القبول الجامعي والعدالة والأمن المجتمعي

القبول الجامعي والعدالة والأمن المجتمعي

كشفت مصادر في وزارة التعليم العالي عن توجه بتحويل القبول في الجامعات ليكون على مستوى الكليات، وليس على مستوي التخصصات مباشرة. وقالت المصادر ان مجلس التعليم العالي سيدرس هذا التوجه الذي تتضمنه الإستراتيجيه الوطنية للتعليم العالي للأعوام ٢٠١٤ -ـ-٢٠١٥ وفي حال تم التوافق عليه فإن إحتمالية تطبيقه بداية العام الجامعي المقبل “ممكنة”.
لم أكن أعرف أن هناك استراتيجية لعام واحد، تمت الموافقة عليها في الأردن، وخلت أن الإستراتيجيات في التعليم تعتمد التخطيط الطويل، فهي ثلاثية وخماسية وغير ذلك.
ولكن هكذا نعود في كل مرة “لنخض” في هذه القربة.
ونعيد تجارب عفا عليها الزمان الأردني، وجربت وثبت فشلها.
وهكذا يعود اؤلئك اللذين يصرون على خلط الأوراق لمحاولتهم التي لا تتوقف لتحويل دفة التعليم الجامعي الرسمي.
وهكذا يعود المنادون بالبرنامج الموازي لدعمه عن طريق اساليب مبتكرة في توجيه الطلبة اليه بعد حرمانهم مما يريدون عن طريق البرنامج العادي.
وهكذا يواصل البعض تمكين الجامعات الخاصة ودعمها بتوجيه الطلبة اليها بتوفير مايريدون من تخصصات فيها، بعد أن اعيتهم الحيلة في الإلتحاق بجامعة رسمية على البرنامج العادي.
ويقولون” أن عملية القبول على مستوى الكليات تهدف الى منح الطالب فرصة التعرف على التخصصات التي تتلاءم مع قدراته الأكاديمية وكذلك رغبته”. أي هراء هذا؟ وأي استخفاف بالعقول؟. فنحن نعرف أن كل طالب يعرف مايريد قبل أن يعبىء طلب الإلتحاق ولن يثنيه أحد ”لو أتيح له” عن رغبته. هل يحتاج الطالب لسنة يهدرها في كلية ليعرف أنه لن يقبل في التخصص الذي يريده؟ وأين الإرشاد في المدارس وماسمي “بيوم الوظيفة”؟
لقد جربت الجامعات بما فيها الجامعة الأردنية موضوع القبول في الكليات، ورجعت عنه بعد ثبوت فشله في هذا المجتمع. كانت الواسطة وليست العلامة هي المعيار، ودفع الطلبة لتخصصات لايريدونها، فغادروا الجامعات الرسمية للخارج او للجامعات الخاصة أو التحقوا بالبرامج الموازي. والأمثلة كثيرة في كلية الهندسة والطلب الشديد على تخصص الهندسة الكهربائية، وكلية الزراعة والطلب الشديد على الإنتاج النباتي والتغذية، وكليات إدارة الأعمال والطلب الشديد على المحاسبة...الخ.
هذا التوجه هو نفس التوجه الذي طرح سابقا للقبول في كليات الطب والأسنان وما شابهها والقاضي بالقبول إبتداء في سنة تحضيرية يتم في نهايتها إجراء إمتحان باللغة الإنجليزية في مواد تللك السنه ويقبل الناجحون وترسل البقية لكليات العلوم . لقد ثبت بما لا يدع مجالا للشك أن سبب تدني معدلات الطلبة في السنة الأولي في كلية الطب ليس ضعفهم العلمي فهم نخبة النخبة ،ولكن لضعفهم في اللغة الإنجليزية، الأمر الذي سيجعل القبول يصب في مصلحة طلبة المدارس الخاصة.
ويعود التقرير يتحث عن “ وإذا اعتمدت معايير أخرى للقبول الجامعي......إمتحان قبول يجريه مركز الإختبارات في هيئة الإعتماد”.
ألم نتعظ من الإمتحانات التي قررت، ثم سرقت أسئلتها ثم الغيت ثم أعيدت؟ ألم نتعض من دفع المبالغ للشركات التي كانت تضع بطاريات الإختبارات لنا؟
أود أن أقول كفانا تجاربا....فنحن لانريد أن يمس قبول أوائل المحافظات إن كنا نريد تنمية هذه المحافظات. ونريد تواز نا تعليميا وتربويا إن كنا نريد القياس بمسطرة واحدة، والكيل بمكيال واحد.
كتبت في هذا الأمر مرات عديدة “ وكلما طق الكوز بالجرة”، وقلت نفس الكلام ووجهته للشخوص التي اختلف شكلها ولم يختلف توجهها.
إن القرارات المهمة المصيرية كمثل هذا التوجه يجب أن يدرس من كافة وجوهه لبيان انعكاساته على المجتمع، فإن كان ضرره المجتمعي أكثر من فائدة نظرية أو وحمة فكرية فيجب تركه والإبتعاد عنه.فالأمان والعدالة المجتمعية تتقدمان على غيرهما مهما كان الطرح.
وعليه أدعو مجلس التعليم العالي للعودة عن هذا التوجه وعدم الخوض فيه، فمجتمعنا ليس بحاجة لتجارب تفرق الناس وثير البلبلة فيهم وتضع مستقبل ابنائهم في غياهب المجهول. وفي نفس الوقت أقول إن أصر هذا المجلس على طروحاته فيجب تطبيق مبدآ القبول في الكليات أساسا علي الجامعات الخاصة كذلك مادامت منضوية تحت نفس القانون، وتطبيقه على الأردنيين وغيرهم فذلك أدعى للمساواة والعدالة.
حمى الله الأردن وقيادته وشعبه من كل سؤ،
والله من وراء القصد.

Featured Post

PINK ROSE