التعليم العالي في حكومة النسور الثانية : انتعاش القطاع الخاص وموت سريري للتعليم التقني ومجهول ينتظر الجامعات الحكومية

 
كتب علي العزام


قبل ثلاث سنوات وفي صيف العام 2010 اتصل وزير التعليم العالي والبحث العلمي الدكتور وليد المعاني آنذاك بالدكتور أمين محمود وزير التعليم العالي والبحث العلمي المعين أمس عارضا عليه رئاسة جامعة اليرموك في سياق تغييرات كانت الحكومة تقوم بإجرائها آنذاك ولكن الدكتور أمين محمود اعتذر وقتها لأسباب متعددة منها عدم القدرة على السفر يوميا إلى اربد في ذلك العمر .
اليوم وبعد ثلاث سنوات يعين الدكتور محمود وزيرا للتعليم العالي ليكون مسؤولا عن متابعة شؤون ما يقارب 30 جامعة حكومية وخاصة ورعاية أكثر من ربع مليون طالب على مقاعد الدراسة في تلك الجامعات
.
حكومة النسور ضمت بالإضافة للدكتور أمين محمود الدكتور محمد الوحش وزيرا للتربية والتعليم وكلا من الدكتور أمين محمود والدكتور الوحش يعتبران من أعمدة التعليم الخاص في الأردن فالدكتور أمين محمود ترأس أكثر من جامعة خاصة كما وأنه مساهم في أخرى أما الدكتور الوحش فهو مدير التعليم الخاص وهو مستشار لأكثر من مؤسسة تربوية خاصة .ويضاف إلى الوزيرين وزير ثالث وهو من أهم المستثمرين في قطاع التعليم الخاص وهو الدكتور نضال القطامين وهو مساهم في جامعات خاصة وصاحب واحدة من أكبر المؤسسات في الخدمات الجامعية ويجلس على قمة هذه التوليفة الدكتور عبدالله النسور رئيس مجلس أمناء أحد الجامعات الخاصة .
إن هذه التوليفة لأكاديميين مرموقين من القطاع الخاص لها دلالات مهمة في ظل وضع قانون الجامعات الأردنية على جدول أعمال دورة البرلمان الحالية حيث أن النسور والقطامين أبان وجودهما في لجنة التربية البرلمانية في البرلمان السابق وقفا بشدة ضد مشروع التعليم التقني والذي اعتبرته كافة الدراسات الإكتوارية والدولية لجهات دولية والبنك الدولي من أهم المشاريع للتحول نحو الاقتصاد المعرفي والتقليل من البطالة وتوجيه القوى البشرية نحو سوق العمل ومتطلباته وهو ما يتعارض مع مصالح الجامعات الخاصة والتي تعتقد بأن مصالحها في عدم التوجه نحو هذا المشروع لأنه سيقلل من مدخلاتها الطلابية .
أما الحدود الدنيا للقبول والتي وضعت معدل 60% كحد أدنى في الجامعات الخاصة كان من ضمن الضغوطات التي مارسها مالكو الجامعات الخاصة على التعليم العالي لتخفيضها الأمر الذي قد يجعل المرحلة القادمة فرصة مواتية لتخفيض تلك المعدلات .
النسور في حكومته الثانية استطاع أن يحرك الخيوط كافة لتحقيق أهداف كان يرمي لها منذ تعيينه ولكن التقييد الذي فرضته مواقع القرار العليا على تشكيلة حكومته الأولى لم تخدم تلك الأهداف ولكن تحت غطاء التوازنات ومحاولة استرضاء قوى نيابية أظهرت معارضتها له قام النسور بإخراج التوليفه فالدكتور أمين محمود إلى جانب أنه أكاديمي مخضرم ومؤسس ومن أعمدة التعليم الخاص في الأردن فهو صاحب صالون سياسي أحد أهم مرتاديه خليل عطية وعدد من أعضاء كتلة وطن النيابية والتي تتأرجح أوراق دعمها للحكومة فمرة هي من فريق الثقة وفي أوقات أخرى فهي تناوئ الرئيس .
بهذه الخطوة ضرب النسور أكثر عصفور بحجر واحد فهو تخلص من مشاريع نحو التعليم التقني واثبت لرفاقه وشركاءه في جامعات القطاع الخاص بأنه الوفي كما وكسب ثقة فريق عريض ممن ينضوون تحت مظلة عطية فلن يكون بإمكانهم التصويت بحجب الثقة على حكومة فيها الدكتور أبو خلدون صاحب أهم صالون سياسي يضمهم الوزير رقم 2 في حكومة النسور الثانية .

أما الجامعات الحكومية والقضايا التي تعيشها ومن أبرزها أوضاع العاملين والأوضاع المالية المتردية فقد تكون أولوية متأخرة لدى حكومة النسور كما وأن ملفات التجاوزات المالية والقانونية التي عانت منها وتعاني منها بعض الجامعات وقيادتها سيكون مآلها الى المجهول ولتطمأن أفئدة القيادات المتردية .

الأيام القادمة ستكون مهمة في تحديد وجهة التعليم العالي وإنفاذ المشاريع أو تعطيلها سيكون الكلمة الفصل في الحكم على توجهات النسور وحكومته الثانية والتي لا تبدو أنها كما يجب .

No comments:

Featured Post

PINK ROSE