الدبمقراطية الطلابية



في بداية الحديث أود أن أحدد بعض المنطلقات حتى نستطيع أن نصل إلى مفهوم يوضح ماهية التفاعل والمشاركة الطلابية داخل الحرم الجامعي:
1)  إن الطالب عند وصوله للجامعة تكون قد تبلورت لديه مجموعة من المفاهيم قد يصعب تغييرها أو تعديلها.
2)  إن الطالب وهو هدف عملية التكوين العقلي التعليمي والثقافي داخل الجامعة، يجب أن يكون جزءا رئيسا من هذه العملية.
3)  إن رسالة الجامعة تقضي ضمن ماتقتضي تنمية الحس والولاء الوطنيين وتنمية روح المشاركة المجتمعية.
4)  إن روح العمل الجماعي هي من الأمور المفقودة لحد ما في مجتمعنا، وبالتالي فإن على الجامعة تقويتها إن لم يكن زرعها ابتداْ.
5)     إن البيئة التي يخرج منها معظم الطلبة هي بيئة أبوية لايسمح فيها بالمشاركة وإبداء الرأي.

لابد بعد هذا من النظر في تاريخ النشاط الطلابي – في ضوء المنطلقات السابقة- لتقييمه والإستفادة من الدروس المستخلصة منه، وأجدني مضطرا للقول هنا وللأسف أن هذا تاريخ هذا النشاط لم يكن إيجابيا.  إذ أن النشاط الطلابي قامت به ماسمي بالتنظيمات الطلابية ولم تكن هذه إلا أذرعا لجهات غير طلابية تسيرها كما تريد، وتتحدث بالنيابة عنها لعدم قدرة تلك الجهات على التعبير عن وجهات نظرها خارج الجامعة .

لقد انتقل نشاط تلك الجهات لداخل الجامعة وأدى ذلك إلى انصراف الطلاب عن مهمتهم الرئيسة التي إزيحت لأخر قائمة الأولويات واحتلت الصدارة في هذه الأولويات الأمور السياسية التي كانت في كثير من الأوقات تتقاطع مع المصلحة الوطنية مما أدى في كثير من الأحيان إلى استقطاب وإلى صدام.

أن عدم تبني مفهوم المشاركة واحترام الرأي والرأي الأخرفي داخل البيت وفي المدرسة  أدى لوصول مجموع من الطلبة لم تتعود العمل داخل المجموعة وبالتالي كان العزوف عن الإنخراط في العمل الطلابي.

 لقد أدت نصائح الأهل لأبنائهم بعدم الإقتراب من التنظيمات الحزبية لعدم قناعتهم بأنها أحزاب وطنية،  والتركيز على الأمور الدراسية إلى ابتعاد مجموعات أخرى عن العمل الطلابي، وبالتالي فقد تركت الساحة للناشطين من المنظمين للسيطرة على هذه المشاركات وتوجيهها كيفما رغبوا.وهنا لايجوز الإدعاء بأن الفرصة قد أعطيت للجميع للمشاركة والذنب ذنب من لم يشارك، بحيث فاز باللذة الجسور.فهؤلاء القاعدين لم يتعلموا المشاركة ولم يعتقدوا بجدواها وواجبنا الأن جميعا أن يشاركوا.

لقد أجريت دراسة قيمة في الجامعة الأردنية قام بها عدد من الأساتذة عن أسباب الشغب الطلابي ودوافعه، وخلصت الدراسة لثلاثة أسباب رئيسة:
1)     وجود فراغ طلابي كبير
2)     عدم وجود تواصل بين الطلبة والأساتذة
3)  الخلافات الحزبية ( الطلبة المنظمون)  والعشائرية والإقليمية ( الطلبة غير المنظمين) عند اقتراب موعد الإنتخابات الطلابية وبعد إعلان نتائجها.

لقد تبين من الدراسة أن من فاز في الإنتخابات الطلابية نسي أو تناسى أنه ممثل لكل الطلاب بغض النظر إن كانوا من أنصاره أم لا وبالتالى فقد وجه معظم نشاطه لتحقيق أهدافه وليس الأهداف الطلابية بمجملها.

إن  تعبئة الفراغ الطلابي يكون بالنشاطات اللامنهجية الهادفة والتي تصب في أهداف الجامعة وبالتالي كان قرار البدء في برنامج خدمة المجتمع وهو البرنامج الذي لقي من النجاح الشيء الكثير  . إن المفاضلة بين الطلبة إن تساوى المستوى الأكاديمي يجب أن يكون بمن قدم خدمات أكثر للمجتمع.

لقد أنشئت الأسر الجامعية لدفع الطلبة والأساتذة للتلاقي في جو خارج غرفة الدرس يتحدثون فيما شاؤوا.

أما مجلس الطلبة فقد خلصت الدراسة إلي وجوب البحث عن وسيلة تمثيلية جديدة تحقق الهدف وتتجنب خلق اجواء متأزمة بين الطلبة. وقد كان في الإمكان اختيار أحد بديلين :
1)  إما ان يلزم جميع الطلبة بالمشاركة، ,هو أمر مطبق في بعض الدول حتى على مستوي ألإنتخابات التشريعية، أو
2)  أن يدخل المجلس بعض الطلبة من المهتمين بالهم الدراسي وتعنيهم المشاركة المجتمعية وخدمة المجتمع، ولم يقتحموا موضوع الترشيح لقناعتهم بعدم قدرتهم على الوصول وذلك لعدم التنظيم أو نقص التمويل وهي الأمور التي تتوفر بكثافة للجهات المنظمة.

لقد اختارت الجامعة الخيار الثاني وأدخلت للمجلس نصفه من أوائل الأقسام ومن الناشطين في خدمة المجتمع ومن الناشطين في تمثيل الجامعة في العمل التطوعي والنشاط الرياضي. وهي تجربة بكل ماتحمل كلمة تجربة من معنى، تجربة قابلة للتعديل أو التحوير أو التطوير أو الإلغاء، لقد قاطع الطلبة المنظمون هذا المجلس ولم يشاركوا في انتخاباته ، وعاد هؤلاء المنظمون للمشاركة في الدورة الأخيرة لإعتقادهم الصحيح أن الجلوس على الحافة وعدم المشاركة هو أمر مضر.

في النهاية أود أن أقول أنه يجب أن يكون للطلبة في كل جامعة دور للبت في شؤونهم والمشاركة في بحث مشاكلهم وهمومهم ضمن أطر وقوانين الجامعة، وأن كونهم من الطلبة لايعني أنهم ند للجامعة يناصبوها العداء إن تعارضت الرؤى أو أن يقسموا بحرقها إن لم ينجحوا في إنتخابات المجلس. وعليه فإن هذه المشاركة الطلابية وهذا التمثيل الطلابي يجب أن لا تتم من خلال مشاركات حزبية تعود بالجامعات الي الخمسين سنة الماضية عندما كانت مسرحا للصراع بين التنظيمات الطلابية بكل مايحمله معنى التنظيم من مدلولات، تلك الصراعات التي أدت في النهاية الى حدوث شروخ في الجسم الطلابي صعب إصلاحها. للطلاب مجالهم داخل الجامعات وللأخرين أحزابهم خارجها ويجب عدم المزج بين الإثنين.

2010

No comments:

Featured Post

PINK ROSE