ما انفكوا وما طفقوا وما زالوا يحاولون ولكن هيهات

ما انفك وزراء التعليم العالي المتعاقبون - الا بعضهم - وما انفكت مجالس التعليم العالي المتعاقبة - الا بعضها - يحاولون تغيير اسس القبول الجامعي بحجة الحداثة والتطوير ومواءمة مخرجات التعليم العالي لمتطلبات سوق العمل. اخر هذه المحاولات كتاب معالي وزير التعليم العالي الموجه لرؤساء الجامعات الحكومية لدراسة ما ناقشه مجلس التعليم العالي في جلسته رقم (31  بتاريخ 2020/11/23   المتعلق بمقترحات ثلاث للمبادئ العامة الجديدة لقبول الطلبة في الجامعات الأردنية "حيث يهدف المجلس للوصول إلى المُقتَرَح الذي يحقق الهدف المنشود وهو توفير فرص قبول عادلة لجميع الطلبة بناءً على الجدارة والقدرات والرغبة". 

 

          الكتاب مرفق به تفاصيل المُقتَرَح الذي يطلب فيه معاليه "دراستها وإبداء الرأي حولها، وتقديم أي مقترحات أخرى ترونها مناسبة، كما يمكنكم الاستعانة بآراء أعضاء هيئة التدريس من ذوي الخبرة والاختصاص في جامعاتكم على أن يصلنا ردكم في موعد أقصاه أسبوعين من تاريخه".  والهدف غير المعلن إضفاء صبغة النقاش الوطني والشرعية على المُقتَرَح ليصبح قرارا نافذا.

 

          يتضمن المشروع ثلاثة مقترحات، المُقتَرَح الاول يتعلق بالتعليم الثانوي وإقرار امتحان في نهاية الصف العاشر، والمُقترَحان الثاني والثالث لهما علاقة بالقبول الجامعي.

 

          الغريب في الأمر أن المُقتَرَح الأول هو من اختصاص مجلس التربية ولا علاقة لمجلس التعليم العالي به من قريب أو بعيد، ولست أدري ما الذي دفع بالمجلس الأخير للتدخل في أمر ليس من صلب اختصاصه، وعلى العموم فإن بحث الأمرين معا على الرغم من الشبهة القانونية يوحي بأن الأمر حكومي وليس وزاريا.

 

          عند بحث التفاصيل، فإن المُقتَرَح الأول يبين أن الوضع الحالي القائم يقتضي توزيع الطلبة في نهاية المرحلة الأساسية (الصف العاشر) على مساري التعليم الثانوي الشامل الأكاديمي والمهني بحسب المعدل الذي حققه الطالب في الصفوف الثامن والتاسع والعاشر مجتمعة بحيث يكون للصف الثامن والتاسع 40%   من الوزن لكل منهما ويكون للصف العاشر 20% من وزن العلامة النهائية. 

 

          فمن حقق ما دون الخمسين ذهب لمعاهد مؤسسة التدريب المهني، وأما الذين يحققون ما فوق الخمسين فيوزعون على الفروع العلمية والأدبية والمهنية لمرحلة التعليم الثانوي، ويكون التوزيع بناء على معدل الطالب والأعداد المقررة للقبول على مستوى مديريات التربية وعلى رغبة الطالب. 

 

          أما بالنسبة للطلبة الذين سيلتحقون بالفرع العلمي فسيوزعون على حقول الثانوية العامة (الطبي والهندسي والعلوم البحتة) بناءً على المواد التي درسها الطالب قبل إتمامه الثانوية العامة وبدون أي محددات أخرى. 

 

          ثم يبين المُقتَرَح أن من التحقوا بالحقل الطبي عام 2020 كانوا كل طلبة الفرع العلمي ماعدا   400 طالب التحقوا بالفرعين الهندسي والعلوم البحتة. وهنا يذكر المُقتَرَح - بطريقة غير مباشرة - بيت القصيد من التغيير فيقول "مما يعني أن المجال مفتوح أمام جميع الطلبة للإلتحاق في الحقل الطبي مثلا). ولهذا اعتبر المجلس أن هناك عدم توازن في الإلتحاق بالفروع وقرر اقتراح آلية "محددة تضمن توزيع الطلبة في نهاية الصف العاشر على الفروع والحقول بشكل يحقق الفائدة المرجوة"، وهذه الآلية هي عقد امتحان في نهاية الصف العاشر.

 

          هنا يحدث خلل في المُقتَرَح فمرة يقول أن الطلبة سيوزعون بناء على رغباتهم ومعدلاتهم في الفروع والحقول المحددة الأعداد سلفا، ومرة أخرى يقول أن الطلبة سيوزعون بناء على علاماتهم في مواد محددة مع تحديد نسب معينة لكل حقل أو فرع.

 

          إلى هنا ينتهي مُقتَرَح التعليم الثانوي الذي ناقشه مجلس التعليم العالي على الرغم من عدم اختصاصه، ثم ينتقل المجلس لمقترحين آخرين، ولكن في هذه المرة من صلب اختصاصه، وهما يتعلقان بأسس القبول الجامعي.

 

          المُقتَرَح الثاني يقضي بعقد امتحان قبول يقيس الاستعدادات الأكاديمية للطلبة، وهنا وخلافا لمُقتَرَح سابق جوبه برفض شديد، يقول المُقتَرَح الجديد بأن الامتحان سوف يكون تحت إشراف جهة مركزية قد تكون وزارة التعليم العالي أو هيئة الاعتماد أو المركز الوطني للمناهج ( الذي لم أجد في نظامه أي صلاحية له خارج نطاق التعليم العام)، وذلك لضمان مصداقية وشفافية هذا الامتحان. ويكون القبول بناء على معدل مئوي للامتحان فيه نسبة وللثانوية العامة نسبة، ولم تحدد أيا من النسب.

 

          كنت قد كتبت ضد مُقتَرَح كهذا مرارا، وتساءلت عمن سيضع الامتحان وماهي قدراته؟ وبأي لغة سيعقد؟ وهل هو محلي الصنع أم مشترىً من الخارج. ونوهت بتجارب الامتحانات العامة التي عقدتها الوزارة والهيئة، والتي لم أر من قال فيها خيرا.

 

          هذا المُقتَرَح قديم جديد، ستزداد نسبة امتحان القبول فيه تدريجيا وتقل نسبة الثانوية العامة تدريجيا إلى أن يصبح وزنها صفرا، وكتبت ذات يوم عن مسمار أخير يدق في نعشها، على الرغم من أن الأردنيين يحبونها رغم انتقادهم لها، لأنها عادلة وشفافة وتساوي بين الغني والفقير، وما زالت محتفظة بنقائها.

 

نأتي للمُقتَرَح الثالث وهو ثالثة الأثافي، وهو إعادة إحياء للسنة التحضيرية، فهنا يقبل الطلبة على أساس امتحان الثانوية العامة، ولكنهم يقبلون زرافات في حقول معينة طبية وهندسية وإنسانية اجتماعية وإدارية وغيرها، يدرسون فيها مع بعضهم في كل حقل، ثم وفي نهاية السنة الأولى تأتي الجامعة لتعقد امتحانا هي من أقرته ليتم على أساسه توزيع الطلبة على الكليات المختلفة المكونة لكل حقل. ولم يتطرق المُقتَرَح للبحث في المشاكل التي قابلت الجامعات عندما كانت هناك سنة تحضيرية للطب ولطب الأسنان. ولم يقل المُقتَرَح ما الذي سيحدث لمن يرسب في امتحان الجامعة وأين يذهب؟

 

لقد قاومت هذا التوجه قبل أن أتسلم وزارة التعليم العالي في المرة الأخيرة، وألغيته بعد تسلمي لها مباشرة، لأنه غير عادل ويميز بين الطلبة من ناحية خلفياتهم الدراسية لمصلحة من درسوا في المدارس الخاصة وباللغة الإنجليزية ومن تعلموا التفكير الناقد والتحليلي ضمن مناهج مدارسهم الخاصة. وما زلت أقول يجب أن يكون المستوى التعليمي في المدارس متقاربا ولا أقول متساويا، حتى تخضعهم لامتحان في صيغة لم يعتادوها ولغة لم يألفوها، ويقيس مهارات لم تدرس لهم سابقا.

 

وعليه أقف ضد مقترحات مجلس التعليم العالي كلها، ليس وكما سيقال، لأن لا يد لي فيها، ولكن لأنني عارضتها منذ زمن لأنها لا تحقق العدالة والمساوة بين المواطنين الأردنيين. 

 

المجالس النيابية واللامركزية والخلط في المسؤوليات

عندما تبنينا فكرة اللامركزية ووضعنا تشريعات لها وسرنا فيها، كانت لدينا أهداف نبغى تحقيقها. فزيادة على أن المبدأ ينشئ مجالس لامركزية تعرف وتتفهم وتسهل وتسرع أمور الخدمات المقدمة للناس، فإنه (أي المبدأ) يتيح لمجموعة من المواطنين المحليين الوصول لمجالس اللامركزية وإدارة شؤونهم بأنفسهم. وكان من الأهداف كذلك مرور أعضاء تلك المجالس بتجربة المجالس المنتخبة على المستوى المحلي تمهيدا لوصولهم للمجلس النيابي عند إثبات قدراتهم لمجموعة ناخبيهم. هذا بالإضافة للخبرات المكتسبة من خلال انتخابات البلديات والمجالس المحلية.

كان المأمول ان تتولى اللامركزية الشؤون المحلية والحياتية اليومية والخدماتية للناس كمستوى ثان بعد البلديات تاركة موضوع التشريع والرقابة لمجلس النواب الذي نعتبره المستوى الثالث من التمثيل.

كم كان سيكون عمليا وجميلا لو أن سياسات وتوجيهات الحكومة قد تم التعامل معها وادارتها عن طريق مجالس اللامركزية خلال أزمة كورونا الحالية. ربما كان التطبيق سيكون أسهل والنتائج أحسن فأهل مكة أدرى بشعابها ما دام الأمر ضمن استراتيجية واضحة المعالم.

وعلى الرغم من ذلك، فلعله من المؤسف أن كبار مسؤولي الدولة يقضون حيزا كبيرا من اوقاتهم في استقبال ووداع النواب الذين يأتون للبحث في أمور خدماتية بحتة هي من الواجبات الأساسية للمجالس المركزية.

بينما تستعد البلاد للانتخابات النيابية القادمة نجد ان الأدوار لم تتوضح بعد فما زال المرشحون للمجلس النيابي يعرضون على مجموع المواطنين قدراتهم على تحقيق إنجازات خدمية محلية من المفروض أن يتوقفوا عن الحديث فيها وعنها. ومن المؤسف أننا لا نسمع عن برامج متكاملة ذات معنى لأي كتلة تتحدث بوضوح ودون لبس عن خطط تشمل الأمور السياسية والاجتماعية والتطوير والاقتصاد وغيره، بمعنى رؤية شاملة متكاملة تصلح كبرنامج تدافع عنه الكتلة في المجلس وتعمل على إقناع الحكومة برؤيته.

طالما بقي المزج بين الصلاحيات ولم تتضح الأمور وتطبق على أرض الواقع، ستبقى اللامركزية مشروعا غير مكتمل لأن هناك من انتقص من واجباته ومسؤولياته، وسيبقى مجلس النواب مشغولا بقضايا ليست له على حساب التشريع والرقابة.

خطة للخروج من أزمة كورونا وإعادة السيطرة

   

خطة للخروج من أزمة كورونا... وحتى نعود للسيطرة


وليد المعاني


مما لا شك فيه أننا دخلنا مرحلة التفشي المجتمعي، وعلى الرغم من الجهود المبذولة فلا أحد يريد الاعتراف بأننا في طريقنا لفقد السيطرة إن لم نكن قد فقدناها.


لقد استعملنا كل اسلحتنا الصغيرة والكبيرة مرة واحدة ضد هجمة صغيرة واعتقدنا أننا انتصرنا، لنجد ان الهجوم الكبير لم يقع بعد، وعندما وقع لم يكن لدينا شيئا جديدا نقاوم به.


للخروج من الأزمة أربعة محددات:


أولا: الفحص ثم الفحص ثم الفحص لكافة الناس لاكتشاف من يحملون الفيروس مرضى أم غيرهم. فحصا سريعا غير مكلف لا يحتاج لمختبرات ولا انتظار نتائج.

ثانيا: عزل الذين يحملون الفيروس او مصابين بأعراض خفيفة في منازلهم تحت طائلة القانون.

ثالثا: إبقاء المستشفيات للحالات الصعبة، وتجهيز الأسرة ومستلزماتها، ووسائل وقاية الكوادر، وتجهيز مستشفيات ميدانية تحسبا للظروف.

رابعا: الالتزام بطرق الوقاية المتعارف عليها من كمامات وتعقيم لليدين وغسيل ومن تباعد اجتماعي.


وعليه، اقترح خطة لذلك لعلها تكون طريقا للخلاص والعودة للسيطرة وبعدها للحياة الطبيعية وتتكون الخطة المقترح من التالي:


أولا: يخصص صندوق همة وطن ٧٥ مليون دينار لتنفيذ الخطة.


ثانيا: تشتري الحكومة مباشرة وبالسرعة الممكنة ١٠ ملايين فحص من شركة أبوت المسمى، point of care test وتستعمل الدولة الأردنية علاقاتها للحصول على هذه الفحوص.


ثالثا: تستدعي وزارة الصحة كل أطباء الامتياز في المملكة بقوة قانون الدفاع وكل المتدربين في العلوم الصحية من أطباء وممرضين وممرضات وفنيي مختبرات وتشكل منهم فرقا.


رابعا: توزع الفرق على كل مدن وقرى المملكة ومخيمات اللاجئين وتزود بالحواسيب المحمولة او التابس لتسجيل المعلومات، ويتم إجراء الفحص لكل شخص مقيم على الأرض الأردنية، وتظهر المعلومات والنتائج خلال ١٥ دقيقة. ويعطى كل من أجرى له فحص وثيقة تفيد بذلك يجب أن يحملها معه طوال الوقت ويبرزها عند الطلب.


خامسا: يعزل كل من تثبت إصابته في منزله، ومن كان يشكو من أعراض خفيفة يعزل في منزله تحت طائلة القانون، ويرسل للمستشفى من كانت حالته أصعب.


سادسا: يتم كل هذا في ثلاثة أيام، الخميس والجمعة والسبت والتي يفرض فيها حظر تجول شامل لا يستثنى منه أحد. وعليه وجب أن تكون الفرق الفاحصة قادرة على تنفيذ هذا من خلال التأكد من أعدادها من الأشخاص الذين ذكروا سابقا ومن كل من أراد التطوع للمشاركة.


سابعا: بعد انتهاء فترة الثلاثة أيام من الحجر نكون قد عرفنا كل شيء. عرفنا أعداد المصابين ومن عزلناهم في بيوتهم ومن ادخلناهم إلى المستشفيات، ولدينا قاعدة بيانات مرضية لكل من هو على الأرض الأردنية.


ثامنا: ما دمنا قد عرفنا المصابين وعزلناهم او ادخلناهم للمستشفيات، تعود الدراسة للمدارس والجامعات وتفتح الأماكن العامة.


تاسعا: يلزم الناس على الرغم مما سبق بارتداء الكمامة، وبالتباعد وتحت طائلة القانون.


حمى الله الوطن


وليد المعاني


نبض البلد: نحن السبب بتخويف المواطنين من التعلم عن بعد ويجب أن نصبح خبراء بالتعلم عن بعد


 

نبض البلد: وزير الصحة هو الشخص المسؤول عن أخذ القرار بشأن تعليق المدارس


 

نبض البلد: الأرجح تمديد تعليق الدوام في المدارس الى حين انتهاء الفصل الأول


 

المسمار الأخير في نعش الثانوية العامة

 
وهكذا وأخير نجحت المجموعة التي دعت منذ عشرات السنين لإقرار معيار قبو جامعي غير امتحان الثانوية العامة في مساعيها التي لم تكل. فقد أقر مجلس التعليم العالي .امتحان قبول جامعي له نسبة 40% تاركين 60% لامتحان الثانوية العتيد 

ولا يراودني أي شك في أنه في حال مر الأمر كما هو مقترح (كليات الهندسة ابتداء من العام القادم) أن يعمم لاحقا على الكليات كلها والتخصصات كلها، وأن تتناقص نسبة الثانوية العامة تدريجيا لتصل للصفر، وعندها يصبح هذا الامتحان (الثانوية العامة) لا قيمة ولا لزوم له.

لقد كنت كتبت عدة مرات وفي أكثر من وسيلة إعلامية ضد أي توجه كهذا. ولم أكن أكتب لعدم رغبتي في التطوير وفي الاقتناع بأن القبول المباشر وامتحانات القبول أمر جيد، بل لقناعتي التامة بأن العدالة في الوصول للتعليم العالي للقادرين عليه مرهون بامتحان معياري عادل غير خاضع للأهواء والضغوط وهو امتحان الثانوية العامة، الذي أثبتت دراسات عديدة ارتباطه بالتحصيل الجامعي.

كنت عضوا في مجلس التعليم العالي ذات زمن بعيد، عندما أتى أحدهم ببطارية الأسئلة التي سترفق بامتحان الثانوية العامة بوزن 25% وتركها لأعضاء المجلس ليطلعوا عليها لمناقشتها في جلسة قادمة، وفي تلك الجلسة (القادمة) طلبت الإذن بالكلام وسألت أعضاء المجلس عمن منهم يعرف ما هو قارب الكاتاميران؟ فلم يعرف أحد، فقلت هذا واحد من أسئلة البطارية، وعددت لهم عشرة أسئلة لا يمكن لطالب عادي أن يجيب عليها بسبب أنه لا يمكن أن يكون سمع بها. لم يوافق المجلس على البطارية وألغى الموضوع برمته.

ما زلت أقول أن امتحانات القبول في الأردن لن تكون عادلة ولن تكون معيارية وسيشوبها اللغط والواسطة. هل هي امتحان لكل جامعة او كلية أو تخصص؟ أم انها عامة للجامعات كلها أو التخصصات كلها،؟ هل هي امتحانات مكتوبة مشتراه من شركات الامتحانات مثل ال GMAT او MCAT أم هي امتحانات محلية مثل امتحان مستوى اللغة الإنجليزية أو امتحان الكفاءة الذي تجريه جهات نحن نعرفها ونعرف ما حدث فيها؟ 

أدعو مجلس التعليم العالي للتراجع عن قراره رقم 266 الصادر في  2020/9/8  لأنه لن يحقق العدالة بين الطلبة وستشوبه الكثير من الأسئلة وخاصة إن أجرى بلغة غير اللغة العربية. وأدعو للبقاء ضمن القبول الموحد وعلى أساس معيار الثانوية العامة فقط.

المتسلل




نعرفه في كرة القدم واقفا بقرب المرمى خلف الجميع منتظرا الكرة ليركض بها ويسجل هدفا لم يتعب في صنعه وسيلغى.
المتسللون كثر، وأغلبهم ليس في كرة القدم. تراهم يحصلون على بطاقة دعوة من هنا أو هناك. يعطيها لهم من لا يريد الذهاب للحفل، أو يكلفون أعوانا لهم بالحصول على بطاقة من البطاقات الزائدة ليرسلوها لهم.
المهم انهم يأخذون البطاقة ويذهبون للإحتفال ويتدرجون في القفز بين الصفوف من الخلف للأمام حتى يقتربوا من الصف الأول، فينظر الواحد منهم يمنة ويسرة ثم ينقض على كرسي في الصف الأول وينتزع البطاقة الملصقة عليه ويخفيها في جيبه ويجلس ويركز عينيه للأمام ولا يتحدث او حتى يسلم على أحد لحين بدء الحفل.
وهناك نوع جديد من المتسللين الذين ينضموا لمجموعات التواصل متأخرين، ولكنهم وتدريجيا يصبحون هم الأكثر حديثا وتعليقا ومناكفة ومناقشة، وقد كنت في واحدة من هذه المجموعات التي غادرتها وغادرها الجميع ولم يبق فيها غير المتسلل لوحده.

SUNSET, Dead Sea, JORDAN

A BARE TREE, South Africa

THE PORT, YVOIRE, SWITZERLAND

ANNECY, FRANCE

THE RED MOSQUE. LAHORE, PAKISTAN

ROMAN COLUMNS, AMMAN CITADEL

KING HUSSEON MOSQUE. AMMAN

FALL

KING TALAL DAM BY SUNSET


الدعم الحكومي للجامعات الرسمية 1962-2012

الراقم على الماء

INTRODUCTION TO NEUROIMAGING

NEUROSURGERY MADE EASY

معيار القبول في الجامعات الأردنية الرسمية (وهو شهادة الدراسة الثانوية أو ما يعادلها) وآلية القبول في الجامعات الأردنية الرسمية (وهي عملية القبول الموحد)


استوقفني حديث متلفز لمعالي وزير التربية والتعليم مع قناة المملكة قبل عدة أيام، (2020/5/11)  ، تحدث فيه عن امتحان الثانوية العامة وتطرق فيه لشهادة الدراسة الثانوية كمعيار للقبول الجامعي، ولم يخف تحيزه القديم (حسبما قال) بأنه ضد قضية القبول الموحد منذ سنوات.  وقال معاليه "آن الأوان لإعادة النظر بكل آلية القبول الجامعي بما فيها القبول الموحد ... لماذا لا يتم اللجوء لمعايير متعددة للقبول ليس من بينها فقط امتحان الثانوية العامة ... "هذه المنظومة يجب أن تتغير وهي عمليا تدفع الطلبة إلى القلق من امتحان الثانوية العامة"  http://alrai.com/article/10536453


 وعدت لمراجعة حديث متلفز لدولة الرئيس عندما كان وزيرا للتربية والتعليم،  ،(2018/3/18)   وهو يلتقي لجنة التربية النيابية يتحدث عن أن نظام القبول الموحد الحالي لا يراعي ميول الطلبة. 
  https://youtu.be/qGRA45SPb-g

واستذكرت أن الاستراتيجية الوطنية لتنمية الموارد البشرية لم تتحدث عن إلغاء القبول الموحد للجامعات بل دعت للحفاظ عليه، كما أنها لم تتطرق لإلغاء شهادة الدراسة الثانوية.

وهذا الموضوع قديم جديد، تحدث فيه المتحدثون وحاول من يسمون بالخبراء إقناع الناس به، بل أوردوه في دراسات. آنا أتفق تماما أننا عندما نتحدث في مثل هذه المواضيع أن نتحدث عن التطور وهو شيء هام للغاية، ولكننا ونحن نسعى للتطور والتحسين يجب أن نراعي العدالة ونوفر الفرص المتساوية أمام جميع الطلبة بحيث لا تغلب فئة آخري.

تعيش غالبية الأسر الأردنية والتي لديها أبناء على مقاعد الصف الأخير من المرحلة الثانوية (التوجيهي) عاماً من التوتر والقلق، فامتحان شهادة الدراسة الثانوية العامة يمثل كابوساً مرعباً يسيطر على الطلبة وأولياء أمورهم على حد سواء، وتبذل هذه الأسر أقصى جهودها في محاصرة أبنائها وحثهم بكافة الوسائل للدراسة على مدار الساعة وبذل أقصى ما يستطيعون والاستعداد الكامل لمواجهة هذا الامتحان.

وتقوم الأسر المقتدرة مالياً بتقديم الدروس الخصوصية في معظم المواد الدراسية لأبنائها، بينما تقوم الأسر الأقل اقتداراً بإلحاق أبنائها بالمراكز الخاصة المتخصصة بتدريس هذه المواد. وتهدف هذه الأسر من وراء ذلك لتجاوز هذه الكابوس وأن يحصل أبنائها على معدلات عالية تمكنهم من الالتحاق في الجامعات وبخاصة الرسمية منها وفي تخصصات يطمحون إليها هم قبل أبنائهم.

ومع إعلان نتائج امتحان شهادة الدراسة الثانوية العامة سنوياً فإن الطلبة وأولياء الأمور يباشرون في التفكير بإمكانيات وفرص قبولهم في جامعة / تخصص معين وفقاً لرغباتهم وميولهم وليس وفقاً لمعدلاتهم في هذا الامتحان.

وهنا يبدأ الحديث بالتشعب لدى الطلبة والأهل والأصدقاء ونفر من المختصين المهتمين حول طبيعية هذه الامتحان، ومدى مصداقيته، ونسب النجاح فيه، ومستوى معدلات الطلبة فيه، وطبيعية توزيع هذه المعدلات ضمن مدارس أو مناطق جغرافية معينة. ويدور الحديث أيضاً عن مدى صلاحية هذه الامتحان في تقرير من هو الطالب الذي يستحق الالتحاق في جامعة / تخصص ما، وفي كثير من الأحيان تكون رؤى الكثيرين بعيدة عن الواقع، وتنطلق من مفاهيم شخصية ومصالح ذاتية.

إن التعليم الثانوي في الأردن وفقاً لقانون التربية والتعليم رقم (3) لسنة 1994 يهدف إلى إعداد الفرد للالتحاق بمجالات العمل المختلفة أو مواصلة التعليم العالي. ويتقدم الطالب في نهاية المرحلة الثانوية لامتحان شهادة الدراسة الثانوية العامة وهذا الامتحان بطبيعته يقيس قدرات الطلبة التحصيلية في المواد الدراسية في المرحلة الثانوية، ويعتبر هذا الامتحان حسب أسس القبول في الجامعات الأردنية المعيار الوحيد للتنبؤ بقدرة الطالب على مواصلة التعليم العالي، وبالتالي يتم تصنيف الطلبة وفق معدلاتهم في هذا الامتحان لتحديد الطلبة المقبولين في كل جامعة / تخصص.

إن الهجوم العنيف الذي يتعرض له سنوياً امتحان شهادة الثانوية العامة من الطلبة وأولياء الأمور وبعض المهتمين يرتكز على أن هذه الامتحان لا يصلح لأن يكون معياراً تنبؤياً دقيقاً دالاً على قدرات الطلبة الراغبين في الالتحاق بتخصصات جامعية معينة، وان هذا الامتحان تحصيلياً ولا يقيس قدرات الطلبة العقلية الحقيقية، والتي هي دالة حقيقية وصادقة عن قدرات الطالب وإمكانياته في الدراسة الجامعية. (وقد ثبت فشل هذه المقولات من خلال دراسات لعل أهمها على الإطلاق الدراسة المنشورة للأستاذ الدكتور فؤاد الصائغ عميد كلية الطب في الجامعة الأردنية الأسبق، والتي أثبت فيها وبما لا يدع أي مجال للشك أو التساؤل، علاقة ارتباطية غير قابلة للنقض وبمعامل ارتباط شديد القوة، تناغم معدل الثانوية العامة مع أداء طلبة الطب في الجامعة الأردنية).

إن الامتحان (أي امتحان) في حقيقة الأمر شر لابد منه، سواء كان هذه الامتحان مدرسياً أو ثانوية عامة أو قبول جامعي، فالحياة بطبيعتها مليئة بالامتحانات والتحديات، فمن يتجاوزها يتقدم للأمام ويحصل على امتيازات ذلك الاجتياز، ومن يتعثر يحاول دوماً التقدم من جديد. إن التذمر والشكوى والهجوم الذي يواجه امتحان شهادة الدراسة الثانوية العامة حالياً، سوف يواجه أي امتحان آخر، وبدعاوى ومبررات مماثله كثيرة.

ومن خلال استعراض واقع معايير الالتحاق بمؤسسات التعليم العالي على المستوى العالمي يمكن حصرها بالمعايير التالية: -

1. معدل الطالب في شهادة الدراسة الثانوية العامة.
2. معدل الطالب في امتحان القبول الجامعي (سواء كان امتحاناً عاماً لجميع التخصصات الجامعية أو كان امتحاناً خاصاً لكل مجموعة من التخصصات الجامعية مثل (التخصصات الطبية، التخصصات الهندسية، التخصصات العلمية تخصصات العلوم الانسانية والاجتماعية، تخصصات العلوم الادارية والمالية ... الخ).
3. توليفة بنسب مئوية معينة تجمع بين معدل الطالب في شهادة الدراسة الثانوية ومعدله في امتحان القبول الجامعي.
4. توليفة بنسب مئوية معينة تجمع بين معدل الطالب في شهادة الدراسة الثانوية العامة وعلاماته في المواد المدرسية التي يدرسها في المرحلة الثانوية كاملة.
5. توليفة بنسب مئوية معينة تجمع بين معدل الطالب في امتحان القبول الجامعي وعلاماته في المواد المدرسية التي يدرسها في المرحلة الثانوية العامة.
6. توليفة بنسب مئوية معينة تجمع بين معدل الطالب في شهادة الدراسة الثانوية العامة وعلاماته في مواد دراسية محددة في هذه الشهادة ذات علاقة عضوية بالتخصص الجامعي الذي يرغب الطالب الالتحاق فيه (على سبيل المثال: علامات الطالب في مادتي الكيمياء والأحياء للراغبين في الالتحاق بالتخصصات الطبية).

وسوف يتطرق هذه المقال بشيء من التفصيل لبعض الملامح الخاصة بالعناصر الأساسية ذات الطبيعة الاشكالية في معيارين من هذه المعايير وهما امتحان القبول الجامعي منفردا أو متضمنا على نسبة من علامات المدرسة، وذلك على النحو التالي: -

اولاً: امتحان القبول الجامعي:
بدأت امتحانات القبول الجامعية في الظهور عام (1900) في الولايات المتحدة الامريكية ،وذلك بسبب كثرة عدد الجامعات فيها ومحاولة توحيد معيار القبول بين هذه الجامعات ،وقد ظهر عام 1926 أول اختبار مقنن للقبول في الجامعات الأمريكية تحت مسمى "SAT" (اختبار الاستعداد المدرسي)، وقد تطور هذا الاختبار فيما بعد ليصبح ذي مستويين هما (SAT1 و SAT2) أي ( هما القدرات اللفظية Verbal والقدرات الرياضية Mathematical ) ويعقد هذا الاختبار في (5000) مركز منتشرة في اتحاد الولايات المتحدة الامريكية، ثلاث مرات سنوياً، ويوجد في الولايات المتحدة الأمريكية اختبار آخر للقبول الجامعي تحت مسمى (AVT) (اختبار الكلية الأمريكي ) ،هذا الاختبار ذو طبيعة تحصيلية في (15) موضوعا دراسيا تشمل جميع العلوم والمعارف.

ويهدف امتحان القبول الجامعي لتوحيد معايير موضوعيه تتم من خلالها المقارنة بين الطلبة المتقدمين للالتحاق في الجامعات، حتى يمكن تقرير من يستحق ومن هو مؤهل لهذا القبول وفي أي تخصص جامعي. ومن الخصائص الواجب توفرها في هذا الامتحان أن يكون مقننا وفق معايير وطنية محددة وان يكون صادق المحتوى، متوسط الصعوبة، وقادر على التمييز بين مستويات الطلبة من حيث قدراتهم العقلية أو تحصيلهم الدراسي.

ويتجاذب موضوع امتحانات القبول الجامعي وجهتي نظر عالميتين وهما: -

الوجهة الأولى: تطالب بأن تتعلق هذه الامتحانات بالقدرات العقلية للطالب، وأن تقيس قدرة الطالب على الفهم والتطبيق والاستدلال والتحليل، وترى وجهة النظر هذه بأن القدرات العقلية للطالب تنمو وتتطور بمعزل عن تحصيل الطالب في الدراسة الثانوية، أو أنها لا تعتمد عليها بشكل مباشر، وأن فقرات هذه الامتحانات غالباً ما تكون في مادتي اللغة الأم للطالب والرياضيات. وهناك رأي يعارض وجهة النظر الأولى من منطلق أن التعليم الثانوي يعتبر حلقة وصل بين التعليم الأساسي والتعليم الجامعي، وهو بذلك يهيئ الطالب للدراسة الجامعية، وأن التعليم في المرحلة الثانوية في أساسه يرتبط بالتحصيل، ولا يرتبط بالقدرات العامة للطالب مباشرة، وبذلك فإن امتحانات القبول يجب أن تركز بصورة رئيسة على تحصيل الطالب في المرحلة الثانوية وليس على قدراته أو ثقافته العامة.

الوجهة الثانية: تطالب بأن تكون هذه الامتحانات تحصيلية في إطارها العام، ومعتمدة في الأساس على ما توصل إليه الطالب تحصيلاً في مراحل التعليم الأساسي والثانوي، فالمحتوي التحصيلي المراد قياسه يجب أن يكون ضمن الإطار العام والتفاصيل الرئيسة للمحتوى الدراسي السابقة، وليس ضمن تفصيلات وتشعبات دقيقة لهذه المحتوى، وعليه فإن هذه الامتحانات يجب أن تستند في هيكلها الأساسي على القدرات اللفظية والرياضية، إلا أن محتواها يجب أن يكون في إطار تحصيل الطالب السابق. وترى وجهة النظر هذه بأن فقرات هذه الامتحانات يجب أن تكون عينة ممثلة لمحتوى دراسي (Content)، وحتى تكون صادقة (Valid) يجب أن تتميز بدرجة عالية من صدق المحتوى المرجعي، ومن المعلوم أن صدق اختبارات التحصيل تكون دوماً أعلى وأدق وأكثر اتفاقاً مما هو الحال في صدق اختبارات القدرات العامة.

ولابد هنا من التذكير بأن التفكير الجدي في تبني فكرة امتحانات القبول الجامعية يستدعي الأخذ بعين الاعتبار المحددات التالية: -

• أن تعتمد عند بنائها في الأساس على المحتوى العام لمناهج الدراسة في المرحلة الثانوية. 
• أن يتم تقنينها ومعايرتها وفق قدرات ومستويات تحصيل جميع الطلبة الأردنيين في شتى مواقعهم وخلفياتهم.
• أن يتم توزيع فقراتها على اختبارات فرعية وفق مجموعات المناهج الدراسية في الجامعات الأردنية (تخصصات طبية، تخصصات هندسية، .... الخ) 
• أن يتم إعدادها باللغة العربية، لان اختلاف لغة الامتحان عن لغة الطالب الأم يؤدي الى دخول متغير يتداخل كثيراً مع مستوى تحصيل الطالب، ويؤثر بذلك على مستوى تقدير الجامعة لقدرات الطلبة ومصداقية المقارنة فيما بينهم.

وانطلاقاً مما ورد آنفا بما يتعلق بامتحان القبول الجامعي يمكن توضيح الصعوبات أو المأخذ أو المتطلبات اللازمة التي تتقاطع مع مناداة المنادين من الطلبة وأولياء الأمور والمختصين أو الجامعات في ضرورة اعتماد معيار امتحان القبول الجامعي بدلاً عن امتحان شهادة الالتحاق في الجامعات الأردنية، وهذا التوضيح يتحدد بما يلي: -

1- إن إعداد امتحان قبول صادق وموضوعي يتطلب وجود فرق عمل متخصصة تضم خبراء في جوانب المناهج المدرسية في المرحلة الثانوية ومناهج التعليم الثانوية والقياس والتقويم، وأن يقوم هؤلاء الخبراء بعمل جاد ومضني لسنوات، وأن يتم تطبيق الامتحان المقترح تجريبياً مراراً وتكراراً حتى يمكنهم التوصل لامتحان قبول جامعي مناسب.

2- إن اعتماد امتحان قبول للجامعات الأردنية يتطلب إنشاء مؤسسة وطنية مركزية متخصصة، تكون مسؤولة عن إعداد هذه الامتحان وتطويره، وتنظيم عقده لأكثر من مرة في السنة الدراسية، وأن تقوم بتصحيحه، وإعلان نتائجه، وتسليم الطلبة وثائق علاماتهم فيه، وبخاصة إذا ما علمنا بأن عدد الطلبة الذين ينهون المرحلة الثانوية حالياً يتجاوز (150) ألف طالب سنوياً، وأن هذا العدد في تزايد مستمر لأسباب عديدة من أهمها الزيادة السكانية سنوياً، وزياد إقبال الطلبة على التعليم الجامعي، وربما بسبب كون تعليمات هذا الامتحان مرنه بحيث تسمح للطالب بالتقدم للامتحان أكثر من مرة واحدة، حتى يتمكن من تحقيق العلاقة التي تمكنه من الالتحاق بتخصص في جامعة ما وفق رغبته وميوله. وبالتالي فإن هذه المؤسسة ستتحمل أعباء ومسؤوليات وجهود وتكاليف مالية وإدارية وتنظيمية، وستحتاج إلى أعداد كبيرة من الكوادر الفنية والإدارية المتخصصة حتى تتمكن من القيام بهذه المهمة على أكمل وجه، وبالصورة المرجوة منها.

3- إن اعتماد معيار القبول الجامعي سيؤدي بالضرورة إلى إلغاء امتحان شهادة الدراسة الثانوية العامة، فلا يعقل أن يستمر وجوده، لأن مبررات ذلك وأهميته ستتلاشى ولا يعقل أن تقوم الدولة الأردنية بتحمل أعباء وتكاليف جهد مكرر لا معنى له، ولابد في هذا المقام من أن نشير إلى أن القضاء على جهد وطني مميز تم تطويره على مدار (50) عاماً تقريباً ويتمثل هذا الجهد بوجود معيار وطني متفق عليه – إلى حد كبير- و يحمل درجة عالية من الموثوقية والموضوعية والمصداقية والحيادية والعدالة ، يعتبر خسارة وطنية كبيرة وهدراً في الجهود الوطنية .

ولا بد في حال إلغاء امتحان شهادة الدراسة الثانوية العامة من إثارة تساؤل يتعلق بالطلبة الأردنيين الحاصلين على علامات مدرسية فقط، ويرغبون في الالتحاق بجامعات خارج الأردن وبخاصة في الدول العربية التي تشترط حصول الطالب على علامات في امتحان عام لإنهاء المرحلة الثانوية.

4- هناك بعض الإشكالات التي من المتوقع حدوثها ذات علاقة بموعد عقد امتحان القبول الجامعي، فإذا ما عقد هذا الامتحان خلال السنة الدراسية الأخيرة للمرحلة الثانوية، وسمُح للطالب بالتقدم له قبل إتمام المرحلة الثانوية، فقد يحصل الطالب على علامات عالية في هذا الامتحان تؤهله للالتحاق في جامعة / تخصص ما، ولكنه لم يحقق شروط النجاح في متطلبات الدراسة الثانوية في مدرسته، وهنا قد تعلو الأصوات بأن المرحلة الثانوية والنجاح فيها ليس له علاقة مباشرة بالتعليم العالي. أما إذا كان عقد الامتحان سيتم بعد إنهاء الطالب دراسة المرحلة الثانوية بنجاح فإن الأمر سيدخل في المحددات الزمانية والمكانية التي يتعرض لها امتحان الشهادة الثانوية العامة وعلاقة ذلك بمواعيد بدء الدراسة الجامعية. 

5- أما إذا كان التفكير ومن منطلق الاستقلالية أن تقوم كل جامعة أردنية بعقد امتحان قبول خاص بها، أو أن تقوم كل منها بعقد عدة امتحانات للقبول حسب مجموعات محددة من التخصصات الجامعية فإن ذلك يعد ضرباً من المستحيلات من حيث المتطلبات الفنية والتخصصية والتنظيمية والكلف المالية والأعباء الإدارية التي ستتحملها كل جامعة أردنية.

وإذا ما افترضنا أن الجامعات الأردنية ستتجاوز وتتحمل هذه المتطلبات والتكاليف فكيف يمكن للطلبة الأردنيين من تحمل الأعباء والتكاليف والمشقة والجهد للتنقل بين هذه الجامعات لتقديم امتحانات القبول في كل منها.

فمن المعلوم أن الطالب الأردني تدفعه طبيعته وظروفه الاقتصادية والاجتماعية لمحاولات جادة وحثيثة ومستميتة لتأمين فرصة لقبوله في جامعة أردنية رسمية، وذلك لأسباب عديدة، وبهذا فإن غالبية الطلبة الذين هم على مقاعد الدراسة في المرحلة الثانوية سيقومون بالتقدم لامتحانات القبول التي تعقدها جميع الجامعات الأردنية الرسمية.

وفي هذا المقام تثور تساؤلات تشكل منطلقا للإجابة على وجهات نظر المنادين بضرورة عقد امتحان قبول جامعي، وفي أن استقلاليه الجامعات تتحقق جزئياً من خلال ذلك، وهذه التساؤلات هي: -

1- لقد تجاوز التعليم العالي في الأردن مفهوم التعليم للنخبة المتميزة أكاديمياً فمع أن عدد سكان الأردن لم يكن قد تجاوز (6) ملايين فردا (حينئذ) عندما أصبح يضم في جنباته (10) جامعات رسمية وأكثر من (15) جامعة خاصة. ومن منطلق الأوضاع المالية المتدهورة للجامعات الرسمية، سمح لها بإنشاء برامج موازية، حيث أن الأبواب في معظم الجامعات والتخصصات من خلال هذه البرامج مفتوحة للطالب المقتدر مالياً، وبذلك أصبحت الجامعات الرسمية من خلال برامجها الموازية والجامعات الخاصة تتسابق فيما بينها لاستقطاب أكبر عدد ممكن من الطلبة المقتدرين مالياً بغض النظر عن معدلاتهم في شهادة الدراسة الثانوية العامة اللهم إلا في تحقيق الحد الأدنى من معدل القبول المحدد في أسس القبول. 

2- هل ستقوم الجامعات الرسمية باعتماد نتائج الطالب في امتحان القبول الجامعي كمعيار للقبول في البرامج الموازية، أم أنها ستجد أنه من الممكن الاعتماد على علامات الطالب المدرسية؟

3- هل ستقوم الجامعات الخاصة باعتماد امتحانات قبول خاصة بها أيضاً، أم أنها ستكتفي بعلامات الطالب المدرسية؟

4- هل يمكن أن يقوم سوق العمل مستقبلاً بالتمييز بين طالب حصل على شهادة جامعية من مؤسسة تم قبوله فيها بناءً على علاماته المدرسية، وبين طالب آخر حصل على نفس الشهادة الجامعية من مؤسسة تم قبوله على نتائج متميزة في امتحان القبول الجامعي أم أن المحسوبية ستقوم بتعيين الطالب الأول بمبررات لا يمكن التطرق إليها في هذا المقام.

5- هل يمكن للجامعات الرسمية أن تضمن موثوقية امتحان القبول فيها، وأن تضمن عدم اختراقه أو ألا تسمح لتأثيرات من جماعات الضغوط الاجتماعية أو الاقتصادية أو السياسية في المجتمع الأردني في تحديد نتائجه لصالح بعض الطلبة.

ثانياً: تضمين علامات الطالب المدرسية في المرحلة الثانوية (الصفين 11 و12) ضمن نسب مئوية محددة في معيار القبول الجامعي:
إن علامات الطلبة في المواد المدرسية المختلفة في المرحلة الثانوية بطبيعتها متباينة وليست موحدة المعيار، فهذه العلامات تعطى من معلمين متباينين في مدارس مختلفة، وتعطى بناءً على اختبارات متباينة في محتواها ومستواها وصدقها وموثوقيتها وحياديتها، وتعطي أيضاً بناءً على معايير تصحيح وسلالم تقدير متفاوتة فيما بين المعلمين، وتعتمد هذه العلامات أيضاً على مقارنات بنسب بينيه متباينة، فقد تعتمد على مقارنات بينيه على مستوى المدرسة الواحدة، أو على مستوى الصف الدراسي الواحد.
إن تضمين معيار القبول الجامعي لعلامات الطالب المدرسية، حتى لو كان ذلك بنسبة مئوية ضئيلة نوعاً ما، سيؤدي إلى الإضرار بسمعة هذا المعيار، وسيثير عدداً لا يستهان به من الاعتراضات والشكاوى والإشكالات، وبذلك سيفقد هذا المعيار شيئاً من موثوقيته أو موضعيته أو مصداقيته أو عدالته أو حيادتيه أو نزاهته.

ومن المآخذ التي يمكن تسجيلها على مثل هذا التوجه ما يلي: -

1- التضخم في مستوى العلامات المدرسية للطلبة في المرحلة الثانوية، فالمدارس ستقوم من خلال معلميها بمنح طلبتها علامات تقترب من الكمال، وبعض النظر عن مستويات تحصيلهم وقدراتهم الحقيقية، وسيتم ذلك بهدف مساعدتهم للالتحاق في الجامعات، وبناء سمعة متميزة عن قدرات المدرسة، وسنعود لكارثة تشبه كارثة نتائج 2013. 
2- من المؤكد أن يتعرض المعلمون في المدارس لتدخلات وضغوطات من الطلبة وأولياء الأمور وفي بعض الأحيان من بعض جماعات الضغوط ذات النفوذ الاجتماعي أو الاقتصادي أو السياسي أو المالي لمنح بعض الطلبة علامات مدرسية عالية.
3- من المحتمل انتشار مظاهر الفساد والرشوة عند فئة قد تكون محدودة من المعلمين، حيث سيكون في يدهم سلاح منح الطلبة علامات تؤثر في فرص التحاقهم في الجامعات.

ومن خلال المعطيات التي تم مناقشتها آنفاً بما يتعلق بمعيار القبول في الجامعات الأردنية ، وبعد تقييم المتطلبات والإشكالات والمآخذ المذكورة سابقاً، يمكن القول بضرورة الاستمرار في اعتماد معدل الطالب في امتحان شهادة الدراسة الثانوية العامة كمعيار للقبول في الجامعات الأردنية، ويمكن تطوير هذا الامتحان بحيث تصاغ أسئلته بطريقة تكشف إضافة للتحصيل الدراسي للطالب، عن قدراته وإمكانياته العقلية، وذلك بعد أن قسمنا المواد الى حقول تتعلق بمواد تقع ضمن تخصصات ترتبط عضويا ببعضها، وبعد أن خفضنا عدد المواد بما يتلاءم وهذا التوجه، وقد يمكن السماح بالامتحان في المواد على سنتين. إن تقليل الحشو في الكتب يقتضي إعادة النظر في المناهج الدراسية لتحقيق ذلك بهدف الوصول لكتاب مثالي.

ومن نافلة القول أنه بعد الاستعراض المفصل لمعايير القبول، فأن امتحان شهادة الدراسة الثانوية هو أصدقها، وأكثرها عدالة، وأقلها عرضة للتدخل في مجتمع كمجتمعنا. ونظرا لما نحن متأكدون منه، في أن أي قبول يترك لميول اللجان والأفراد وقوى الضغط سيؤدي قطعا لعدم العدالة وعدم مساواة الفرص بين الناس، فإن القبول الموحد على الرغم من عدم تلبيته لطموحات كل الناجحين في الثانوية العامة بتحقيق رغباتهم، فإنه يبقى الأعدل والأدق والأكثر مصداقية، وأدعو لعدم العبث به تحت أي مبرر. 



Featured Post

PINK ROSE