كلمة العين الدكتور وليد المعاني في جلسة الموازنة

كلمة العين الدكتور وليد المعاني في جلسة الموازنة، 4/12/2008

دولة الرئيس،
حضرات الأعيان،
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
يشكل التعليم العالي وتشكل الخدمات الصحية العلاجية، رافدين من أهم روافد الاقتصاد الأردني، فبالإضافة لما يحققانه من تأهيل للكوادر البشرية الأردنية وحفاظ على صحة المواطنين،  فهما يعتبران مصدرين مباشرين للدخل القومي، وقد اخذت نسبتهما من الدخل القومي الإجمالي بالإرتفاع تدريجيا على مدى السنوات الماضية.

فبنظرة واحدة على عدد الطلبة العرب والأجانب الملتحقين بمؤسسات التعليم العالي الأردنية واللذين بلغوا ما يقارب ال 25000  في عام 2007 ، فإننا يمكن أن نحسب الدخل المباشر وغير المباشر المنتج من هذه الخدمة.
وبنظرة أخرى على عدد المرضى اللذين وفدوا للمملكة للعلاج واللذين تجاوزوا ال 100000 في العام 2007، يمكن تخيل مقدار المبالغ التي تم انفاقها من قبلهم وقبل دولهم في هذا المجال.

يقترب الدخل من الباب الأول ( التعليم العالي ) من 300 مليون دينار أردني، في حين يقدر من الباب الثاني ( الخدمات الصحية العلاجية ) ب 500-700 مليون دينار.

وعليه، و في اقتصاد تشكل الخدمات جزءا كبيرا منه، فإنه من المنطقي والمطلوب المحافظة على هذين المصدرين وتنميتهما بصورة فاعلة.

أن تقديم الخدمات الطبية العلاجية بصوره نضمن فيها الجودة والنوعية للحفاظ على الاستثمار الطبي في المملكة من عبث العابثين، ولإستقطاب مرضى من دول اشترطت وجود رقابة على هذه الخدمات لترسل مرضاها للأردن، يقتضي منا الإسراع في إنجاز قانون المسؤولية الطبية، وعدم الاستجابة للمدافعين عن المصالح الضيقة اللذين قد يوافقوا على قانون لا يضر ولا ينفع، لا لب له ولا أسنان. لقد تجاوزت الدول المتقدمة موضوع المسؤؤلية الطبية لما يسمى "بالصدق والنزاهة في العمل"،  والذي يعني أن علي الشخص مقدم الخدمة الطبية أن يثبت – من خلال تقرير ذاتي يقدمه كل خمس سنوات - أنه نزيه وصادق في تعامله مع المرضى خلال مسيرته، وهو أمر يشبة إشهار الذمة الأخلاقية. لا زلنا نبعد كثيرا عن مثل هذا المفهوم، ولكن علينا أن نقوم بالخطوة الأولى بسرعة الا وهي اقرار قانون فاعل للمسؤولية الطبية لحماية متلقي هذه الخدمة.

إن فرص التدريب المتاحة أمام الأطباء الأردنيين في الخارج قد اخذت بالنضوب، فالتخصص في المملكة المتحدة أصبح من رابع المستحيلات، والتخصص في الجراحة في الولايات المتحدة لم يعد يسمع به. وإذا لم نبادر لوضع الحلول لتوفير الأطباء المتخصصين لإدامة النهضة الطبية في الأردن فإننا سنعاني من مشاكل جمة.

لقد دعوت مرارا لتوحيد جميع برامج الإقامة في المؤسسات الصحية، في برنامج وطني واحد يدار من هيئة مستقلة لاتتبع لأي جهة معينة ، برنامج يكون قادرا على انتاج المتخصصين في كافة المجالات الطبية للعمل على توفير الكوادر الطبية المؤهلة للوطن، واعتقد أن الوقت قد حان للقيام بذلك.

 إن التعليم العالي بحاجة لوقفة متأنية فاحصة، لقد تم تشخيص أمراض التعليم العالي منذ سنوات، وهي بحاجة لقرارات تنفذ التوصيات التي تم اتخاذها، بعيدا عن المصالح الشخصية والفئوية. قد تكون القرارات صعبة ، ولكن منجزات الوطن بحاجة للمحافظة عليها. أود أن أؤكد هنا أن رواتب أعضاء هيئة التدريس، ومكافآتهم ومدخراتهم، يجب أن ينظر لها بمنظور من يريد الإستثمار في التعليم، وعلية يجب المحافظة عليها وعدم تعريضها للتآكل بفرض ضرائب جديدة عليها أو إلغاء إعفاءات سابقه حظيت بها.

إن ال 90000 طالب اللذين سيقبلون في الجامعات في العام القادم يحتاجون إلى 2000 عضو هيئة تدريس جديد وذلك حسب ما حدده معالي وزير التعليم العالي خلال مناقشات اللجنة المالية لمجلسكم الموقر. وكذلك فإن الجامعة الأردنية وحسب تصريح مسؤولين فيها يوم أمس ، بحاجة ل 2000 عضو هيئة تدريس لغاية عام 2011 وذلك لتحقيق شروط الإعتماد فقط. من أين سنتدبرهذه الآلاف من الأساتذه، وكيف سنجتذبهم للعمل في مؤسساتنا، إن كنا نقوم بممارسات تنفر الموجودين حاليا؟.

في أمر مربوط بين الصحة والتعليم، فإن استمرار المسلسل السنوي في الصراع بين المستشفيات في القطاعين العام والخاص( ومنها المستشفيات الجامعية)، ووزارة الصحة والموردين للآدوية والمستهلكات الطبية، لايؤدي فقط الى زعزعة ثقة الناس بمؤسساتها، وانما يثير تساؤلات عن قدرة هذه المؤسسات على إدارة أمورها. فإن كانت الوزارة تشتري خدمات من جهات خارجها، لتوفير خدمات أفضل لمشتركي التأمين الصحي المدني، فعليها أن تشتري بقدر ما لديها من مال، وأن تسدد ماعليها ضمن فترات متفق عليها. وقد يكون من المناسب أن تكون هناك جهة محايدة تعين باتفاق بين الأطراف تقوم بإدارة هذه الإتفاقيات، حتى تتحقق العدالة والمصلحة. وفي هذا المجال قد يكون من المناسب كذلك إحياء فكرة مؤسسة التأمين الصحي كمؤسسة مستقلة عن وزارة الصحة، على نمط مؤسسة الغذاء والدواء، قادرة على التعامل مع جميع مقدمي الخدمات الصحية بمن فيهم الوزارة نفسها بصورة شاملة متكاملة.

اشكركم والسلام عليكم

No comments:

Featured Post

PINK ROSE