مسرح اللامعقول …وإمتحان الكفاءة الجامعية


مسرح اللامعقول …وإمتحان الكفاءة الجامعية

تذكرت اليوم بعض الكتاب مثل بيكيت Becket و مسرحيته "في إنتظار جودو" وأداموف Adamov أبطال مسرح اللا معقول الذي ظهر في منتصف القرن الماضي، وتذكرت معهم كتاب “يا طالع الشجرة” لتوفيق الحكيم ومسرحية “الفرافير” ليوسف إدريس و مسرحية صلاح عبد الصبور الشعرية “مسافر ليل”.
أقول هذا بمناسبة ما كتبه

الأخ حاتم العبادي في جريدة الرأي
و الأخ تيسير النعيمات في جريدة الغد
                                          والأخت آمان السائح في جريدة الدستور


من أن مجلس التعليم العالي قد أصدر قرارا يجعل إمتحان الكفاءة الجامعية شرطا للتخرج ويطلب فيه من الجامعات عدم تسليم الشهادات للخريجين من حملة البكالوريوس دون أن يكونوا قد اجتازوا امتحان الكفاءة الجامعية . وهو أمر فيما أرى يخالف كل القوانين وكل الأنظمة وكل التعليمات، فهذا القرار ليس من صلاحية مجلس التعليم العالي ( أنظر المادة ٦ من قانون التعليم العالي لسنة ٢٠٠٩ عن صلاحيات المجلس) لآنه بهذا يتدخل في تعليمات منح الشهادات العلمية، وهو قرار يتجاوز السلطات الجامعات ومجالس عمدائها وهي الجهات المناط بها إصدار الدرجات العلمية ومنح الشهادات.
ينص نظام رقم (٨٥) لسنة ١٩٨٤ نظام منح الدرجات العلمية والدرجات الفخرية والشهادات في الجامعة الأردنية، الصادر بمقتضى المادة (٣٤) من قانون الجامعة الأردنية رقم (٥٢) لسنة ١٩٧٢، على ما يلي:
المادة (٣): أ- يصدر مجلس العمداء تعليمات تحدد المتطلبات والشروط اللازمة لمنح الدرجات العلمية والشهادات…الخ.
المادة (٤): أ- تمنح الدرجات العلمية والشهادات بقرار من مجلس العمداء….إلخ.
وتنص المادة (٣٥ أ) من تعليمات منح درجة البكالوريوس في الجامعة الأردنية الصادرة عن مجلس العمداء بقراره رقم (١٧٨١/٢٠١٤) تاريخ ٢٠١٤/١٢/١٥على ما يلي: 
(٣٥): أ- تمنح شهادات التخرج عند استحقاقها في نهاية كل فصل ويكون حفل التخرج مرة واحدة في العام في نهاية الفصل الثاني.
هنا قد أتساءل هل يعني هذا مثلا أن على طالب كلية الطب الذي يتخرج من الجامعة في مساء ذات يوم في حفل عام أن أقول له إنك لن تستطيع أن تتسلم شهادتك الا إذا إجتزت إمتحان كفاءة جامعي ( وأعتقد أن هذا الامتحان سيكون في مواد ليس لها علاقة بالطب، وإلا كان الإمتحان كمثل الامتحان الذي يعقده المجلس الطبي الأردني)؟. وعليه فإن جلس الطالب لهذا الامتحان ولم يحالفه الحظ بإجتيازه فهل هذا معناه انه لن يستطيع الإلتحاق بسنة الامتياز؟ أو السفر من أجل التخصص أو عمل أي شيء؟ لأن هذا ما يريده مجلس التعليم العالي.
هذا الأمر ينطبق على كل التخصصات المحاسبة والتأهيل والصيدلة والتربية الرياضية وطب الأسنان وغيرها، وعلى كل الطلبة من مختلف الجنسيات عربا وأجانبا، وبالتالي فقد يقرر الطلبة من تلك الجنسيات إلا يأتوا الى الاردن خشية ذلك الامتحان المصلت على اعناقهم، وبالتالي سيذهبون لدول أخرى. إني أعتقد انه قرارا كهذا هو قرار خاطئ. قد تكون الفكرة جيدة ولكن تنفيذها خاطيء. أن كان مجلس التعليم العالي وهيئة الاعتماد يريدان التأكد من جودة المخرجات فليست هذه هي الطريقة، وليس الأجبار هو السبيل، وليس منع الناس من حقوقها هو السبيل. لابد من البحث عن ميكانيكية أخرى للتأكد من سوية الخريجين وسوية الجامعات التي خرجتهم، فلا يجوز أخذ الطلبة بجريرة جامعاتهم.

إلغاء البرنامج الموازي؟؟؟؟

في الأحاديث التي تدور عن إصلاح التعليم العالي، أحاديث كثر عن إلغاء البرنامج الموازي للطلبة الأردنيين وقصره على الطلبة الأجانب فقط تحت مسمى البرنامج الدولي. وكما نعلم فالموازي هو الشر الذي لجأت الجامعات له لتحصيل المال للإنفاق على نشاطاتها المختلفة في ضؤ تدني أو شح الدعم الحكومي. لقد كانت الجامعات قادرة على تدبير أمورها عندما كان بها ألف طالب وخمسين أستاذا. ولكن عندما يصل الطلبة إلى ٣٠٠ الف والأساتذة الى ١٠ الاف فيصبح المال ضروريا للغاية. أعود للموازي فأقول أن إلغاء الموازي وهو عمل إصلاحي، يجب أن يكون فرصة لإصلاح قضايا أخرى مثل الإعتمادية والجودة ومثل نسبة البرنامج العادي للبرنامج الدولي من عموم الطلبة المقبولين. ومادام الأمر كذلك فليكن الحل منطقيا وقابلا للتطبيق تتاح فيه الفرص للطلبة الأردنيين على البرنامج العادي، وللطلبة الأجانب على البرنامج الدولي بنسبة معقولة كالتي أقرها مجلس التعليم العالي أو حولها، وتطبق قرارات هيئة الإعتماد المتعلقة بأعداد الطلبة والبنية التحتية، ويجري تعويض الجامعات عن أي خسائر مالية. إن جرى إصلاح كهذا يراعي العدالة والمساواة فسيصب في رفع مستوى الرضى لدى الطلبة ويزيد من دافعيتهم.

إذ بلغ الفطام لنا رضيع ... تخر له الجبابر ساجدينا

لي صديق له زوجة فاضلة، عاشا معا ٣٠ عاما من الزواج الرائع فانصهرا وأصبحا شخصا واحدا. عندما يريد أن يتكلم تسبقه وتقول ما كان يود النطق به. تعرف ما في داخل دماغه قبل أن يفكر فيه. ونفس الشيء ينطبق عليه هو، فهو يعرف ما ستطبخ لغدائه من النظر لعينيها وحركتها، فالمنسف له حركات معينه، والمجدرة كذلك، وعدم وجود غداء له نظرات مختلفة.
من كثرة إستماعها له، أصبحت خبيرة بعمله، فهو طبيب عام، أصبحت تعرف ما هو الهستامين ومضاداته، والقرحة وأعراضها، والنزلة المعوية ونتائجها. ولكثرة إستماعها له وهو يحدث مرضاه أصبحت طبيبة دون أن تدري ودون الإلتحاق بكلية طب. أقصد أنها لو تقدمت لفحص عام فقد تنجح فيه لخبرتها العملية.
تستطيع هذه السيدة الفاضلة أن تقول لك لماذا يجب أن يؤخذ مدر البول في حالة الإصابة بإزتفاع الضغط الشرياني، وتزيد بأن تقول لك أن حبة الدواء هذه لا يجوز أن يتم تناولها في الليل والا قضى الشخص ليله مستيقظا. تستطيع هذه السيدة أن تخبرك بالأطعمة الواجب تجنبها إن كنت تعاني من القولون المتشنج، و أن عليك ترك التدخين والقهوة معا.
تنصح السيدة الفاضلة صديقاتها عند الإلتقاء صباحا لشرب فنجان القهوة بما هي أحسن الممارسات الطبية لعلاج كذا وكذا، فأدوية تخفيف الدهنيات تسبب وهن العضلات، والجلوس في الشمس لن ينتج فيتامين د إن لم يكن لديك في جسمك المواد اللازمة لذلك.
نتحدث نحن معشر الأطباء في صنعتنا أمام كل الناس ونتباهى بها لدرجة أننا كشفنا أسرارها. فأصبح الكل يفتي فيها. الكل أصبح طبيبا ومعالجا، وأنت تجلس في المجالس تستمع للفتاوي ولا يعيروك إهتماما مع علمهم أنك طبيب، وقد يتأدب أحدهم بعد أن يدلي بدلوه ويأتي على سيرة مالك وكيف أنه لا يجوز الفتوى وهو موجود. أصبح الكل بروفيسورا مع أن أيا منهم لم يقترب من طالب إلا عندما زامله في كلية للطب. ولم يدخل جامعة بعد تخرجه منها أو من غيرها.
أصبح البعض نجما على شاشات التلفزيون يشرح "للعامة" كل شيء، يريهم كيف يعمل المنظار ويشرح لهم عن الأنابيب، والقنوات، وكيفية الربط والحل. ويقول لهم أن حصى المرارة أنواعا كثيرة منها ما هو ناتج عن زيادة كذا، وماهو ناتج عن تكسر كذا، يحدثهم بأمور لا ضرورة لأن يعرفوها. يكفي أن يعرفوا أن وجود الحصى في المرارة أمر مضر ويجب علاجه.
نعود للسيدة الفاضلة، فهي ليست طبيبة ولا يجوز أن تفتي في الطب، ولغير الأستاذ فهو ليس بروفيسورا ولا يجوز له أن يدعي بذلك، ويجب علينا أن نقول لها وله أن ما يفعلاه خطأ. لا أعتقد أننا سننجح، فقد كسرت الجرة منذ دهر ولا يمكن إصلاحها، سيرفضان دعواتنا لأنهم منا، ونحن أناس تعودنا التدخل في شؤون الغير، والإفتاء فيما لا نعرف، والإدعاء بما ليس فينا، فهي طباع لن نستطيع التخلي عنها

Featured Post

PINK ROSE