نحو قراءة الأفكار الجادة في البرامج الموازية في الجامعات الأردنية

نحو قراءة الأفكار الجادة في البرامج الموازية في الجامعات الأردنية
 أ.د. محمد القضاة

11/04/2016 - 7:30am

طُرحت في الآونة الاخيرة العديد من المقالات الجادة والآراء السديدة حول البرامج الموازية وعدم دستوريتها، وهي افكار يجب ان تناقش بروية وموضوعية؛ لأنها تضع يدها على الخلل الحقيقي الذي تعيشه الجامعات والأسر الاردنية، ومن الجدير ذكره اطروحات الدكتور وليد المعاني التي تناول فيها فكرة هذه البرامج وتسلسل فيها حين طرحت عام 1997في مقالته ذائعة الصيت والمعنونة:» التعليم الموازي والتمويل الجامعي ومجانية التعليم» والمنشورة في جريدة الغد بتاريخ 14/ 3/ 2016 ، وتحدث فيها بلغة الأرقام وتاريخ معظم البرامج التي بدأتها الجامعات منذ العام 1997 حين قال: « لطالما كنت من القائلين بعدم دستورية البرنامج الموازي، وبأنه سيخلق لنا من المشاكل أكثر مما يحل. قلت ذلك عندما عملت نائبا لرئيس الجامعة الأردنية العام 1997... وقلتها وأنا وزيرا للتعليم العالي في حكومة سمير الرفاعي. وما أزال مقتنعا بهذا الأمر لغاية اليوم».
هذا كلام واضح يستحق القراءة؛ لانه يضع النقاط على الحروف ويدرك كاتبه حجم المشكلات التي بدأت تعانيها الجامعات في إطار إعداد الطلبة والظروف المالية الصعبة للجامعات وعدم قدرة الجامعات على تنفيذ الطاقة الاستيعابية التي تقررها هيئة الاعتماد، ولان البرامج الموازية موجودة الآن وغدت مشكلة حقيقية لعدم قناعات الكثيرين بها، غير انها تسد جزءا من العجز المالي للجامعات، واذا ما الغي هذا البرنامج لا بد من تعويض هذا العجز كي تستمر الجامعات في برامجها الأكاديمية والعلمية، وهذا ما أشار اليه الدكتور المعاني في محاضرته يوم السبت9/ 4/ 2016 في مقر حزب الإصلاح عندما طالب بإلغاء البرنامج الموازي وتعويض الجامعات عن الدخل، وذلك لتحقيق العدالة ولتحميل الحكومة مسؤولياتها في دعم جامعاتها الحكومية ولإصلاح الخلل الدستوري في القبول، وهذا الرأي يضع الجميع امام معادلة غاية في الأهمية في ظل تنامي شعور اللامسؤولية الجمعية عند الكثيرين ممن يريدون ان تفتح الجامعات ابوابها على مصراعيها لكل من هب ودب، دون ان يعي هذا الشعور ما تعانيه الجامعات من ظروف صعبة قد تنذر بانهيار الجامعات ماليا، وهو ما يتوافق احيانا مع الصورة السلبية التي تأتي احيانا من فكر متطرف او صاحب نظرية فوضوية تدعو الى تكثيف الضغط على مؤسسات الدولة لتخفيض حتى رسوم البرنامج العادي والدراسات العليا لغايات واهداف شخصية، وهذه الأفكار لا تخدم العملية التعليمية، ولا المؤسسات الجامعية؛ وإنما هي نذير فكر متطرف بين بعض الطلبة، وللأسف أشار بعض الطلبة الى دور بعض الأطراف في تأجيج الموقف من داخل البيت الجامعي للاستمرار في الضغط للتشويش على اي فكرة إيجابية يمكن ان تخدم الجامعة وبرامجها العلمية والاكاديمية. ومما يؤسف له ان هناك بعض الحملات تتبنى ذلك الفكر الذي يطالب بمجانية التعليم دون طرح البديل، غير أن ما يطرحه الدكتور المعاني غاية في الاهمية لانه الوحيد الذي يتبنى مشروعا متكاملا في هذا الاطار وبالتالي يجب الاصغاء له ومحاورته للوصول بالجامعات الى بر الآمان.
أما موضوع الدراسات العليا فهي رفاهية، وليست ضمن التعليم الجامعي الأساسي والإلزامي لغايات التعلم والتوظيف؛ وإنما هي استزادة من العلم يقوم به الأشخاص القادرون على دفع تكاليفها، وبالتالي لا يجب ان نضع برنامج البكالوريوس في سوية الدراسات العليا، وكلاهما مختلف في الأهداف والرؤية، واذا أردنا ان تصل الجامعات الى رؤية تصل معها الى إلغاء الموازي ومجانية التعليم علينا ان نقرأ المقترحات بعناية لأنها تناقش الامر بفكر منفتح ورؤية واضحة المعالم؛ خاصة حين يقول المعاني: « لو نظرنا للبرنامج العادي لوجدنا ان هذا البرنامج يشمل مجموعات من الطلبة تقوم الدولة ومؤسساتها بتسديد رسوم ما يقارب 40 بالمئة منهم، وهم طلبة المكارم الملكية وطلبة المنح، وعليه لو الغينا البرنامج الموازي وعوضنا الجامعات عن رسومه، ونظرا لان 40% من رسوم البرنامج العادي تسدد عادة من الحكومة ومؤسساتها، لا يتبقى الا 60 % من طلبة البرنامج العادي يسددون ذاتيا. ولما كانت الرسوم التي يسددونها هي بمعدل الف دينار سنويا للطالب، فإن اعفائهم منها وجعل التحاقهم مجانا لن يضيف عبئا كبيرا». ولا تتوقف رؤيته عند هذا الامر وإنما يقترح الغاء البرنامج الموازي على مدار ثماني سنوات وتخفيف اعداد الملتحقين بالجامعات لتحقيق معايير الاعتماد على مدار خمس سنوات، والبدء بمجانية الدفعات الملتحقة سنويا بعد بدء التطبيق. وهذا الامر على حد قوله يحتاج الى تمويل سنوي متدرج الزيادة خلال السنوات الخمس ليصل في السنة السادسة الى (244) مليون دينار.
المشروع المقترح جاء متكاملا ويحتاج لقراءة واعية لغايات تطبيقه مرحليا كي تصل الجامعات الى تمويل ذاتها عن طريق الصندوق الوطني للتعليم الذي يقترحه والذي ينشأ بقانون ويتبع للبنك المركزي ويموله الشعب الاردني برسم يفرض على لتر البنزين متدرجا من 20 فلسا في السنة الاولى الى 64 فلسا في السنة الخامسة وما بعدها.
وفعليا لو لم تلغ الحكومة رسوم الجامعات عام 2009 مع قانون ضريبة الدخل الذي أوقف اقتطاع ضرائب الجامعات اعتبارا من 1 /1 /2011 والتي كانت تُدر مبلغا يتجاوز ثلاثماية مليون دينار تستطيع فيه الجامعات ان تدرس كل طلبتها بالمجان؛ لكن الحكومة حينذاك اصرت على أخذ تلك المبالغ لتترك الجامعات مواجهة قدرها المالي الصعب.
وبعد، مطلوب من الحكومة ان تنقذ الجامعات من مديونيتها، وان تقرأ ملفات الجامعات بعناية ودقة، لتجاوز أوضاعها السيئة، ولا بدّ في هذا الإطار من عقد مؤتمر خاص يتفق فيه الجميع حكومة وجامعات على اعادة مناقشة الرسوم في الجامعات الرسمية كلها دون استثناء ووضع اطروحات المعاني في صلب محاور هذا المؤتمر لمناقشتها والتوافق عليها لمصلحة الجامعات والعاملين فيها، ودون ذلك ستواجه الجامعات انخفاضا في ايراداتها المالية مما يؤثر على استقطاب الكفاءات العلمية التي قد تواجه نقص التمويل في الرواتب والعلاوات التي تدفعها الجامعات لاعضاء هيئة التدريس والإداريين؛ واي مساس فيها قد يؤجج المواقف السلبية، ويعرض الجامعات لشبح الانهيار المالي ومشكلات هي في غنى عنها. نعم اوضاع الجامعات لا تحتمل ومواقف رؤساء الجامعات لا يحسدون عليها؛ إذ يواجهون شهريا مشكلة توفير الرواتب وهو أمرٌ صعب وطريف وغاية في التعقيد!؟
mohamadq2002@yahoo.com


جريدة الرأي 11/4/2016

No comments:

Featured Post

PINK ROSE