى الخريجين. إمتحان كان إجباريا وسيصبح اختياريا وتشوبه هنات كثيرة ليس أقلها جدواه.
وعزز انشاء صندوق دعم البحث العلمي زيادة الانفاق على مشروعات البحث العلمي وتقديم المزيد من المنح لطلبة الدراسات العليا المتفوقين وحماية حقوق الملكية الفكرية (المحور رقم 8)، غير أن هذا الصندوق ولضمان دوامه فقد جرى الإتفاق بأن تقوم الحكومة -ونظرا لإلغاء نسبة ال 1% التي كانت تخصص من أرباح الشركات المساهمة العامة وذلك بسبب القانون الموحد للضريبة- بدفع مبلغ مساو لما تم تحصيله في عام 2009 للصندوق سنويا وقد تم هذا الإتفاق في مجلس النواب عند إقرار الموازنة، غير أن مدير الصندوق قال في تصريح في 15/12/2012 أن الصندوق سيفلس في عام 2016 لأن مالديه من الأموال (34 مليون) ملتزم به ولا يوجد نية لتمويله!!!
لقد بقيت (المحاور من 2 - 6) تعاني من عدم التعرض لها خلال السنتين الأولى (2007/2008) والثانية (2008/2009) من زمن الخطة الخمسية . وشكل (المحوران 4 و 5) مجال الجهد في السنتين الثالثة (2009/2010) والرابعة (2010/2011) وذلك من خلال الجهود المضنية التي بذلت مع الجهات الدولية والمموله وذلك لإقامه الأكاديمية العليا للتعليم التقني وكذلك إنشاء بنك ألإقراض الطلابي.
لقد جابه قانون الأكاديمية العليا للتعليم التقني (المحور4) معارضة شديدة في مجلس النواب على أساس أن الأردن ليس بحاجة لهيئة مستقلة جديده ، وفشلت كل الجهود في اقناع السادة أعضاء المجلس بأن ألأكاديمية هي في حقيقة الأمر جامعة بمسمى مختلف وتم سحب القانون بعد ذلك في عام 2011. لقد جرت إعادة بحث الموضوع في عام 2012 ولكن تحت باب ضم كليات متوسطة لبعض الجامعات المجاورة لها (11/3/2012)، بحيث تقوم الجامعات بمنح شهادات دبلوم في تخصصات تقنية. وعلى الرغم من وجود تجربة ماثلة للعيان تحاول الدولة وضعها على طريقها الصحيح وهي جامعة البلقاء التطبيقية (كانت أساسا تطبيقية ثم تحولت لجامعة تمنح درجات الماجستير والدكتوراة) الا أن هناك من يصر على استنساخ هذه التجربة في جامعات أخرى، وعليه مازال الموضوع معلقا لغاية الآن.
لقد كانت فكرة إنشاء بنك الإقراض الطلابي فكرة رائدة من جميع النواحي. فهو إقتراض بلا فوائد وبلا ضمانات، وبفترة سماح مدتها سنتان ومدة تسديد طولها ثمان سنوات. وقد وافقت كل الوكالات الدولية المالية ووكالات ضمان القروض وضمان الودائع على المشروع الذى كان سيمول ٤٠ الف طالب، ونسي المشروع بعد رحيل الوزارة التي كانت مهتمة بأمره.
لقد توصلت كل الجهات التي بحثت في موضوع إنشاء بنك الإقراض الطلابي إلى أن وزارة التعليم العالي ليس لديها القدرة على إدارة عملية الإقراض حتى بصورتها الحالية (عن طريق صندوق دعم الطالب) والتي تعتريها مشاكل بيروقراطية من أهمها أن يدفع الطالب أولا رسومه ثم تسدد الوزارة عنه الرسوم بعد عدد من الشهور، وعليه فإنه من المناسب أن تكون إدارة البنك (في حال إنشائه) لجهة مالية قادرة على إدارة القروض ومتابعتها.
لقد طفى (المحور 6) والمتعلق بالبيئة الجامعية على السطح بصورة مزعجة إبتداء من عام 2009 وذلك من خلال إحدى المكونات وهي العنف الجامعي وقد ازداد بحيث تم بحث الأمر في جهتين رسميتين مختلفتين عام 2010 توصلتا لنفس النتائج وهما:
• المجلس الإقتصادي الإجتماعي.
• مركز الدراسات الإسترتيجية في الجامعة الأردنية بتكليف وتمويل من وزارة البحث العلمي.
وقد تشكلت بعد ظهور النتائج والتوصيات مجموعة وزارية لبحث الحلول، توصلت لنتائج ونسبت للوزارات المعنية وهي التربية والتعليم، والتعليم العالي، والشباب، وألأوقاف، والداخلية بالإجراءات الواجب اتخاذها للحد من الظاهرة. تم تعميم هذه النتائج والتوصيات على جميع الجامعات للقيام بما تراه اتنفيذها، وتم التركيز على ضرورة الإسراع في الإنتهاء من الكتاب الموحد الجديد والمبسط لتدريس التربية الوطنية للطلاب بمفهوم جديد وعلى أهمية توفير العناصر المختلفة لضمان سلوك جامعي محترم.
كان عام 2012 عام العنف الجامعي بإمتياز وعليه عادت وزارة التعليم العالي لتقديم مشروع لإعطاء صفة الضابطة العدلية للأمن الجامعي في بداية عام 2012، وتم البحث في النظام الموحد لتأديب الطلبة ولم يجر إقراره أو حتى التوصية بها. تم فصل أعداد من الطلبة وتم التراجع بتخفيض العقوبات على البعض. لقد تميز العنف الجامعي بميزة جديدة في 2012 بشموله الأعتداء على ممتلكات الجامعة وخارجها وإشعال الحرائق داخلها وخارجها، لا بل شارك المجتمع المحلي في هذا العنف كما حصل في جامعتي مؤتة والعلوم والتكنولوجيا. لا زال الأمر كما هو ونسمع عن شجارات جامعية/مجتمعية بين الحين والحين.
لقد كان التمويل الجامعي (المحور 3) هو الأساس في كل عمليات التطوير في مختلف أنحاء العالم فيما يختص بالجامعات الحكومية، وقد كان نقص التمويل الحكومي للجامعات تحت ذرائع بعضها صحيح وبعضها غير صحيح سببا في تحقق عجز في موازنات الكثير من الجامعات بسبب تدفق الطلبة عليها بقرارات حكومية، وبسبب مطالب مالية للعاملين. لجأت الجامعات لحل مشكلة التمويل الجامعي بفتح برامج سميت بالموازية لتحقيق الوفر المالي الذي لم تقدمه الحكومة، وقد طغى هذا البرنامج غير المنضبط وغير العادل على مصادر الدخل الأخرى وفرق بين القدرات المالية لجامعات تعج بطلبة الموازي وجامعات أخرى لا يقصد برامجها الموازية أي طلبة لأن هذه البرامج غير مرغوبة. في عام 2010 تم تخفيض عدد الطلبة المقبولين في الجامعات 10% بقرار من مجلس التعليم العالي الذي عاد وفي عام 2011 بزيادة عدد الطلبة المقبولين 20%، واستمر بنفس النهج لعام 2012 وفاقمه بصورة غير مسبوقه في الأعوام التالية.
لقد تمت في عام 2009 و 2010 محاولات للحد من هجرة أعضاء هيئة التدريس من الجامعات بسبب تدني الرواتب، بحيث وافق مجلس الوزاء على رفع رواتب أعضاء هيئة التدريس وتبعهم الإداريون عن طريق تخصيص نسب من الدخل المتحقق من الموازي، وتم وضع اللمسات الأخيرة على انفاق جديد يتعلق بزيادة للرواتب ستؤدي دون أدنى لشك لمفاقمة العجز المالي في الجامعات.
إن كلفة تعليم الطلبة بأعدادهم المتزايدة وتفاقم النفقات الجارية سيضطر بعض الجامعات الى الوصول لحالة لا يمكنها فيها من مواصلة العمل.
كانت الجامعات تتلقى عبر السنين دعمها من مصدرين:
• الدعم الحكومي المباشر (حوالي 12 مليون سنويا لكل الجامعات).
• الرسوم الإضافية التي تحصل ضمن نظام للرسوم الإضافية، وقد كانت هذه الرسوم تحفظ في حساب خاص تتقاسم دخله الجامعات الحكومية منذ أن كانت واحدة (الأردنية) الى أن اصبحت عشرا.
لقد طرا على هذه الرسوم مايلي:
سحبت من الحساب الخاص عام 1997 والحقت بالموازنة العامة، فصار منذ ذلك التاريخ "أن على الرسوم الإضافية دخول الخزينة العامة للدولة ثم الخروج منها للجامعات بعد أخذ ورد".
عندما تم وضع القانون الموحد للضريبة عام 2009 "توقف تحصيل الرسوم الإضافية لحساب الجامعات من أي مصدر"، "وتعهدت الحكومة يومها أمام مجلس النواب بدعم الجامعات بالمال و"كأن الرسوم لم تلغ"، وهو نفس التعهد الذي اشرت اليه في موضوع صندوق البحث العلمي.
قامت الحكومة بتمويل صندوق دعم الطالب من الأموال المخصصة للجامعات وذلك إعتبارا من 2004 وبلغت ذروة الإستخدام في عام 2012.
قامت الحكومة في عام 2005 بالتعهد بتسديد مديونية الجامعات، ليتبين فيما بعد أن الأموال المستخدمة في التسديد هي من الدعم الحكومي، وقد كان عام 2012 هو العام الذي تراجعت فيه وتيرة تسديد الدين وذلك بسبب استخدام بعض ما كان يستخدم لتسديده من أموال لأغراض صندوق دعم الطالب. وعلية فإن تسديد الدين الذي كان يجب أن ينتهي في عام 2014 سيستمر لعام 2016.
وعليه فإن الأموال المرصودة من الحكومة للجامعات تسير في 3 طرق:
• صندوق دعم الطالب
• تسديد المديونية
• وما تبقي يوزع على الجامعات حسبما يرى مجلس التعليم العالي وبموافقة مجلس الوزراء، وقد يكون من المناسب هنا القول أن الصحف في 17/12/2012 قالت أن الدعم الذي وصل للجامعات هو 34 مليون دينار من أصل المبلغ المرصود والبالغ 55 مليون دينار، في حين إستخدمت 19 مليون دينار في تسديد المديونية ودعم صندوق الطالب.
لم يتم الإقتراب من موضوع القبول الجامعي (المحور 2) بصورة مباشرة ولا زالت معايير القبول (شهادة الدراسة الثانوية) وآلياته (القبول الموحد) وأسسه كما هي. وقد جري في بعض السنوات تعديل للأسس وهو أساس المحور الثاني وذلك بإعطاء صلاحيات للوزير لقبول طلبة إستثناء بعدد محدد من غير الأردنيين وعدلت اسس التجسير بين الحين والآخر غير أن شيئا جذريا لم يحدث.
جرت في عام 2012 ثلاثة أحداث هامة في هذا المجال:
إعلان الديوان الملكي العامر ولأول مرة عن توقف إرسال قوائم للجامعات، بحيث أن الديوان سيدعم ماليا بعض الطلبة اللذين يتقدموا اليه شريطة حصولهم تنافسيا على مقعد جامعي.
قام الوزير بعد ما ورد في (1) أعلاه بالتحدث عن القبول الجامعي في إجتماع موسع عام، وسارع الحاضرون الى إستنتاج يتعلق بالمكرمات الآخرى وهو الأمر الذي نفاه الوزير في اليوم التالي
شكل مجلس التعليم العالي لجنة لبحث إمكانية القبول المباشر في بعض التخصصات مثل الطب والأسنان ودكتور الصيدلة، بحيث يتم قبول ضعف عدد الطلبة في الكليات المعنية في سنة تحضيرية ثم يتم فرز الطلبة بناء على معادلة (70% من المعدل التراكمي للمواد + 30% من معدل شهادة الدراسة الثانوية) ، بحيث يبقى النصف وينتقل النصف الآخر (50%) لتخصصات هم حددوها قبل التحاقهم، وقد أحيل الأمر الى اللجنة الأكاديمية لمجلس التعليم العالي لمواصلة بحثه. إن مايسمى بالسنة التاسيسية والتي سيلتحق بها طلبة من الطب وطب الأسنان ودكتور الصيدلة تقتضي دراسة مواد مشتركة وتقتضي كذلك توحيد المناهج في هذه التخصصات لتسهيل انتقال الطلبة. قد يؤدي الأمر إن طبق لأحد ثلاثة أمور:
• أن يلتحق اللذين لم يكونوا من ضمن ال (50%) للبرنامج الموازي مباشرة والذي ترى اللجنة أن القبول فيه غير مشروط.
• أو ان يبادر هؤلاء الطلبة للتسجيل في البرنامج الموازي مباشرة، دون خوض تجربة السنة التحضيرية المشتركة مما سيؤدى لزيادة الطلب على البرنامج الموازي.
• أن يخلق النظام المقترح مشاكل إجتماعية، فعلى اللجنة البحث في كيفية ضمان مقاعد للأوائل في المحافظات، اولئك اللذين كانت مقاعدهم في هذه الكليات مضمونة واصبحت غير ذلك.
لم يبحث الأمر بعد ذهاب الوزير صاحب الإقتراح وبقي الأمر كما هو، بل لقد تمت زيادة مقاعد الكليات الطبية بصورة غير مسبوقة في جميع إنواع القبول.
إن موضوع القبول الجامعي يرتبط بسياسات تعتمد أساسا تنفيذ أحدى أهم نقاط إستراتيجية التعليم العالي 2007 ـ-2012 وهي تخفيض القبول في البرامج على مستوى البكالوريوس الأكاديمي والتوسع في البرامج التقنية بمستوياتها المختلفة وفي الدراسات العليا. لقد أكدت كثير من الدراسات أن عملية الإرتفاع بمستوى التعليم التقني وتحسين أوضاع خريجيه عن طريق زيادة رواتبهم ومساواتها بحاملي الدرجات الأكاديمية والسماح لهم بالتحرك ارتفاعا في السلم الوظيفي والإرتقاء في مسمياته أمور ضرورية لنجاحه. من هنا كان من الضروري تعديل نظام الخدمة المدنية ليحقق هذه الأمور وهو ما تم بعضه في عام 2010 ثم توقف.
يعتقد الكثيرون بضرورة جعل القبول الجامعي تنافسيا، وهو أمر مقبول لو كانت الظروف في المدارس التي تخرج الطلبة ليلتحقوا بالجامعات متساوية بحيث تكون المنافسة عادلة. غير أن واقع هذه المدارس ليس هكذا، فبعضها لم ينجح أي طالب فيها منذ سنوات وبعضها تنقصه الأبنية المناسبة والبنية التحتية الضرورية والمدرسين الأكفاء. وعلى الرغم من هذا فإن دراسات اثبتت أنه لو كان القبول تنافسيا للجميع لحصل كل على نفس مقعده دون استثناء ماعدا كليات الطب والأسنان. وهذه الأخيرة هي سبب المشكلة لرغبة الناس فيها ومحدودية مقاعدها، وعلى العموم فإن الجامعات العامة والخاصة تخرج من حاملي درجة البكالوريوس أعدادا متزايدة تلقي بهم لسوق عمل مشبع غير قادر علي توفير أعداد كبيرة ومناسبة من فرص العمل، والتي وإن توفرت بمحدودية فإن مستوى الكثيرين من الخريجين ومهاراتهم تجعلهم غير قادرين على المنافسة.

التعليم التقني وأهميته في عملية التنمية المستدامة





لقد أدركت الدول الصناعية الكبرى أهمية هذا التعليم في عمليات التنمية، وعملت على تقنينه وهيأت له كل سبل النجاح حتى وصلت به إلى ما هو عليه الآن. بل لقد صبت فيه من الأموال والإمكانات ووفرت له من المدرسين والمعلمين الأكفاء، مما أوصل بعض المؤسسات التي تقدمه إلى مصاف كبرى المؤسسات التعليمية، الأمر الذي دفع بمجموع الطلبة للالتحاق به إدراكاً منهم بجدواه وأهميته وقدرته على توفير فرص العمل والحياة الكريمة لمن سلكوا طريقة.
تعاني سياسات التعليم التقني في كثير من الدول العربية من تأثير أفكار اجتماعية وموروث ثقافي يشدها للخلف، ويعاني كذلك من دفع مجتمعي باتجاه التعليم الأكاديمي، فنسبة الملتحقين بالتعليم الجامعي الأكاديمي إلى أولئك الملتحقين بالتعليم التقني تبلغ ضعفين إلى ثلاثة أضعاف في تلك الدول التي لا يوجد بها فرز للطلبة خلال المدرسة لأولئك الذين يسيرون في كل اتجاه، بمعنى أنه لو ترك الطلبة ليصلوا إلى امتحانات شهادات الثانوية العامة دون فرز، فإن الغالبية العظمى ستذهب للتعليم الجامعي إن أمكنها ذلك.
ويعاني التعليم التقني من افتقار كثير من الدول العربية إلى تشريعات أو كودات تجبر الفنيين على أن يكونوا قد حصلوا على تدريب مقنن مبرمج ينتهي بشهادة أو "رخصة" تحدد أهلية الشخص للقيام بالعمل الموكول إليه. لذلك دخل إلى سوق العمل أشخاص غير مؤهلين قاموا بأعمالهم دون مرجعية مهنية تدريبية فكان نتاجهم على سوية متدنية.
إن الظروف والأنظمة المالية منحازة تماماً للشهادات الجامعية وتعطي حامليها حوافز مالية لذلك وفيما عدا أولئك التقنيون من حاملي هذه الشهادات فإن التقنيين المتخرجين من المعاهد والكليات التقنية المتوسطة يعانون من تدني الرواتب والحوافز المالية مما يشكل قوة طاردة.
تستمد قضية المواءمة بين مخرجات النظام التعليمي ومتطلبات سوق العمل أهميتها من حقيقة أنَ البطالة هي أخطر ما يُواجِه الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي. ولعلّ السؤال المحوري المطروح في هذا السياق هو:
ما جدوى الإنفاق على النظام التعليمي إن لم يكن قادراً على إخراج المنتج التعليمي بالمواصفات التي تحتاجها القطاعات الإنتاجية؟! ثم إن قضيّة المواءمة والربط بين مخرجات النظام التعليمي ومتطلبات سوق العمل، أصبحت هماًّ عالمياً يواجه جميع الدول في العامل بما فيها الوطن العربي؛ لذلك فإنَّ ثُمّة حاجة ماسة لأن تقوم مؤسسات التعليم العالي بإعادة النّظر في الخُطط والبرامج الدراسيّة للجامعات، وربط التخصصات باحتياجات سوق العمل، واتخاذِ إجراءاتٍ إصلاحيّةٍ لرفعِ سوية التعليم التقنيّ التطبيقي خاصَّة، والاهتمام بالتخصصات الجديدة، وتكنولوجيا التعليم، ومتطلباتِ العصر ومستحقّاته، والعمل على تطوير المناهج، لتمكينِ الخريجين من التعامل مع الواقع والمستقبل ورسمِ المعالمِ للأجيال القادمة.
ولذلك فنحن مدعوون للبحث في كل هذه القضايا واستنباط الحلول لها ووضعها في مسارها الصحيح خدمة لأهداف التنمية وتعظيم القيمة المضافة للكوادر البشرية.

كلمة  في جامعة البلقاء التطبيقية،  14/9/2009

Featured Post

PINK ROSE