القبول الجامعي والعدالة والأمن المجتمعي

القبول الجامعي والعدالة والأمن المجتمعي

كشفت مصادر في وزارة التعليم العالي عن توجه بتحويل القبول في الجامعات ليكون على مستوى الكليات، وليس على مستوي التخصصات مباشرة. وقالت المصادر ان مجلس التعليم العالي سيدرس هذا التوجه الذي تتضمنه الإستراتيجيه الوطنية للتعليم العالي للأعوام ٢٠١٤ -ـ-٢٠١٥ وفي حال تم التوافق عليه فإن إحتمالية تطبيقه بداية العام الجامعي المقبل “ممكنة”.
لم أكن أعرف أن هناك استراتيجية لعام واحد، تمت الموافقة عليها في الأردن، وخلت أن الإستراتيجيات في التعليم تعتمد التخطيط الطويل، فهي ثلاثية وخماسية وغير ذلك.
ولكن هكذا نعود في كل مرة “لنخض” في هذه القربة.
ونعيد تجارب عفا عليها الزمان الأردني، وجربت وثبت فشلها.
وهكذا يعود اؤلئك اللذين يصرون على خلط الأوراق لمحاولتهم التي لا تتوقف لتحويل دفة التعليم الجامعي الرسمي.
وهكذا يعود المنادون بالبرنامج الموازي لدعمه عن طريق اساليب مبتكرة في توجيه الطلبة اليه بعد حرمانهم مما يريدون عن طريق البرنامج العادي.
وهكذا يواصل البعض تمكين الجامعات الخاصة ودعمها بتوجيه الطلبة اليها بتوفير مايريدون من تخصصات فيها، بعد أن اعيتهم الحيلة في الإلتحاق بجامعة رسمية على البرنامج العادي.
ويقولون” أن عملية القبول على مستوى الكليات تهدف الى منح الطالب فرصة التعرف على التخصصات التي تتلاءم مع قدراته الأكاديمية وكذلك رغبته”. أي هراء هذا؟ وأي استخفاف بالعقول؟. فنحن نعرف أن كل طالب يعرف مايريد قبل أن يعبىء طلب الإلتحاق ولن يثنيه أحد ”لو أتيح له” عن رغبته. هل يحتاج الطالب لسنة يهدرها في كلية ليعرف أنه لن يقبل في التخصص الذي يريده؟ وأين الإرشاد في المدارس وماسمي “بيوم الوظيفة”؟
لقد جربت الجامعات بما فيها الجامعة الأردنية موضوع القبول في الكليات، ورجعت عنه بعد ثبوت فشله في هذا المجتمع. كانت الواسطة وليست العلامة هي المعيار، ودفع الطلبة لتخصصات لايريدونها، فغادروا الجامعات الرسمية للخارج او للجامعات الخاصة أو التحقوا بالبرامج الموازي. والأمثلة كثيرة في كلية الهندسة والطلب الشديد على تخصص الهندسة الكهربائية، وكلية الزراعة والطلب الشديد على الإنتاج النباتي والتغذية، وكليات إدارة الأعمال والطلب الشديد على المحاسبة...الخ.
هذا التوجه هو نفس التوجه الذي طرح سابقا للقبول في كليات الطب والأسنان وما شابهها والقاضي بالقبول إبتداء في سنة تحضيرية يتم في نهايتها إجراء إمتحان باللغة الإنجليزية في مواد تللك السنه ويقبل الناجحون وترسل البقية لكليات العلوم . لقد ثبت بما لا يدع مجالا للشك أن سبب تدني معدلات الطلبة في السنة الأولي في كلية الطب ليس ضعفهم العلمي فهم نخبة النخبة ،ولكن لضعفهم في اللغة الإنجليزية، الأمر الذي سيجعل القبول يصب في مصلحة طلبة المدارس الخاصة.
ويعود التقرير يتحث عن “ وإذا اعتمدت معايير أخرى للقبول الجامعي......إمتحان قبول يجريه مركز الإختبارات في هيئة الإعتماد”.
ألم نتعظ من الإمتحانات التي قررت، ثم سرقت أسئلتها ثم الغيت ثم أعيدت؟ ألم نتعض من دفع المبالغ للشركات التي كانت تضع بطاريات الإختبارات لنا؟
أود أن أقول كفانا تجاربا....فنحن لانريد أن يمس قبول أوائل المحافظات إن كنا نريد تنمية هذه المحافظات. ونريد تواز نا تعليميا وتربويا إن كنا نريد القياس بمسطرة واحدة، والكيل بمكيال واحد.
كتبت في هذا الأمر مرات عديدة “ وكلما طق الكوز بالجرة”، وقلت نفس الكلام ووجهته للشخوص التي اختلف شكلها ولم يختلف توجهها.
إن القرارات المهمة المصيرية كمثل هذا التوجه يجب أن يدرس من كافة وجوهه لبيان انعكاساته على المجتمع، فإن كان ضرره المجتمعي أكثر من فائدة نظرية أو وحمة فكرية فيجب تركه والإبتعاد عنه.فالأمان والعدالة المجتمعية تتقدمان على غيرهما مهما كان الطرح.
وعليه أدعو مجلس التعليم العالي للعودة عن هذا التوجه وعدم الخوض فيه، فمجتمعنا ليس بحاجة لتجارب تفرق الناس وثير البلبلة فيهم وتضع مستقبل ابنائهم في غياهب المجهول. وفي نفس الوقت أقول إن أصر هذا المجلس على طروحاته فيجب تطبيق مبدآ القبول في الكليات أساسا علي الجامعات الخاصة كذلك مادامت منضوية تحت نفس القانون، وتطبيقه على الأردنيين وغيرهم فذلك أدعى للمساواة والعدالة.
حمى الله الأردن وقيادته وشعبه من كل سؤ،
والله من وراء القصد.

مستشفى الزرقاء الحكومي الجديد....مستشفى لكلية الطب في الجامعة الهاشمية



 بناء الوطن يحتاج لرؤى وتعظيم المنجزات يحتاج لإرادة.


في عام 1973 رأت الدولة الأردنية حاجة كلية الطب في الجامعة الأردنية لمستشفى، فقامت بضم مستشفى عمان الكبير (وكان أحسن وأحدث مستشفى تملكه وزارة الصحة) للجامعة الأردنية بقانون.
وبعد إنشاء كلية الطب في جامعة العلوم والتكنولوجيا قامت بالإستعانة بمستشفى الأميرة بسمة لعدد من السنوات، و بعدها كفلت الحكومة الأردنية إنشاء مستشفى الملك المؤسس والذي ما زالت جامعة العلوم والتكنولوجيا تسدد كلفته لغاية اليوم.
تشترط معايير الإعتماد النافذة ويشترط مجلس التعليم العالي وجود مستشفى لقيام كلية طب في القطاع الخاص، وهو أمر يتم تجاوزه بالنسبة للجامعات الرسمية على أساس أن هذه الجامعات يسمح لها بأن تقوم كليات الطب فيها باستخدام المستشفيات الحكومية لتدريب طلبتها. وتقع الجامعة الهاشمية ضمن هذه المجموعة وهذا الإطار، فيتوزع طلبتها، وتوزعوا على مستشفى الجامعة الأردنية ومستشفيات الخدمات الطبية الملكية ومستشفى الأمير حمزة.
      في الأخبار أنه سيتم إفتتاح مستشفى الزرقاء الحكومي الجديد قريبا وبسعة 600 سرير، وقد باشرت بعض أقسامه العمل.
ماذا لو استيقظنا غدا وقد اتخذت الحكومة الرشيدة قرارا جريئا بضم هذا المستشفى للجامعة الهاشمية؟ هل سيكون لهذا الضم فوائد تعم على الجميع أم لا؟ الجواب على هذا السؤال هو بالإيجاب كيفما نظرت للأمر.
1.         سيتوفر لكلية الطب في الجامعة الهاشمية مستشفى تعليمي لطلبتها، مسهلة لأمور التدريب وموفرة لعمليات الإنتقال والسفر للجامعة التي تعاني من مشاكل جمة في هذا.
2.         ستكون الجامعة مضطرة لتوفير كافة الكوادر الطبية لهذا المستشفي من أطباء وممرضين وخدمات مساندة، عن طريق التعيين المباشر أو الإبتعاث أو كليهما وهو أمر يعالج بعض قضايا البطالة.
3.         ستوفر وزارة الصحة الكلفة السنوية لإدامة هذا المستشفى بالكوادر والمستلزمات والأدوية، وهي الكلفة السنوية التي ستدفعها في حال بقي المستشفى تابعا لها.
4.         ستقوم وزارة الصحة بعقد اتفاقية مع مستشفى الجامعة الهاشمية لعلاج المرضى المؤمنين وغيرهم حسب نصوص يتفق عليها.
5.         ستقوم وزارة الصحة باسترداد كلفة المستشفى خلال عدد يحدد من السنوات مقابل أجور علاج المرضى.
6.         لن يتأثر المواطن طالب العلاج لأن المتغير الوحيد كان مالك المستشفى فقط.
7.         سيقوم هذا المستشفى التعليمي بعد اكتمال كوادره  المؤهلة بالإرتفاع بمستوى الخدمات الطبية المقدمة للمواطنين.
8.         سيقوم مستشفى الجامعة الهاشمية بالسماح لأعضاء هيئة التدريس فيه بالعمل في القطاع الخاص في مدينة الزرقاء حسب نظام خاص يصدر لهذه الغاية، وذلك بهدف جلب هذه الكوادر.
9.         تقوم نقابة الأطباء الأردنيين بتعديل تشريعها للسماح للأطباء بإفتتاح عيادتين في آن واحد شريطة أن تكون هذه العيادات في مدينتين مختلفتين.
10.   تقوم السلطات المحلية في مدينة الزرقاء بتوفير الأرض اللازمة بقرب مدينة خادم الحرمين وتستدعي المستثمرين لبناء وتأسيس شارع لعيادات خاصة للأطباء ومختبرات، ويكون لهذا الشارع طابعا مميزا وقد اقترح تسميته "شارع الزهراوي" تيمنا باسم الطبيب العربي الأشهر أبو القاسم الزهراوي.
11.   قد يجذب الأمر المستثمرين لبناء مستشفى أو مستشفيات خاصة بحيث تصبح مدينة الزرقاء نقطة جذب للسياحة العلاجية كما هي عمان العاصمة. وسيقوم الأطباء العاملين في العاصمة بفتح عيادات لهم في الزرقاء مستفيدين من قرار نقابة الأطباء.
امل لو أن أحدا يتبنى هذا الأمر أو المشروعه أو يطوره أو يعدل عليه، ولكن دعونا للحظة نفكر خارج الإطار التقليدي.

د. وليد المعاني: نستمع له.. فلديه ما يدهش أو يصدم

د. وليد المعاني: نستمع له.. فلديه ما يدهش أو يصدم
نص المقابلة الكاملة مع الكاتبة ملك التل والمنشورة على 4 حلقات في جريدة الرأي في شهر حزيران 2014

الجزء الأول
إسأل أي واحد في الأردن من الجيل السابق، عن المربي الفاضل الأستاذ سالم صقر وسيعطيك من الإنطباعات والسجايا ما يفسّر لك لماذا نقرّظ نجله الدكتور وليد المعاني ولماذا نسمح لأنفسنا بأن ندعو للإنصات له مرة واثنتين وعشر دون أن نقع في شبهة الترويج أو المجاملات أو المغالاة.
دعك من سجايا الصراحة والوضوح والعقل العلمي والإنصاف والنأي عن الشبهات في كافة المفاصل الوظيفية التي اضطلع بها الدكتور المعاني وقد جمع بين الطب والتربية قبل أن يكرم بعضوية مجلس الملك. فهذه الصفات ورث منها الكثير بقدر ما اكتسب منها في دراسته ببريطانيا.
فقط هنا سنورد بعضاً من المشاريع الريادية التي تحتسب للرجل على أنها مبادارات كان يمكن أن تزدهر أكثر لو أنها وجدت المتابعة التي تستحقها فآفة الإدراة والخطط لدينا في الأردن - كما يقولهي قصر عمر الحكومات والوزارات، مع رغبة الكثيرين بأن يشطبوا ما قبلهم ويبدأوا من أول السطر.مثلاً موضوع التوجيهي الذي توصف سنوياً بأنه مهرجان مآساوي دوري. هذه الماساة كان يمكن أن تنتهي قبل 5 سنوات لو أن فترة بقاء الرجل طالت لأسبوعين آخرين. التسجيل الألكتروني في الجامعات، كلية تكنولوجيا المعلومات، مشروع الالف حاسوب، مركز أثير للاتصالات، مكتب خدمة المجتمع، برنامج جراحة الأعصاب، ومثلها العشرات من المبادارات والطروحات التي كانت في أوقاتها تعتبر فتوحات علمية وتقنية.
أبوطارق يمتلك رصيداً من الثقة يتجاوز كل ذلك. فهو صاحب رؤية اجتماع -سياسية لا يتردد بطرحها حتى لو كانت قاسية على مسامع البعض. يصف المجتمع الأردني بأننا "شعب لا نحب التطوع ولا التبرع". يرى أن العنف في الجامعات هو عنف اجتماعي ينشأ في البيت ثم ينتقل للمدرسة، وأن المعلمين والأطباء الذين يتعرضون للضرب لا يلبثون أن يتنازلوا عن حقوقهم بالجاهات الاجتماعية. أما لماذا فقدت الوظائف الخدمية احترامها وهيبتها لدينا، فهو لأن أصحابها ما عادوا يحصنونها بالهيبة المفترضة.
طريفة وصحيحة رؤية د. المعاني لأسباب فشل الأحزاب التي يقال أنها عماد الإصلاح السياسي. فقد تربى الجيل الحالي على أيدي آباء يحذرون أبناءهم من تبعات الحزبية، ولن تأخذ الأحزاب دورها ووظيفتها قبل أن ينقضي الجيل الحالي المرعوب من الحزبية.
سؤال: موضوع التوجيهي وطقوسه الإستنزافية تأخرت معالجته 15سنة دعني أبدأ مع الدكتور المعاني من مجموعة المبادرات التربوية التي أطلقها والتي ما زال بعضها يراوح أو لم يحظ بالمتابعة التي يستحقها حيث سرعة تغيير المسؤولين تقتل مبادراتهم: موضوع التوجيهي: ملف قديم متجدد، فيه من التجريب بقدر ما فيه من العشوائية واضطهاد الأهل والاستعراض المثير للأسى. هل سنستمر في الأردن طويلاً في هذه الطقوس الإستنزافية؟
جواب: لن نستمر في هذا أبدًا وان كان يجب أن نقوم بهذا الأمر منذ مدة، فالموضوع تأخر على الأقل خمس عشرة سنة. حاولت في عام 2009 كوزير للتربية في حكومة نادر الذهبي، وكان بيننا وبين تغيير الواقع أسبوعان، ولكن للأسف تغيرت الوزارة، فعدنا لمربع الصفر. قصر عمر الحكومات وتعاقب الوزراء بسرعة يضر بتنفيذ أي استراتيجية، لأن لكل وزير رؤية، والوزراء لا يأتون من تجمعات فكرية متماثلة، أو حتى الأحزاب. لذلك كانت دعوة جلالة الملك بتكوين الأحزاب وتأخذ الحكومة ثقة المجلس فإذا بقيت أربع سنوات كما هو معروف ديمقراطياً وهو ما ينادي به الناس، نستطيع أن تكون لدينا استراتيجية لتنفيذها.المنطق يقول بأن الوزير الذي يحمل حقيبة جديدة في الحكومة المشكلة ويرى أن الوزير الذي سبقه قد أحسن في عمله بالخطة التي يعمل عليها وأن اختياره حميد، فمن المفروض أن يستكمل الطريق. هذا لا يجري عندنا حتى لو كانت الخطة السابقة جيدة. وللأسف مضى علينا خمس عشرة سنة ونحن نبدأ من أول السطر على الأقل في قضية التعليم والثانوية العامة. الآن الناس تشتكي، والطلاب يشتكون، والمدارس تشتكي، وأعداد الطلاب كثرت، وللأسف ان الخريجين ليسوا الذين نريدهم، فإذا كان هذا النظام لا يخرّج ما نريد، فلماذا الإصرار على بقائه؟!.ما زلت أقول ان كل شخص يأتي بمبادرة وافكار جديدة لا يوجد ثوابت أساسية للسير عليها ومتابعتها من الوزير الجديد الذي يليه وانما تنسف نسفا، وهذا كله مربك خاصة في العملية التربوية. والظاهر أن الأمر وصل إلى مداه، ولم يعد بإمكان الناس أن يحتملوا أكثر، لا بل طرأ أمر جديد جعل المبادرات تصبح أكثر إلحاحاً، وبدأت الناس تأخذ الأمور بيدها، بمعنى أنه دخل عنف على الامتحانات وأصبح الآباء والأهل يتدخلون في ما يجري في المدرسة، ودخل أمر آخر أنه أصبح للمعلمين نقابة، وبالتالي يستطيع المعلمون أن يوقفوا التدريس ويستطيعوا أن يبدأوا التدريس إذا أرادوا أو إذا رأوا ذلك مناسبا. العنف الذي يحدث في القاعات له سببه باعتقاد بعض الأهالي أنه يجب أن يأخذ كل ابن من أبنائهم العلامة الكاملة لأنها الطريقة الوحيدة لإدخالهم الجامعة، لأننا زرعنا في مخيلة الأهالي والطلاب والمجتمع، أن الشهادة الجامعية هي الهدف الأسمى وهذا خطأ جسيم.
سؤاللكم مجموعة مبادرات جامعية يمكن القول انها كانت أفكارًا وطموحات كبيرة لكن نتائجها بقيت متواضعة. كيف تقيمون تجربتكم في مشروع مكتب خدمة المجتمع وفي إنشاء كلية الملك عبد الله الثاني لتكنولوجيا المعلومات وكلية التأهيل» ولماذا تراجعت ريادة الأردن في موضوع صناعة البرمجيات؟
جواب: بالنسبة لمكتب خدمة المجتمع، هذا المكتب في رأيي ولد من انطباع عام أننا شعب أو جنس لا نحب لا التطوع ولا التبرع. هناك أشخاص متطوعون جيدون وهناك متبرعون، إنما هل هذا خلق أو طبع بنا؟، الحقيقة لا. الآن إذا ذهب شخص وقدم طلبا للالتحاق بجامعة خارجية لا يسأل فقط عن علاماته في المواد الأكاديمية أو التحصيل الجامعي، بل سؤالهم عن الخدمات التطوعية التي قدمها للمجتمع، وعن مشاركته في الأمور التي تبين مدى ارتباطه بمجتمعه. فإذا لم تكن موجودة يخبرونه بأن تأهيله ناقص.. صحيح أن شهادته ممتازة وعلاماته مرتفعة، لكنه لم يتفاعل مع الناس والمجتمع. من هنا جاءت فكرة فتح مكتب لخدمة المجتمع.. إذا ترك الأمر اختيارياً فقد لا يقبل به الكثيرون، فقررنا ان يكون اجباريا بالنسبة للجسم الطلابي بأن جعلناه متطلبا من متطلبات التخرج. وضعنا ثلاث ساعات متطلب تخرج عمل تطوعي، وحتى لا يقال أن الهدف منه تحصيل الأموال من الطلاب جعلناه مجاناً. وكلفت الدكتورة سوسن عبد السلام المجالي حيث كانت وما زالت في كلية التمريض الاشراف على هذا العمل، فقامت به قياماً محموداً، وانخرط الناس في العمل المجتمعي. لكن للأسف هو الآن موجود بالإسم في بعض الأحيان، وأحياناً يعتمد على من يأتي ليديره.. إن كان مؤمنا بالمشروع قام به قياماً جيداً وإن لم يكن تركه. وجوده حاليا ليس بالصورة التي كان فيها، وكأنه أفرغ من مضمونه. إنما هو مشروع لا بد منه، هناك بعض الجامعات قلدت الجامعة الأردنية في هذا الأمر منها الجامعة الهاشمية، وأعتقد أنه ما زال موجودا ولكن ليس بالفعالية المطلوبة.أما بالنسبة لكلية الملك عبدالله، فقد كان 5/7/2001 يوماً مشهوداً في تاريخ الجامعة الأردنية.. كانت الزيارة الأولى لجلالته للجامعة الأردنية، وقام يومها بثلاثة أنشطة: افتتح مركز أثير للاتصالات، وهو مركز موجود في الجامعة الأردنية وكلف في ذلك الوقت حوالي مليون دينار. من هذا المركز نستطيع التحدث مع ستة جهات خارج الأردن عبر الأقمار الصناعية وأن يشاهد الجميع جميع المتحدثين في شاشات ست كبيرة. المركز موجود حالياً وليس مستخدماً أو مستغلاً الاستغلال الكامل. في نفس اليوم أيضا وضع جلالته حجر الأساس لكلية الملك عبدالله الثاني لتكنولوجيا المعلومات التي هي مستقبل الأردن. وأذكر أننا قلنا لجلالة الملك في عام 2001 بأننا نريد أن نصنع تكنولوجيا في الجامعة الأردنية، فقال: اصنعوا.. ونحن سنشتري في وزارة التربية والتعليم ما تنتجونه.. وبعد الافتتاح خرّج جلالته في ستاد الجامعة طلبة الطب وطب الأسنان والدراسات العليا ومُنح درجة الدكتوراة الفخرية.ولو عدنا لعامين سابقين (في شهر 11عام 1999، كنا أردنا ان نأخذ الريادة في موضوع تكنولوجيا المعلومات) لاستذكرنا اننا كنا أقمنا في الجامعة مشروعا أسميناه مشروع الألف حاسوب اذ أدخلنا للجامعة الأردنية في يوم واحد ألف حاسوب في عشرين قاعة وكان ذلك برعايةجلالة الملكة رانيا
سؤال: مشروع التسجيل الإلكتروني للمواد في الجامعة كان مبادرة واعدة جدًا لكنها - كما يشاع - جرى اجهاضها لصالح بيروقراطيات متمترسة بالوظيفة التقليدية
جواب: كان هناك مشروعان الكترونيان هامان؛ منهما التسجيل الالكتروني حيث كنت أرى معاناة الطلبة، فأردنا أن نسهل عليهم بالتسجيل من منزلهم عن طريق الانترنت. المشروع قمنا به بقدرات أردنية وطبقناه فصلا واحدا، وبعد ذلك أجهضه الموظفون لاعتقادهم أنه سيؤدي إلى الاستغناء عن خدماتهم، فقاوموه وألغي في الفصل الذي يليه لكنه أعيد بعد عدد من السنوات
إستراحة 
هو كركي المولد عام 1946.. استهل عمله في الجامعة الأردنية بتأسيس شعبة جراحة الأعصاب في كلية الطب ومستشفى الجامعة الأردنية. وقام بتجهيز وحدة جراحة الأعصاب وأشرف على تشغيلها وفيها أجريت عمليات لأول مرة في تاريخ الأردن. ثم تسلم أمر الإدارة الفنية لمستشفى الجامعة لمدة عام وعمل على تطوير قسم الطوارىء وأداره لمدة ٥ سنوات حيث نقل لهذا القسم الأفكار التي شاهدها وتعلمها خلال زيارته للولايات المتحدة الأمريكية بعد حصوله على زمالة ايزنهاور. في عام ١٩٨٤ قام بإنشاء برنامج الإقامة في جراحة الدماغ والأعصاب الذي ما زال قائما لغاية الآن، وكان أول برنامج أقامة للتخصص في هذا المجال في الأردن، وقد تخرج منه ما يقرب من ٣٠ إختصاصيا من الأردن وفلسطين والعراق واليمن. وفي عام ١٩٨٩ تم تعيينه نائبا لعميد كلية الطب ومديرا فنيا لمستشفى الجامعة. وفيما بعد أسند اليه رئيس الجامعة الإردنية الدكتور فوزي غرايبه عمادة كلية الدراسات العليا في الجامعة الأردنية فعمل على وضع تعليماتها الجديدة وأدخل برامج الإمتحانات الشاملة، ثم انيطت به عمادة البحث العلمي فعمل على تنشيط مجلة دراسات والإسراع في عمليات النشر فيها وبقي يشغل هذين المنصبين إلى أن تم تعيينه نائبا لرئيس الجامعة الأردنية للشؤون الإدارية والمالية ثم رئيسها
سؤال: من حرفة أو هواية التعليم كم ورثت عن والدك المربي المعروف الأستاذ سالم صقر؟ وكيف حصل أن هاوي دراسة النسائية والولادة وجد نفسه يتخصص بجراحة الدماغ ثم انتقل إلى العمل التربوي والأكاديمي ؟ أين في الطب أوالتعليم تجد نفسك أكثر؟
جواب: أنا معجب بالوالد جداً وفي الذاكرة أجمل أيام طفولتي عندما كنت أتسلل لمكتبته الكبيرة لأقرأ كتبا لا أفقه معناها. كانت أكبر من عمري. والدي رجل صارم جدا يدرك معنى الوقت، ومعنى الوعد والموعد والعلم والتعلم.. كان يرحمه الله يعرف أن التعليم يبدأ بالأساسيات ولا يجوز أن تقفز إلى النقطة «ب» قبل أن ننهي النقطة «أ».. فإذا كان الطالب لا يعرف ما هو السنتمتر فلا تستطيع أن تتحدث له عن المتر. كان لا يقبل إطلاقاً المهادنة والخطأ، وكان صادقا وأمينا. الكذب والخداع ليس لهما وجود في قاموس حياته، وقد ورثت عنه هذه الصفات. وهو معلم، فكنت أدرك تأثيره على الناس، الأهل يؤثرون على عقول أبنائهم وفي عقلي لا بد أن أصبح طبيباً، أو مهندساً، وقد وقعت تحت تأثير هذا الكلام، فلو ترك الخيار لي لما أصبحت طبيباً فقد أكون مهندساً معمارياً أو عالم آثار، فهذه الأمور التي أحبها، لكن قيل لي بأن أتقدم لكلية الطب فتقدمت، وذهبت إلى أسيوط ابتداءً وبقيت فيها لمدة ثلاثة شهور ثم ذهبت إلى مدينة الاسكندرية وأنهيت تعليمي هناك.

الجزء الثاني
سؤال: بالإضافة لكل المبادرات التربوية والتعليمية التي سجلت للدكتور وليد المعاني فإنه يحسب لكم أنكم أسستم في الجامعة الأردنية دائرة لجراحة الأعصاب. لكن يبدو ان هذه الريادة لم تجد المتابعة والرعاية الكافية حيث ان جراحة الأعصاب في الأردن  رغم ما حققته كان يمكن ان تكون أفضل حالًا مما هي الآن:
جواب: آسف لمخالفتك وجهة النظر هذه، لأن جراحة الأعصاب في الأردن هي أحسن جراحة أعصاب في العالم العربي. السبب في ذلك أننا أقمنا في مستشفى الجامعة عام  1984برنامجا لتخريج أطباء جراحة أعصاب، تخرج منه لغاية الآن 25 جراح أعصاب. إذا حسبنا أن عدد جراحي الأعصاب عندنا 55، فنحن من مستشفى الجامعة خرجنا النصف. وللعلم انه لا يوجد عملية جراحة أعصاب من أي نوع تجرى في أي مكان في العالم إلا ونجريها في الأردن، إبتداءً من العمليات البسيطة إلى أعقد عمليات الأورام، وأعقد عمليات الأوعية الدموية في الدماغ. لدينا أحدث الأجهزة الموجودة في العالم، أجهزة أشعة وأجهزة ملاحة وأجهزة الرنين المغناطيسي المتقدمة، وكان مستشفى الجامعة البادئ والخدمات الطبية الملكية كذلك وبكل فخر أذكر ان من كبار أطباء الأعصاب في الأردن خريجو مستشفى الجامعة.
سؤال: موضوع العنف الجامعي كظاهرة سلبية صارخة تعاملنا معه باسلوب الفزعة حيث أجريت بضعة دراسات واجتهادات ثم نام الموضوع  بانتظار ان يعاود الإنفجارمرة أخرى. في أي اطار وميزان تضعون هذه الظاهرة وتنوون اصلاحها ومعالجتها؟ وما مدى دقة تشخيص البعض ممن يرون بعض السبب في المكرمة الجامعية بينما يرى آخرون ان صلب الازمة يكمن في قانون الصوت الواحد الذي ألهب الولاءات الصغير لدى مختلف الأجيال ومنهم الشباب الجامعي؟
جواب: العنف الجامعي ليس جديدا، وبذاكرتي أول عنف جامعي حصل في الجامعة الأردنية عام 1993-1994، ولغاية الآن يسمونها «هوشة السلطية والشركس». كان الدكتور فوزي غرايبة رئيس الجامعة، وانتهت بالطريقة التي تنتهي بها كل «الهوشات» العشائرية.. الدكتور فوزي كان وما زال شديداً، أصر حينها على فصل كل من شارك. جرت تدخلات كثيرة ولم تستطع الجامعة أن تنفذ ما تريد، فخففت الأحكام ورجع بعض الذين فصلوا إلى الجامعة ليعودوا إلى نفس السيرة. كانت الصراعات في تلك الأوقات لها خلفيات ليست عشائرية بالمعنى المفهوم، وانما خلافات على أطر أيديولوجية، بين تنظيمات وجماعات، وعندما جاءت قضايا الانتخابات الطلابية لصناعة مجالس طلاب بعد عودة البرلمان الأردني في عام 1989 بدأت المجالس الطلابية وبدأ الصراع الحقيقي بين جهات منظمة وغير منظمة. المجموعات غيرالمنظمة منها التجأت لأقرب شيء ينظمها وهو نوع من أنواع التآلف الأسري الجمعي العشائري ..الخ، وعندما تكاثرت أعداد الطلبة في الجامعات ازداد العنف. في عام 2002 عندما تركت الجامعة الأردنية كان بها 20 ألف طالب، الآن 40 ألفا وهكذا. الأمور زادت عن حدها وأصبح الموضوع ليس اختلافاً بين الطلاب بالرأي أوحتى بالضرب، وإنما بتخريب وتكسير ممتلكات الجامعة، ما أصبح يؤثر على الطلبة الآخرين وعلى دراستهم. فعندما كنت وزيراً للتعليم العالي في حكومة دولة سمير الرفاعي، كلفت مركز الدراسات الاستراتيجية بعمل دراسة. الدكتور موسى اشتيوي قام بعمل الدراسة عن العنف الجامعي، وفي نفس الوقت كان الدكتور جواد العناني رئيساً للمجلس الاقتصادي فقام بعمل دراسة كذلك، تبين بعد ذلك أن الدراستين متطابقتان، وكانت هناك مجموعة توصيات. علما ان الدكتور الغرايبة كان قد شكل لجنة للنظر بأسباب نفس المشكلة في عام 93 برئاسة مجد الدين خمش أستاذ علم الاجتماع، الذي حصر سببها بثلاثة أمور: الطلبة لديهم وقت فراغ كبير، وهناك حالة اغتراب بين الأساتذة والطلبة، والأمر الثالث الانتخابات الطلابية. وهذه الأمور الثلاثة لم تتغير لغاية الآن، لأجل ذلك ما زال العنف مستمرا. عنف مجتمع انتقل إلى الجامعة من البيت  الذي هو الأساس كما المدرسة هي الأساس أيضا.. نحن نعلم في الطب وعلم النفس وفي كل السلوكيات أن القيم تكتسب لدى الطفل قبل بلوغه الثماني سنوات، فالأمين والعنيف واللص يكتسب تلك الصفات قبل سن الثامنة من عمره. ومن يقول بأن العنف جاء من طلبة دخلوا الجامعة بمعدلات متدنية، ومن يتهم المكرمات الملكية بأنها سبب هذا العنف أقول لهم هذا غير صحيح، لأنه كان موجوداً قبل بدء المكرمات وما زال، وفي كثير من الأوقات شارك في العنف أشخاص لا علاقة لهم بالمكرمات التي هي أساسا ليست استثناءاً، وانما أعطيت لأسباب وحالات معينة.
سؤال: موضوع ضرب الأهالي للمعلمين وللأطباء، هو الآخر أخذ طابع الفزعة المؤقتة وبقيت الظاهرة كامنة وقابلة للتجدد في أية لحظة.. أين تكمن أسباب هذا الجنوح الاجتماعي العام الذي فقدت فيه الوظيفة الحكومية هيبتها وقداستها؟
جواب: موضوع ضرب الأهالي للمعلمين والأطباء سببه منظومة القيم التي اختلفت لدينا، فهيبة المعلم والطبيب لم تعد موجودة لأن الأشخاص أنفسهم بدأوا يتصرفوا تصرفات لا توحي بالثقة والطمأنينة ولأن الدولة كذلك لم تتدخل لحمايتهم. لنأخذ فئة المعلمين، فالمعلم غير مكتف مادياً، ومن يعمل منهم في وظيفتين وثلاثة ويأتي منهكاً في اليوم التالي إلى المدرسة، ماذا نتوقع منه؟ على الدولة اراحته ماديا وهذا يريحه نفسيا ويزداد عطاءً واخلاصا لمهنته.
العملية التربوية جهة اخرى هامة وهي ضرورة ان يكون المعلم خريج دار المعلمين كما كنا في الماضي. دار المعلمين تعلمك كيف تدرس. الآن  من  درس الفيزياء لم يدرسها ليصبح مدرس فيزياء، بل درسها ليعرف الفيزياء. فالعارف في الفيزياء ليس كمعلمها. وإذا نظرنا إلى جامعة كبيرة معتبرة كجامعة كولمبيا لماذا يوجد فيها كلية للمعلمين؟ لأنها تخرج معلمين فقط.
بالنسبة للأطباء، فللأسف ان أهالي المرضى يعتقدون أن الطبيب يحيي ويميت، ناسين أو متناسين ان لكل أجل كتاب، كما لا يعرفون بأن واجب الطبيب بذل الجهد للعلاج، والشافي هو الله. لذلك حتى لا تتسيب الأمور وتزداد سوءا يجب أن يكون هناك قانون للمساءلة الطبية حتى نستطيع أن نحكم السيطرة على ممارسات الأطباء والمستشفيات. فطلب الخدمات لا يتأتى بالضرب، فإذا كان المستشفى لا يقدم خدمة صحيحة فلنشتكي على الطبيب، وعلى مدير المستشفى وعلى الوزير، ولنجعل النائب الذي يمثلنا أن يتحدث بهذه القضية في مجلس النواب أمام الحكومة.. هناك طرق مختلفة. كل من يعتدي على طبيب اثناء قيامه بعمله وهو عمل عام يجب أن يحاكم حسب قانون العقوبات الأردنية، وهذا ما تطالب به نقابة الأطباء ولكن لم يحدث لغاية الآن لأن المضروبين والمعتدى عليهم يسقطون حقوقهم نتيجة الجاهات العشائرية. لو وقفوا وقفة رجل واحد دون تهاون معتذرين عن قبول الجاهة ليأخذ القانون مجراه بمعاقبة المذنب لكان الأمر مختلفا تماما.. فالمجتمع هو السبب.
استراحة
 سؤال: أمضيت في الدراسة حوالي 17 سنة في ثلاث بيئات اجتماعية تعليمية هي الأردن ومصر وبريطانيا امتدت من ١٩٦٠ ولغاية ١٩٧٧. كيف ترى الآن تلك الفترة العمرية بتأثيراتها النفسية والاجتماعية عليك؟ أي من تلك البيئات الثلاث كان لها التأثير الأكبر في بلورة الخصوصية الشخصية لكم؟ هل قادتك البيئة الجامعية إلى الانخراط الحزبي والسياسي؟ وكيف تقيم الخدمة الوظيفية التي عملت بها في مستشفيات الاسكندرية ولندن  مقارنة مع الأردن؟
 جواب: أكثر التأثيرات البيئية عليّ كانت المصرية، كونت مصر شخصيتي.. أحبها وأعشق الحواري فيها والأزقة والمقاهي والمآذن وحلقات الذكر ورائحة الشوارع وطيبة الناس هناك. هذه أثرت بي كثيراً، كنت أحب أم كلثوم كثيراً. عشت في مصر في زمن كان العرب فيه يعتقدون أن زمن الانحطاط انتهى وابتدأت النهضة الجديدة. لكنني لم أنخرط في الأحزاب مطلقاً. سرت بنصيحة والدي بالانتباه للدراسة والعلم، ولذلك لم ألتفت للاحزاب، وما زال هذا النصح في وجداننا كأردنيين لغاية هذا اليوم. لذلك أعتقد أن الحياة الحزبية لم تنجح لدينا، بانتظار أن ينقضي هذا الجيل الذي نُصح من الجيل السابق بأن لا ينخرط في الأحزاب.

الجزء الثالث
سؤال: لكم مقولة معروفة رددتم فيها على قائل بان التعليم الجامعي لدينا يحتضر، حيث قلتم أنه «مريض مرضاً صعباً، سببه الأدوية التي اخترناها لعلاجه وكثرة الأطباء الذين تعاقبوا عليه». مرة ثانية: إلى أي درجة تشاركون الرأي ان التعليم الجامعي الأردني تراجع بقسوة فاجعة خلال السنوات العشرين الماضية وان بعض الخريجين  يمكن إدراجهم في الأمية الثقافية؟ هل لذلك علاقة بضعف الامكانيات أم بالنزعة التجارية للتعليم الجامعي أم في تسرب الكفاءات التعليمية بحثًا عن رواتب أفضل في دول عربية وأجنبية أخرى؟
جواب: صحيح، لقد رددت في العبارة- كما في سؤالك- على الدكتور محمد عدنان البخيت عنرما قال بأن التعليم الجامعي يحتضر، فقلت أنا إنه لا يحتضر إنما هو مريض مرضاً صعباً. والسبب الأهم في هذا الأمر كثرة أعداد طلبة الجامعات وتدني نسبة الأساتذة بالإضافة للتجارة والربح إذا ما أضفنا إلى كل ذلك هبوط الهمم. نحن تحدثنا عن العنف الجامعي من زاوية انه توجد حالة اغتراب بين التلميذ والأستاذ وحالة الاغتراب هذه تنعكس بتعليم متدني. كانت النسبة قبل 20 سنة 15 طالبا للأستاذ، اما الآن فالنسبة 45 طالبا للأستاذ، فكيف يستطيع أن يعلّم؟ أساتذة ذوو مستوى متدن، وطلبة كثير منهم لا رغبة لديهم في التعلم وإنما جاء ليأخذ شهادة.. جامعات لا تريد ان تفصل طلبتها أو تجعلهم يرسبون لأن هذا سينعكس على الدخل. جامعات أخذت فوق طاقتها من الطلبة. كلية الطب في الجامعة الأردنية أخذت هذا العام 600 طالب، ولا أعتقد أن قدرتها أكثر من مائتي طالب. نقول هذا مواجهة ويقولون بأنهم يريدون هذا العدد حتى يحصلوا دخلاً للجامعة. العملية تجارية واضحة خاصة في الجامعات الخاصة مما أدى لتدهور التعليم الجامعي في الأردن لأن المعايير لا تطبق، ليست معايير هيئة الاعتماد. لا يدرسون بهدف الانتاج الحقيقي وإنما يريدون أن يملأوا المقاعد طلبة. لقد دعوت لإيقاف إنشاء الجامعات الخاصة لأنها كلها نسخة طبق الأصل عن بعضها. أتمنى أن تكون هناك جامعات متفردة بشيء، مع اعترافي بان جامعة العلوم والتكنولوجيا جامعة متميزة، وكم تألمت عندما تقرر إنشاء كلية للطب في جامعة اليرموك، لأنه في عام 1987 عندما فصلت جامعة العلوم والتكنولوجيا من رحم جامعة اليرموك قيل سندع الأمور العلمية هنا والأمور الاجتماعية والإنسانية هناك. اليرموك كان ينظر إليها على اعتبار أنها جامعة مهمة في العالم العربي والآن أدخلوا فيها كلية للطب، والسبب لفتح كلية طب حسب تبرير رئيس الجامعة أنه يريد ان يورد مالاً إلى الجامعة، وليس هناك أرحب لجلب المال كالطب، فإذا كان رئيس الجامعة مقتنعا بهذه النظرية فلماذا يقتنع مجلس التعليم العالي بها؟! كان عليه أن يعترض لكن  للأسف لا توجد أسس ثابتة حتى نسير عليها في التعليم الجامعي
 سؤال: هجرة الكفاءات وما تتضمنه من خسائر مالية وفقدان فرص تنموية كبيرة... بالنسبة لنا في الأردن الموضوع يختلط مع تشجيع الدولة للإغتراب سعيًا وراء تحويلات مالية تشكل عصبًا رئيسيا للموارد العامة
جواب: بالنسبة لقضية الهجرة، أنا أُعلم طلاب طب سنة خامسة، أي قبل سنة من تخرجهم وعندما أنظر إليهم أجدهم محبطين. في أحيان كثيرة نتبادل المعلومات العامة. سألتهم عن الحضارة العربية للأسف لا معلومات لديهم، واللغة كذلك. وبعض المعلومات المتعلقة عن الأردن غير موجودة في أذهانهم، وهم طلبة من ذوي المعدلات العالية لا يعرفون إلا ما يتعلق بالطب، وكل هدفهم أن ينجحوا في الامتحانات التي تجريها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة ليذهبوا للتخصص، وعندما يجدون المال الكافي فإن 60-70% منهم لا يعودون. إذن كأهل وكدولة ننفق على هؤلاء لنصنع منهم أطباء متميزين ثم نهديهم لأمريكا وبريطانيا، سيعود بعضهم كما عاد البعض. آخرون سيتركون الجامعة والخدمات الطبية ووزارة الصحة ليذهبوا إلى القطاع الخاص. جميعهم يقيمون النهضة السياحية العلاجية التي أقمناها وهي نهضة جيدة فيها 250 ألف مريض جاءوا العام الماضي 2013، يعني مليار دينار في سنة واحدة.. هناك ممارسات خاطئة للمستشفيات والأطباء ولن يوقفها إلا قانون المسؤولية الطبية الذي ما زال محفوظاً في الأدراج منذ عام 2003.. المتنفذون بما في ذلك نقابة الأطباء لا يريدون لهذا القانون أن يرى النور، لانه ليس في مصلحتهم، فالنقابة تدافع عن الأطباء ولا تريد لهم المساءلة.
 سؤال: مسمى وزارة التعليم العالي في الأردن يرتبط بمسمى البحث العلمي.. أين هو البحث العلمي في أولوياتنا المؤسسية؟ لماذا لم نستطع طوال هذه الفترة ان نجعل للبحث العلمي ما يستحقه من إرادة وبرمجة ومخصصات وشراكة للقطاعين فيه كما هو الحال في معظم بلدان العالم؟
جواب: للأسف فان البحث العلمي في العالم العربي سيء جداً. العالم العربي كله لم يكتب ولم ينتج ما أنتجته إسبانيا، لا بل ما أنتج في إسبانيا في العام 2009 يساوي مجموع ما أنتجه العرب منذ زمن. 0.4 % من الدخل الإجمالي القومي في العالم العربي ينفق على البحث العلمي، بينما في سويسرا 7%. نحن لدينا صندوق للبحث العلمي، وميزانيات للجامعات، والخاصة منها أجبرناها حسب قانونها أن تدفع 5% من موازنتها للبحث العلمي وللإيفاد والمؤتمرات، ووضعنا في القانون أن الجامعة الخاصة إن لم تنفق الأموال لمدة ثلاث سنوات تتحول إلى صندوق البحث العلمي في وزارة التربية والتعليم.. هناك قضايا في المحكمة الآن لأن الجامعات لا تريد لصندوق البحث العلمي أن يأخذ هذه الأموال التي لم تستخدم. ثم جاء قانون ضريبة الدخل عام 2009 وقرر إيقاف ال 1 % التي كان أحد القوانين يعطيها من أرباح الشركات للبحث العلميالآن عادوا ليفرضوا قليلا من المال على الشركات. لا أعتقد أنهم سيستطيعون وبالتالي فان الأموال التي تأتي للبحث العلمي هي أموال قليلة. التجارة والصناعة التي هي أساس البحث العلمي غير موجودة في بلادنا وما زال الصانع والتاجر الأردني يتعامل بعقلية تاجر الدكان وليس صاحب المصنع. صندوق البحث العلمي يوزع في السنة عددا من ملايين الدنانير على المشاريع، وقد نتجت عن هذه الأموال مشاريع في غاية الروعة، إنما كالعادة علاقاتنا العامة سيئة ولا نعلن عنها
هل تعلمون بأن نصف جامعة مؤتة وبعض الشوارع في الكرك تضاء بالطاقة الشمسية نتيجة مشروع نتج عن أحد أبحاث الشباب في جامعة مؤتة؟ وهناك موضوع اسمه دكتور لكل مصنع. صندوق البحث العلمي ربط كل مصنع بأحد أساتذة الجامعات الأردنية في كليات الهندسة، وهذا مشروع ناجح، لكن للأسف الجامعات نفسها لا يوجد بها بحث علمي جيد، لأن البحث العلمي لا يجرى من أجل ذاته وإنما من أجل الترقية
استراحة
سؤال: يقال ان بعض ما اكتسبته من دراستك في بريطانيا كرهك للواسطة ورفضك لها كمبدأ وممارسة وهو الأمر الذي لم يجعلك سياسيًا نموذجيًا في العرف الأردني الذي يألف الواسطة؟ 
جواب: أكره الظلم، وكرهي له نتج من قصة لن أنساها حصلت معي.. ما أقوله بداية ان في خلفية الوالد التربوية لنا انه لا يجوز لأي ذوي طالب بأن يرسلوا هدية للبيت، حيث كان الوالد معلما ثم مدير مدرسة. ذلك ممنوع لدرجة أن عواقب الأمور ستنهمر على كل المنزل إذا طرق أحدهم الباب ومعه هدية
عام 1977 عدت للأردن حيث أنهيت التخصص وجئت للعمل هنا. ذهبت إلى كلية الطب لأعمل جراح أعصاب، فقال لي عميد كلية الطب في الجامعة الأردنية وكان رجل إنجليزيا اسمه فرانك هاورث، بأنهم لا يريدون أطباء جراحة أعصاب، فاستغربت وذهبت للخدمات الطبية وأخبرتهم بأنني جراح أعصاب فأرادوا تحديد موعد لتدريبي. أخبرتهم بأنني لو أردت التدريب لبقيت في بريطانيا، وقد تخرجت من أفضل المستشفيات هناك، وبالتالي أنا على سوية عالية. رفضت التدرب حيث أنني أنتهيت منه فلم يوافقوا فغادرت وعدت إلى لندن ، وفي «حلقي غصة». في الأثناء تذكرت أصدقاء والدي منهم الدكتور سعيد التل فكتبت له رسالة عواطف ان جاز التعبير «ولغاية هذه اللحظة أطالبه بأن يعطيني إياها وهو غير موافق على ذلك». أخبرته في الرسالة عن وضعي وما حصل معي مستغربا بأنه ليس لي مكان في الأردن مع أنه لا يوجد عندنا جراحو أعصاب. أخذ الدكتور سعيد رسالتي للدكتور اسحق الفرحان وكان وقتها رئيساً للجامعة الأردنية، فقرأها وسأل عن عميد كلية الطب الذي جاوب هذا الجواب، وأرسل الدكتور الفرحان الكتاب لقسم الجراحة (متجاوزا العميد) الذي نسب بتعييني في قسم جراحة الأعصاب فعدت للوطن وعملت جراح أعصاب وبعدها أصبحت رئيساً للجامعة في عام 1998 وحينها حدثت قصة مشابهة عندما أعلنا عن بعثة لدراسة الدكتوراة في القانون في الجامعة الأردنية شريطة أن يكون المتقدم حاصلاً على الماجستير بتقدير جيد جداً. أعلنت النتائج. طلب شخص موعدا لمقابلتي وقال لي بأننا نسبنا شخصا ما للذهاب ومن المفروض أن لا يتم تنسيبه، سألته عن السبب فقال بأن المطلوب أن يكون حاصلاً على درجة الماجستير وهذا الشخص ليس حاصلاً عليها حيث أنه تقدم لامتحان الماجستير ونجح فيه وكان الأول على الدفعة لكن  مجلس العمداء لم يصدر القرار بمنحه درجة الماجستيربعد،  وبالتالي شكلياً هو لا يحمل درجة الماجستير ويجب أن يستثنى  وبالتالي فإن المستدعي يكون هو المرشح. أخبرته أن كلامه صحيح، واتصلت بالشخص المرشح الذي كان ينتظر هاتفي حسب قوله وبارك لزميله الأحق بالبعثة منه وأخذ حقه
وللعلم كراهيتي للواسطة والمحسوبية قادتاني لعدم إدخال زوجتي الجامعة عندما كنت رئيساً للدراسات العليا وايضًا لم ألحق ابنتي في الجامعة الأردنية حتى لا أخالف القانون عندما كنت رئيساً لها، وسجلتها في الجامعات الخاصة
الجزء الرابع
سؤال: من تجربتكم في مجلس الملك الخاص، هل ترون حاجة لمراجعة دور المجلس كغرفة تشريعية، باتجاه دعوات البعض لأن يكون المجلس بنصفه على سبيل المثال، أو باتجاه آخر يعزز مسيرة الاصلاح؟ 
جواب: مجلس الأعيان متوازن، وفيه مجموعة من الحكماء الذين يستطيعون أن يعادلوا ما قد يتأتى من شطط في بعض الأمور. الحماس أحياناً جيد وأحياناً لا، فتحتاج إلى شخص لديه خبرة كبيرة حتى يعطي رأيه، إنما هل انتخاب المجالس التشريعية عموماً أفضل أم تعيينها هو الأفضل؟.. نجد في كثير من العالم من يلجأ إلى التجربتين، في الولايات المتحدة المجلسان منتخبان، مجلس الشيوخ والنواب، بينما في بريطانيا نجد أن مجلس العموم منتخب واللوردات معين، وليس عيباً في أن يكون معيناً كما هو الآن ما دُمنا مجلس الملك، إنما من المناسب أن يقوم رئيس الوزراء بتنسيب أسماء الأشخاص لجلالة الملك بناء على معطيات أفضل مما يجري.. وانني لأجد لو عاد عدد أعضاء مجلس الأعيان كما كان سابقاً أربعين عضوا  ومجلس النواب 80 نائبا، لكان أفضل
سؤال: الوظيفة الحكومية بما فيها كرسي الوزارة فقدت هيبتها ومع ذلك ما زال في مخيلة كل مواطن أردني حلم ان يصبح وزيرًا وكل سيدة أردنية ان تصبح حرم معاليهلكم في هذا المجال قصص نعرف أنها تستحق الرواية ولو من باب الطرافة؟ 
جواب: يعتقد العموم أن فتح باب الوزارة لشخص يعطيه ميزات ما كان ليحصل عليها في الوضع الحالي. باعتقاده انه إذا أصبح وزيرا أو وزيراً سابقاً فأنه يعامل معاملة خاصة. الناس لديهم انطباعات غير دقيقة، لأنني أعرف ان هناك من لم يستفد من منصبه الوزاري إلا اللقب، فهذا أصفه بأنه كلف بمهمة وقام بها خير قيام فبذل جهده ولم يستفد من المنصب، وهناك العكس، إذن الاختيار يجب أن يكون مبنيا على الصدق والأمانة هذا ما يجب ان يكون وتلك الصفتان فوق كل اعتبار
  سؤال: قيل ان  اختياركم وزيرًا في حكومة المهندس نادر الذهبي جاء على أثر نشركم  لمقال عن تطوير التعليم العالي عندما كنتم  في مجلس الأعيان حيث  لفت المقال انتباه رئيس الوزراء فاستدعاكم في تعديل وزاري لتنفيذ ما كتبتموه في ذلك المقالما مدى دقة ذلك وماهي بالضبط الطروحات التي تضمنها ذاك المقال؟ وهل استطعتم تنفيذها؟ 
جواب: المقال الذي كتب في ذاك الوقت كان صحيحاً في ذلك الوقت وما زال صحيحاً الآن. لم يتغير شيء للأسف، كتبت في ذلك المقال جملا وغضب مني الناس، إحدى الجمل: «لقد دخل من أبواب الجامعات أساتذة ما كان يجب أن يصلوا إلى أبوابها»، وأسمع طلابا يشتكون من أساتذتهم، وهي حالة الاغتراب التي نتحدث عنها. وتحدثت عن الرسائل الجامعية كيف تجري وتحدثت عن المناهج وعن التلقين وعن غياب أندية الحوار وتحدثت عن الفكر الآخر في الجامعات، وتحدثت عن الجامعة التي تطور العقل والفكر والثقافة، وتحدثت عن رفاهية الوقت وما زلنا نتحدث عنها، وكأننا نراوح في مكاننا، والآن اقول يجب أن نتحدث مع الشباب.. شبابنا يعيشون في واد، ونحن في واد آخر، إن لم نقترب منهم ابتعدوا عنا، إن لم نتحدث معهم ذهبوا إلى من يأخذهم تحت جناحه وقد ينحرفون. هؤلاء الذين نعول عليهم في المستقبل كيف نتركهم؟
سؤال: كيف تقيم الخدمة الوظيفية التي عملت بها في مستشفيات الاسكندرية ولندن  مقارنة مع الأردن ؟
جواب: خدمت في الاسكندرية عامين، سنة منها طبيب امتياز وبالتالي هي جزء من متطلبات الدراسة، وسنة بعد التخرج في الجراحة العامة. لم أعط مسؤوليات بما فيه الكفاية، وانطباعي عنها أنها كانت ممتعة لكثرة الفراغ فيها، كنت أعمل نائب جراحة، لكن عندما ذهبت إلى بريطانيا وجدت الفرق الشاسع بين ما كنت أمارسه في مصر وأمارسه في بريطانيا. في بريطانيا أنت عجلة في آلة، أنت ترس في ماكينة، الماكينة تسير بمجموعة هذه التروس، لا يوجد شيء شخصي ولا حس إنساني بتاتاً، وبالتالي أنت تقوم بعمل محدد ويجب أن تقوم به وتتقاضى مقابل ذلك مبلغاً معيناً من المال، يجب عليك أن تنهيه بحرفيته، لا يوجد لعب ولا فراغ ولا ملهى، وبالتالي العمل في بريطانيا أنت صبي للمعلم، إلى أن تدرك في يقينك أنك قد أتقنت الصنعة، وهو أمر مختلف تماماً عما يجري في دول كالولايات المتحدة. في الولايات المتحدة برنامج، ولا تنتقل من سنة إلى أخرى إلا بعد إجراء امتحان، لكن في بريطانيا التلمذة على شخص مثلما كان في الحضارة العربية القديمة. حديثاً وجدت بريطانيا أن هذا غير صحيح، وأرادوا أن يقوموا بالعمل كأميركا، اخترعوا نظاماً جديداً فأصبحوا كالغراب الذي حاول أن يمشي كالبطة، ففقد قدرته على المشي ولم يكتسب قدرة البطة، وهذا أثر على أبنائنا الذين كانوا يذهبون إلى بريطانيا وهم الآن واقعون في مشكلة كبرى. سبق وكتبت موضوعاً كبيراً جداً عن مشاكل التدريب في بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية، بهدف خدمة الطلاب الموجودين الذين يعانون من صعوبة الحصول على وظائف التدرب في بريطانيا، واقترحت وأرسلت حديثاً رسالة إلى مجلس النواب أدعوهم فيها إلى إقامة برنامج موحد أردني للإقامة وتدريب الأطباء في الأردن بدل أن يكون لدينا في كل مستشفى برنامج، حتى لا نخسر هؤلاء الذين نخرجهم من كلية الطب ويذهبوا إلى الخارج. نامل أن تسير الأمور سيراً حسناً ويأتي من يقتنع بجدوى هذه الفكرة
عندما عدت للأردن وجدت أن لدينا طب جيد أفضل من طب مصر، إنما لا زلنا في كثير من الأمور نفتقر إلى كثير مما يجري في الغرب وخاصة الالتزام، التزام الطبيب والأهم من ذلك التزام الممرضة والممرض والتزام الفني والفنية، والتزام الخدمات المساندة في المستشفيات. ما يوجد لدينا لا يساوي عُشر ما يوجد في الخارج، بالنسبة للخدمات المساندة، إنما الطب لدينا مرتفع، والمشكلة أن الطب خليط بين الطبيب والخدمات المساندة، فقد تكون العملية رائعة النجاح إنما تفشل لأن الخدمات المساندة فشلت، وهذا موجود عندنا ويجب أن نقوم بإصلاح أوضاع الخدمات الطبية المساندة بالامتحانات ومعايير لضمان الجودة، وضرورة ان يعود الأطباء للتقييم كل خمس سنوات، فلا يجوز أن أحصل على شهادة من عام 1950 وما زلت أمارس الطب بها الآن، يجب أن أمتحن كل خمس سنوات حتى يتم التأكد بأنني على سوية جيدة، وأن يتم هذا للممرضة ولفني التخدير ولفني الأسنان وهذه كلها من مهام المجلس الطبي الأردني بالنسبة للأطباء ولكنه تخلى عنها.. المجلس الطبي الأردني يمتحن الأطباء، ولكنه لا يقيمهم كل خمس سنوات، ولا يقوم بذلك إلا مرة واحدة. الآن الأطباء المتخرجون من أميركا مطلوب منهم أن يذهبوا إلى الولايات المتحدة كل خمس سنوات حتى يجددوا شهاداتهم، بامتحان يعقد لهم، وخلال الخمس سنوات يجب عليهم أن يحضروا عددا معينا من المؤتمرات ويجمعوا عددا معينا من النقاط، ليثبتوا انهم متابعون لما ينشر في المجلات الطبية، وإذا لم يذهبوا يتم الغاء شهاداتهم وهذا ما تقدمنا به كمقترح وأسميناه التعليم الطبي المستمر، كما وقدمنا مقترحا بإصلاح المجلس الطبي الأردني.  
استراحة
  سؤال: ينسب لكم القول ان زواجكم كان أفضل شيء حصل قي حياتكم . كيف حصلت المعرفة عام 1973 والاقتران بزوجتك ميسون محمد نزال العرموطي؟ 
جواب: جاءت المعرفة تقليدية جداً، ففي إحدى زياراتي للأردن كنت في الـ 27 من عمري، أخبرت والدي بأنه أصبح من المناسب أن أتزوج، فسألني إن كانت هناك فتاة معينة، فأخبرته بالنفي. كان صديق الوالد (رحمه الله) معالي محمد نزال العرموطي، وكنا جيرانا في الشميساني، حيث كان لديهم خمس فتيات، وحصل النصيب مع ميسون ونعم الزوجة هي.. أعتقد أنها من السيدات اللواتي يأتين بالحظ، اضافة لكونها زوجة صالحة وأما صالحة ومريحة في بيتها ومع أسرتها، هي أيضاً اجتماعية بطريقة لبقة، وقد رزقني الله منها بأربعة أبناء، ابنتين وولدين ولله الحمد. الكبير طارق ويعمل الآن في بريطانيا اختصاصي أمراض أنف وأذن وحنجرة، متزوج من الدكتورة رانيا الزبيدي، ولديهما حفيدتنا الأولى جمانة. ونور، متزوجة من الدكتور أمير ملكاوي، وهي طبيبة أمراض جلدية ، وهما في بريطانيا
الجزء الثاني من العائلة وهم الأصغر، تمارا وخالد، بكالوريوس إدارة أعمال. تمارا تزوجت حديثاً، من السيد نضال العالول، وخالد ما زال أعزباً
بالنسبة لأحفادي قلت بأن لدي حفيدة من ابني طارق، ولدي أيضاً من ابنتي نور،  جود وحسن حفظهم الله جميعا.

Featured Post

PINK ROSE