التعليم العالي في المملكة الأردنية الهاشمية


الحديث في التعليم العالي أمر شائك في العموم، فكيف إن كان أمام متخصصين فيه، لكل رؤيته ووجهة نظره. وعليه فسأتحدث في أمور إجمالية متفق عليها على الأقل لكونها وردت في الإستراتجية الوطنية للتعليم العالي التي أقرت عام 2007. 

لم يكن في  الأردن في العشرينيات من القرن الماضي غير 25 مدرسة فيها 35 معلما و 6 معلمات. ففي عام 1923 كان لدينا 3 مدارس ثانوية هي السلط وإربد والكرك وكانت مدرسة السلط هي المدرسة الثانوية الوحيدة الكاملة. ولقد بلغ عدد مدارس المملكة في عام 1953 (1000) مدرسة فيها (200000) طالبا. وكان هناك  في عام 1951 صف واحد لتأهيل المعلمين في كلية الحسين سمي ب"صف المعلمين" وكانت مدة الدراسة فيه عاما واحدا ولم يخرج الا فوجين اثنين.

تم افتتاح دار المعلمين في عمان عام 1952/53 وافتتحت في نفس السنة دار للمعلمات في رام الله، وافتتحت على التوالي دور للمعلمين في بيت حنينا وحوارة والعروب في أعوام 1953، 1956 و1958   

يتمتع الشباب الأردني بدافعية كبيرة للتحصيل العلمي كانت بادية منـذ تأسـيس المملكة. وقد قصدوا الى الدول المجاورة لعدم توفر تعليم عال متقدم هنا. وعليـه كانـت دمشق وبيروت وبغداد والقاهرة محجا لغالبية الطلبة وفي مرحلة لاحقة جاءت تركيا لتـسد النقص في بعض التخصصات. لم يخل الأمر من اؤلئك اللذين قـصدوا الـدول الغربيـة للحصول على شهادات الدكتوراة.

لقد كان انشاء الجامعة الأردنية في أوائل الستينات من القرن الماضي تجـسيدا لرغبة الناس واستشرافا من الدولة الأردنية لأهمية بناء المواطن وهو ذخرنا الوحيد في بلد يخلو من المصادر الطبيعية. وكانت الفكرة قد اختمرت في فكر اعضاء مجلـس التعلـيم العالي الذي انشىء عام  1953.  فآصدر جلالة المغفور له الملك حسين بن طلال ارادتـه في 1963/2/12 الى رئيس الوزراء لتشكيل اللجنة الملكية لشؤون التربية تكون مهمتهـا الأولى تقديم المقترحات بشأن انشاء جامعة أردنية. وتبع ذلك يإصدار نظام سياسة التعلـيم العالي الذي نص على بذل الحهود الحكومية والخاصة لإنشاء جامعة اردنية تلبي حاجـات التعليم المتزايده . 

لقد لخص جلالة المغفور له الملك الحسين طيب االله ثراه رسالة التعليم العالي في خطابه في حفل تخريج الفوج الثامن  من طلبة الجامعة الأردنية  ( (1973/1972  حين قال " حين قامت هذه الجامعة لم يكن من أهدافها أن تقدم للأردن أفواجا مـن ذوي الألقـاب وحملـة الشهادات، ولكن هدفها الأكبر كان وسيبقى أن تقدم للأردن وللعـرب أفواجـا مـن ذوي الطاقات واصحاب القدرات" . وهي نفس الرؤية التي مافتىء جلالة الملـك عبـداالله بـن الحسين يرددها على مسامع المسؤولين في التعليم العالي كلما التقى بهم .

لم يحص أحد عدد اللذين تخرجوا من الجامعات الأردنية على مر السنين، ولكنهم يعدون بمئات الآلاف. وقد تفاوت المستوى بين جامعة وأخرى ومن سنة لسنة.ولكن هؤلاء الخريجين قصدوا مشارق الأرض ومغاربها وساهموا في بناء مجتمعاتها وإقتصادها 
  
تجاوز التعليم العالي الجامعي في الأردن يوبيله الذهبي، وانتقل من مرحلـة الطفولة الصعبة الى مرحلة الشباب بسرعة فائقة، كان الإنتقال كالطفرة، سريعا لاتحكمـه ضوابط واضحة، (4 جامعات في  30 سنة ثم 26 جامعة منها 6 جامعات حكومية في 20 سنة )،  والطفرات - ولكونها غير طبيعية - لا قدرة لها على البقاء، فبدا الإنهاك على التعليم العالي ودب فيه الوهن. لقد كان كالجسم الذي يتمدد داخل ثوب لايسعه، فتمزق ثوبه وتعاقب الحائكون على الثوب ترقيعا وتجميلا وهم لايعلمون أن العلة في الجسم لا  في الثوب  .

كنت أتساءل دوما ومازلت، إن كان العقل هو نفس العقل، وإن كان العلم هو نفس العلم، وإن كان الكتاب هو نفس الكتاب، فلماذا تبدو الفروق واضـحة بـين خـريج جامعاتنا وخريج الجامعات الغربية؟ هل العلة في الطالب أم في  الأستاذ أم العلة في طرائق التـدريس؟. وكنت أتساءل كذلك ومازلت، هل نريد جامعاتنا نسخة طبق الأصل عن بعضها، فيها نفس الكليات ولها نفس الرسوم؟ وهل هي مكان للتوظيف حتى لغير المؤهلين؟ وكـان أكثـر مايحيرني هو التفكير بكينونة رئيس الجامعة، هل هـو موظـف إداري لتـسيير الأمـور اليومية، أم هو قائد ذو رؤية، هدفه رفعة الجامعة وتطويرها؟

لماذا يسمح الأستاذ لنفسه بأن ينتقص من قيمته باللهاث وراء المال تارة في بيع الدوسيهات وتارة بالأشغال الحرة خارج الجامعة. ولماذا يمنع الأساتذة الطلبة من النقـاش ويصرون على وضع الأسئلة من محتويات قصصاتهم؟ وكيف يمكن للطلبـة أن يرتـادوا مكتبة إن كان أعضاء مجالس الطلاب تنسخ ما يتفوه به الأستاذ وتبيعه للطلبـة مهـضوما جاهزا؟. وكيف نطلب بحثا علميا ورسائل جامعية إن كان الطلبة يحـصلون عليهـا مـن دكاكين شارع الجامعة مقابل المال؟.

كان بودي لو انني جمعت ما نشر من قرارات لمجالس التعلـيم المتعاقبـة فـي الصحف اليومية حتى يتبين كم من التضارب والتناقض في هذه القرارات. بعض القرارات الغيت دون أن يجف الحبر الذي كتبت به، وبعضها رجعت المجالس عنه بعد أن فرضـته  سابقاتها على الرغم من التنبيه والتحذير. كيف يمكن للسياسة التعليمية أن تستقر أن كانـت تغير كل يوم؟.

يعاني التعليم العالي اليوم من مشكلات عديدة تتمثل في تخبط قرارات مجـالس التعليم العالي وفي التوسع العشوائي في قبول الطلبة. كما يعاني من ترهل وضعف سـوية أعضاء هيئة التدريس، ومن قدم وتخلف المناهج الدراسية وعدم مؤاءمة طرائق التـدريس للهدف المرجو. لذلك يمر الطلبة في الجامعة مرور الكرام، نادرا ما تراهم في مكتبـة أو يحملون كتابا، وتخلو الجامعة من اساتذتها بعد أعطاء حصصهم، فكـأن وجـودهم فيهـا طارىء او هي مكان غير مرغوب فيه تجب مغادرته  .

لقد دفعت الجامعات الحكومية للبحث عن مصادر تمويل لتغطية نفقاتها المتزايدة نظرا لزيادة أعداد الطلبة ولتدني الدعم الحكومي. فلقد انفقت الدولة على جامعاتها الأربعة 331 مليون دينار أردني من 1962-ـ 1992، وأنفقت 927 مليون دينار أردني على جامعاتها العشر من  1993 ـ 2012 . وتم الطلـب مـن الجامعات أن تسثمر أموالا لاتملكها لتوفير دخل لها.  وعليه فقد انخفض مقدار الدعم الحكومي للطالب الواحد من 800 دينار عام 2002 الى 200 دينار عام 2012

وجدت الجامعات أن أسـهل طريـق لذلك هو البرامج الموازية فازدادت اعداد الطلبة دون أن يصاحب ذلك زيادة فـي اعـداد اعضاء هيئة التدريس او سياسة واضحة للأبتعاث. والتحق طلبة مـن مـستويات متدنيـة بالدراسة في صفوف تكتظ بالطلبة او مدرجات عفا عليها الزمان، فتوقف التفاعـل بـين الأستاذ والطالب  على قلته اصلا، ونشأت حالة من الإغتراب بين الإثنين . 

هل كان اللـذين قالوا أن الصف المثالي يجب الا يتجاوز عدد طلابه في أي ظرف 25 الى-40  أغبياء، بحيث نتعـدى ذلـك لصفوف تتجاوز المئة طالب؟ وهل من المعقول على سبيل المثال أن يكون عدد المقبـولين في كلية طب معينة 600  طالب في السنه؟ في حين أن العدد الذي تدعمه البنيـة التحتيـة والمستشفيات الجامعية واعداد اعضاء هيئة التدريس يجب الا يتجاوز الخمسين. ألن ينعكس هـذا علـى سـوية الخريج؟ الن يؤدي هذا الى اطباء يعرفون الكثير من المعلومات والقليل مـن المهـارات؟ وكيف إذن سنبرر مايجيء في تقارير الممتحنين الخارجيين والأجانـب مـن أن هـؤلاء الأطباء تنقصهم المهارات السريرية لأنهم لم يجدوا الفرصة اللازمة لتعلمها لـنقص فـي البنى التحتية والمدربين؟

 يمكن سحب المثال السابق على معظم الخـريجين اللـذين تفيـد التغذية الراجعة بأنهم يفتقدون المهارات اللازمة لشغل فرص العمل المتاحة وانهم يحتاجون لفترة تأهيل قبل مباشرتهم لأعمالهم، الم يكن الأجدر بالجامعة التى تخرجوا منها أن تقـوم بذلك؟ بدل أن يرفضهم المشغلون لعدم أهليتهم؟

 كيف يمكن لنا أن نعدل وبقرار واحد كينونة جامعة؟ ألم نتعلم من الخطأ الذي اقترفناه عندما حدنا بجامعة البلقاء التطبيقية عن مسارها التقني فأمست تمنح الدرجات العلمية في مواضيع إنسانية وإجتماعية؟ إذن كيف لنا أن نبرر إفتتاح كلية للطب في جامعة اليرموك ونحن نعرف أننا في فترة سابقة وبعد دراسة سلخنا من اليرموك جامعة اصبحت من أكبر جامعاتنا وأرقاها وأنطنا بها مهمة الكليات العلمية المتخصصة من طب بشري وبيطري وأسنان وصيدلة، في حين ابقينا لليرموك ما تميزت به وهي العلوم الأساسية والعلوم الإنسانية والإجتماعية  .
  
طالب بعض ممثلي الشعب في وقت سابق في لجنة تعنى بالتعليم، طالبوا وزيرالتعليم العالي أو المسؤولين في هيئة الإعتماد بعدم نشر اسـماء الجامعـات المخالفـة أو المقصرة، أو تلك التي تقبل الطلبة ولا توفر أعضاء هيئة تدريس. مـع أن العكـس هـو الواجب، إذ يجب اعلان اسماء الجامعات المخالفة حتى يعرف الطلبة ذلك ويتجنبوها أو أن يقوم القائمون عليها بإصلاح الأوضاعع فمعايير الأعتماد والإلتزام بها هما عاملان ضـمن كـم كبير من العوامل التي تستخدم لترتيب الجامعات والتخصصات من الأحسن للأسوأ. الـسنا نطلب الشفافية والحاكمية الجيدة واطلاع الناس على مايقدمون عليه ليتحملوا نتائج اختيارهم حتى لايلوموا واضعي السياسات؟.

يوجد في خزائن وزارة التعليم العالي كم كبير من الدراسات المحليـة والدوليـة ومن ضمنها دراسة شاملة قام بها البنك الدولي، وتقارير ورشات عمـل شـاركت فيهـا الجامعات الحكومية كلها بتوجيهات من الدولة الأردنية، تحدد جميعها مشاكل هموم التعليم العالي وطرق النهوض به وقد قام المسؤولون في وزارة التعليم العالي بتضمين نتائج هذه الدراسات في الإستراتيجيات المتعاقبة للتعليم العالي بحيث تم تحديد المشاكل والحلول. لقد جرت محاولات لتطبيق الإستراتيجيات ولكن ذلك كان يجابه دوما بالتردد في التطبيـق أو تغيير القرارات أو عدم السير في المشوار لنهايته، إما لضبابية الرؤية لـدى الـبعض أو للرضوخ للضغوط لدى البعض الأخر، أو لرغبة البعض في التغيير بهدف التغيير للإيهـام بالحركة  .

لازالت الجامعات الخاصة تشكل هما مقلقا لواضـعي الـسياسات التعليميـة، و لازالت العلاقة بين المال والأكاديميا غير واضحة المعالم. ولازالت القرارات المتعاقبـة المتخبطة بالسماح وبالمنع وبرفع المعدلات وتخفيضها تحول دون استقرار العرف الجامعي وثبات التعليمات. فالجامعات على الرغم من كل التطـور العلمـي والتكنولـوجي تبقـى مؤسسات محافظة لها تقاليد راسخة حتى في اعرقها  وعليه يجب الوصول سريعا لحلول ناجعـة لمنع تدخل المال في القرار الأكاديمي ويجب ارساء قواعد تتيح لرئيس الجامعة الخاصـة ممارسة صلاحياته غير المنقوصة ودون تدخل من مالكي الجامعة أو مجالس امنائها  .

إن كنا نعتقد بضرورة ضمان مستوى على قدر من الأهلية لمخرجـات التعلـيم العالي الخاص فيجب ضمان مستوى معين من مدخلاته وبالتالي فإن التخفف فـي القيـود على شروط القبول سيكون له مردود عكسي على مستوى الخريجين. إذ من غير المنطقي أن نقبل حدا أدنى للأهلية للإلتحاق ببرنامج معين في جامعة حكومية، في حين ننزل بهـذا الحد الأدنى في جامعة خاصة. أننا نفترض في هذا الطرح أن الفرق في شروط القبول لن يؤدي لإختلاف في المخرجات، فلماذا وضع شروط مختلفة ابتداء؟   

عندما نقبل في سنة معينة اربعين الفا أو خمسين الفا من الطلبة، فمعنى هذا أنه سيتخرج من الجامعات في سنة لاحقة نفس تلك الأعداد منقوصا منها عدد اللذين تركوا أو رسبوا. هل ندرك أن علينا توفير اربعين الفا او خمسين الفا من فرص العمل لهـؤلاء الخريجين سنويا في مختلف التخصصات، أم أننا لاندرك أن سياسة الأرضاء بالتوسع فـي القبول في الجامعة هي من أهم اسباب زيادة البطالة. إن مشاكل ومتطلبات وتوقعات حامل درجة البكالويوس اكبر بكثير من مشاكل ومتطلبات وتوقعات خريج التوجيهية. فلماذا إذن نصر على الحاق الأذى بأنفسنا؟. لماذا لا نستمع لأصوات المنادين بآن السوق مشبع بالتخصصات الهندسية مثلا؟ ولماذا تذهب صيحات رئيس ديوان الخدمة المدنية أدراج الرياح عندما يقول أن لديه 270 الف طل‍ب؟ أو نتائج دراسات المركز الوطني لتنمية الموارد البشرية عن سوق العمل؟

في الثمانينيات من القرن الماضي وتحت ثأثير مفاهيم تتعلق بالدراسة الجامعيـة المتوسطة لتوفير فنيين مؤهلين في تخصصات تتطلبها عملية التنمية، انبثقت فـي الأردن أعداد هائلة من الكليات الجامعية المتوسطه بلغت 85 كلية. لقد كان التوجه سـليما ولكـن وكالعادة انحرف التطبيق عن المسار وشوهت الفكرة. لقد سمح التطبيق غير السليم علـى فتح مجالات لسنا بحاجة لها في سوق مشبع بهذه التخصصات، بحيث اصبح الخريجـون قوى ضغط أدت لفتح باب سمي في حينه بالتجسير، وابتدعنا امتحانا شاملا يشابة امتحـان الثانوية لتققيم الخريجين والسماح لمن حقق معدلات عالية فيه أن يلتحـق بالجامعـات. إن هدف الملتحقين بالكليات المتوسطة هو الإلتحاق بالجامعة إن أمكن ولو تمكن الجميع مـن تحقيق الشروط وكانت المقاعد الجامعية متوفرة لبادر جميـع الطلبـة بإكمـال دراسـتهم الجامعية. وعندما حفضنا معدلات القبول في الجامعات الخاصة إنتفى الغـرض مـن فـتح الكليـات الجامعية المتوسطة، إضافة لذلك عندما يخير الطالب الذي لم يتمكن مـن الإلتحـاق فـي جامعة حكومية، بين جامعة خاصة وكلية متوسطة فخياره واضح إن ملك المال اللازم. لقد أدت هذه السياسات إلى إغلاق معظم الكليات المتوسطة ابوابها. لقد كان فتح التخصـصات في الكليات الجامعية عشوائيا وكان يتم احيانا بناء على رغبة وزارة التربية والتعليم لـسد حاجاتها من المدرسين، وعندما ارتأت الوزارة في وقت لاحق أنها بحاجة فقط لمعلمين من حملة البكالوريوس، بقي أولئك الملتحقون عالقين في برامج لا مستقبل لها. حـدث نفـس الشيء لاحقا في تخصص معلم الصف وهكذا. لقد جرى نفس هذا التحول في الإبتعاد عن الهدف الأصلي في جامعة انشئت اساسا لتكون جامعة تطبيقية واصبحت غير ذلك. ونسمع الأن دعوات لإحياء التوجه القديم بعد أن قمنا بقصقصة اجنحته، وكأننـا نملـك رفاهيـة الوقت  .

إن استقلالية الجامعات ـ وليس إداراتها ـ امر على قدر كبير من الأهمية يجب تأكيدة وتطبيقه على ارض الواقع، هذا الإستقلال هو الذي يحمي الأكاديمية من التدخل فيها. فـوزارة التعلـيم العالي لها سلطة وضع السياسات ومتابعة تطبيقها ولا علاقة لها بتسيير الأمور اليوميـة، ولا سلطة لوزير التعليم العالي عليها إلا تلك التي يتيحها له القـانون ضـمن صـلاحيته كرئيس لمجلس التعليم العالي، فلايجوز له أن يتدخل في قرار جامعي ولا أن يترأس أيا من مجالسها. ويجب أن تكون قراراتها الأكاديمية خاضعة للطعن فقط ضمن مجالسها) مجلس العمداء والجامعة والأمناء(  وليس خارجها ، من نافلة القول أن الأستقلال لايمكن تحقيقه إلا عند ضمان الإستقلال المالي وبدونه فإن من يقدم المال قد يتدخل ليحدد كيفية انفاقه، وأن الإستقلال لا يعني غياب الحاكمية الجيدة وعدم المساءلة  .  

ويمكن تلخيص أبرز التحديات التي تواجهها مؤسسات التعليم العالي بما يلي:
 1-  ضعف الأداء المؤسسي في معظم مؤسسات التعليم العالي، وعدم وجود خطط تنفيذية ومؤشرات قابلة للقياس وغياب الشفافية والمساءلة.
2- العجز السنوي في موازنات الجامعات، بسبب عدم تغطية وارداتها لنفقاتها التشغيلية والرأسمالية ونفقات الصيانة، وتحويل نسب مرتفعة من الدخل المتحقق من رسوم البرامج الموازية لأجل منح زيادات في رواتب أعضاء هيئة التدريس ثم سحبها لتشمل الإداريين ومكافأت نهاية خدمة. وقد بلغ العجز المعلن في موازنات الجامعات (الأردنية واليرموك ومؤتة) مجتمعةً لعام 2012 مبلغ 61 مليون دينار.
3- استنزاف الموارد المالية لتسديد المديونية والتي بلغ غير المسدَّد منها حوالي 50 مليون دينار مع نهاية عام 2012، وكان من المفروض أن يتم سداد المديونية في نهاية عام 2014، غير أن هذا الأمر قد تأخر بسبب توجيه الدعم لأمور أكثر أولوية، ويتم التسديد من الدعم الحكومي مباشرة عن طريق وزارة المالية.
4- تراجع نسبة أعداد الهيئة التدريسية إلى أعداد الطلبة وانحرافها بشكل ملحوظ عن المتوسط العالمي (30:1).
5- عدم قدرة الجامعات الرسمية على استكمال البنى التحتية فيها.
6- زيادة نسبة أعداد الكادر الإداري إلى الكادر التعليمي، الأمر الذي يزيد من الأعباء المالية على الجامعات (1:3).
7-ابتعاد الجامعات التي أُنشئت للتركيز على التعليم التقني والتكنولوجي عن أهدافها، حيث استُحدثت فيها برامج أكاديمية في العلوم الأساسية والإنسانية والاجتماعية.
8- انخفاض أعداد الطلبة المتوجهين لكليات المجتمع المتوسطة في السنوات الأخيرة، بالرغم من أن الإحصائيات تشير إلى حاجة سوق العمل إلى المزيد من حمَلة الدبلوم التقني.
9- عدم تغطية الرسوم الجامعية من برامج القبول العادي للتكاليف التشغيلية في الجامعات، والذي أدى إلى وجود برامج أخرى للقبول، كالموازي والدولي، أثرت في مبدأ العدالة وتكافؤ الفرص، وهذا يستدعي إجراء مراجعة شاملة لأسس القبول.
10-           تردي البحث العلمي التطبيقي المساير لحاجات التنمية، وقلة فرص تمويل المشروعات البحثية، وعدم كفاءة مشاريع البحث المقدمة لصناديق التمويل.

أجتهد فادعو لأخذ برهة للتأمل والدراسة، وأن نـضع حـدا لإتخاذ قرارات تغيرية خلالها. ندرس في هذه البرهة من الزمن كل ماجرى ونعيد التقييم، ولا يهم كم تطول البرهة، فما جرى قد جرى. ولكن وعندما نتوصل لقناعاتنا فـي كيفيـة تغيير المسار، يجب أن نطبقها على الجميع، وأن نتشبث بها وندافع عنها لتـستقر مكونـة العرف التعليمي الجامعي، وأن نراجعها دوريا لتحسينها. دعونا نعيد الألق للتعليم الجامعي الأردني ولمؤسساته ولرؤساء جامعاته، فقد يظهر اسم احد جامعاتنا في قائمة احـسن  500 جامعة في العالم في مقياس شنغهاي آو جريدة التايمس ، بإمكاننا ذلك، الم تكن جامعات القيروان والزيتونة الأولى في المركـز الأول قبل جامعة باداوا وغيرها، الم نستنبط في القيروان لقب استاذ الكرسي قبل أن يعرف العالم الأستاذ؟


كلمة القيت بمناسبة احتفال مستشفى الجامعة الأردنية بالذكرى الأربعين لإفتتاحه في 28/10/2013
    

Featured Post

PINK ROSE