التعليم الطبي في الأردن
فرص التعلم على مستوى الدراسات الدنيا وبرامج الإقامة

أ.د. وليد المعاني


لايختلف الأردن كثيرا عن معظم دول العالم الثالث في التوجهات التعليمية لأبنائه عند بحثهم عن مجالات التخصص بعد انهائهم مرحلة الدراسة الثانوية، فلظروف اجتماعية واقتصادية محضة تتصدر التخصصات الطبية رغبات الطلبة فيها ويأتي الطب البشري على رأس هذه القائمة. من الطريف أن يذكر هنا أن دراسة المحاماة تتصدر الرغبات في بلد كاليابان في حين تتصدر ادارة الأعمال في بلاد أخرى.


قصد الأردنيون في المنتصف الأول من القرن الماضي دولا عربية مثل سوريا والعراق ومصر ودولا اجنبية مثل تركيا واسبانيا لهذا الغرض. ولكن الطلب المتزايد على المقاعد الجامعية المخصصة لنا في هذه الدول دفع بالطلبة للبحث عن جامعات اخرى في دول تباينت بين الشرق كالفليبين والغرب ككوبا ونيكاراغوا. وكان للأردن في وقت ما طلبة يدرسون الطب في 110 دول مختلفة، ولقد ساعد انفتاح كثير من الدول الأوروبية ولأسباب متعددة، على اتاحة فرص ضخمة للتعليم الطبي أمام الأردنيين وخاصة في دول مثل الأتحاد السوفيتي ودول اوروبا الشرقية.

لم تكن الرغبة في التخصص العالي بعد الحصول على الشهادة الجامعية الأولى ببعيدة عن التوجه نفسه، فتخصص الكثيرون في الدول التي حصلوا على شهادتهم الجامعية منها، في حين قصد الأخرون دولتين بالتحديد لهذا الغرض: المملكة المتحدة للراغبين في التخصصات الجراحية والباطنية في أول الأمر، ثم في نهايات القرن الماضي الي الولايات المتحدة للراغبين في التخصصات الباطنية وبقي الراغبون في التخصصات الجراحية في المملكة المتحدة ولكن الى حين سنأتي على ذكره.

لقد ساعد تطبيق فحص الإمتياز على دفع الكثيرين ممن خشيوا عدم اجتيازه على البقاء والتخصص دون العودة بعد البكالوريوس وهو الأمر الذي اوقفه تماما إنشاء المجلس الطبي الأردني والزام الجميع بضرورة اجتياز امتحاناته. وقد تعرض المجلس لعناء شديد نتيجة تطبيق هذه السياسة الى حد أن امتحان العائدين اوقف لعدد من السنين (نتيجة منفذ قانوني)  الى أن ادرك المسؤولون مدى خطأ هذا الإيقاف فعاد الأمر لنصابه.

لقد كان انشاء الجامعة الأردنية من أهم القرارات التي اتخذت في هذا البلد، وعندما التحقت أول دفعة بكلية الطب عام 1972 كان الأردن يضع اللبنة الأولى في نهضته الطبية، تلك النهضة التي لانغبط أحدا حقه في أنه شارك فيها وساهم في تقدمها، ولكن من الإنصاف الأعتراف بما رفدت به هذه الكلية الوطن من الكوادر المهيئة لممارسة الطب ولاحقا لحمل رسالة هذه النهضة بجدارة.

التحق بالدفعة الأولي في كلية الطب بالجامعة الأردنية حسب النظام الأمريكي حوالي 40 طالبا تخرجوا عام 1978 واقيم لهم احتفال على جانب مسبح النقابةفي حينه. وبقي الأمر على ماهو عليه من اعداد القبول الى أن ارتفع الى 60 عام1997 ثم الى 120 بعد فتح البرنامج الدولي عام 1998 لينتهي الى حوالي 200 في العام الماضي.

منذ ذلك الوقت أنشئت في الأردن اربعة كليات للطب في جامعة العلوم والتكنولوجيا وجامعة مؤتة ثم الجامعة الهاشمية.وباشرت جامعة العلوم والتكنولوجيا ببرامج إقامة مشابهة لما حدث في الأردنية، ويوجد على مقاعد دراسة الطب في هذا العام  3606 طالبا يشكلون 1.9% من مجموع طلبة البكالوريوس الملتحقين بالجامعات الأردنية الرسمية والخاصة ( 192042) وسيتخرجوا بمعدل 500 الى 600 طبيب سنويا.

تعاني الكليات المنشأة حديثا (مؤتة والهاشمية) من عدم توفر الأعداد الكافية من أعضاء هيئة التدريس والمستشفيات التعليمية، وتم لذلك الإستعانة بالأساتذة من الجامعات الأخرى واستخدمت وستستخدم مستشفيات الخدمات الطبية الملكية ووزارة الصحة لأغراض التدريب.

يعتبر مستوى الخريجين من الأردنية والتكنولوجيا مرتفعا حسب التغذية الراجعة من المؤسسات العالمية والمؤسسات الموظفة، ولكن تدريبهم يعاني من مشكلات تتعلق بالمهارات السريرية التي اجمع الممتحنون الأجانب اللذين يشاركون في امتحاناتهم السنوية النهائية على قصورهاويعزي هؤلاء اسباب التدني لكثرة اعداد الطلبة وقلة اهتمام الأساتذة.

عانت مناهج كليات الطب الأردنية من تأثيرات خارجية محاولة توجية أهداف التدريب لإنتاج أطباء صحة عامة قياسا على تجارب جرت في دول عديدة بتأثير من منظمة الصحة العالمية ( فشلت بعض هذه التجارب فشلا ذريعا في كثير من الجامعات) أو محاولة تغيير طريقة تطبيق المناهج بحيث يلغى المنهج التقليدي بتدريس العلوم الأساسية أولا، والإستعاضة عنه بتطبيق مبدأ الأجهزة الوظيفية وهو المبدأ الذي يقتضى وجود اعداد اكبر من الأساتذة، وتعريض الطلبة للعلوم السريرية في مرحلة مبكرة. وقد عادت كثير من الجامعات للمنهاج التقليدي لصعوبة توفير اللازم.

غادر مايقرب من 40-50% من الخريجين للتخصص في الغرب، ولم يجدوا مشكلة في التحاقهم ولا في دراستهم وبعضعم بقي هناك وابدع وتبوأ المراكز المتقدمة، والبعض عاد ليسهم في نهضة الأردن الطبية، فيما كان الطلب المحلي والأقليمي عليهم شديدا وندر أن سمعت بواحد منهم يجد مشكلة في الدراسة أو الممارسة.

إذن فالأوضاع التعليمية والتدريبة والوظيفية ممتازة وستبقى هكذا، أم انها غير ذلك؟ وهل هناك من مشكلات قادمة يستحسن البحث فيها لتجنبها أو وضع الحلول لها إن هي حدثت؟ وهل ستتواصل النهضة الطبية في الأردن أم أن ما سيؤثر على التعليم سينعكس عليها؟ وهل سيبقى مستوى الأطباء على المستوى الرفيع الذي هو عليه الأن، أم سيدخل للمهنةغير القادرين؟

للإجابة على هذه الأسئلة يجب البحث فيها من زوايا مختلفة، اجتهد في تقسيمها كمايلي:
1)                         أعداد كليات الطب
2)                         أعداد الطلبة الملتحقين
3)                         أعداد الأساتذة
4)                         دخول القطاع الخاص في تعليم الطب
5)                         أهلية بعض المستشفيات لبرامج الإقامةووضع هذه البرامج عموما
6)                         توفر فرص التخصص في الخارج

للبحث في هذا الأمر ترتبط ألأمور الثلاثة الأولى ارتباطا وثيقا بحيث أن زيادة اعداد المقبولين في الكليات الطبية في غياب توفر أعضاء هيئة تدريس ذوي باع في العملية التدريسية بمختلف مراحلها، وعدم توفر المستشفيات الجامعية المؤهلة والممولة تمويلا كافيا لابد أن ينعكس سلبا على مستوى الطلبة. وقد لاحظ المعنيون بتقييم التعليم هذا التدني في السنوات الأخيرة. إن ادخال الوسائل الإلكترونية في العملية التعليمية مع ما له من فوائد جمة قد ابعد الأساتذة عن الطلبة وعن المرضى على حد سواء.إن هذه الوسائل هي وسائل مساعدة وليست بديلة. فالأجهزة التمثيلية والمحاكاة لاتعوض عن التحدث مع المريض ولا عن فحصه ولا عن المساعدة في إجراء عملية له (في الإقامة) ولا عن إجراء العملية منفردا عند التمكن. أن كون المستشفى تعليميا يتيح له أن يقوم أطباء الإقامة المتدربون بالإجراء الطبي تحت إشراف الأستاذ.

يدفع طالب الطب مابين 70 - 150 دينارا للساعة المعتمدة الواحدة، أي ما يقارب 3000 – 8000 دينارا سنويا حسب نوع البرنامج وعلى الرغم من هذه الكلفة على الجيوب فإن الناس مستعدون لدفع اكثر إن وفرت المقاعد لهم في البرامج الموازية. إن كلفة طالب الطب على المؤسسة التعليمية تقارب 120 دينارا للساعة أو 5000 دينارا سنويا.

إن الطلب الشديد على الالتحاق بكليات الطب على وجه الخصوص والكليات الطبية على وجه العموم، أدى إلى دفع المستثمرين وأصحاب رأس المال إلى التفكير في إنشاء جامعات وكليات طبية لتلبية رغبة الآلاف للإلتحاق بهذه الكليات. ولازلت اعتقد جازماً أن الهدف وراء هذا الاندفاع وهذه الرغبة وبل وهذا الاقتتال على إنشاء الكليات الطبية إنما هو هدف ربحي بحت مغلف بتعابير زاهية ومبررات عن النوعية وتوفير الفرص والحفاظ على رأس المال الوطني.

يستشهد الكثيرون ممن يدفعون باتجاه إنشاء كليات طبية خاصة بأمثلة عديدة على كليات طبية لا بل جامعات خاصة ناجحة في الغرب. ويتساءلون لماذا لا نكون مثلهم؟ ولكنهم في نفس الوقت يتناسون أن هذه الجامعات المشار إليها هي مؤسسات غير ربحية ينفق عليها من وقفيات كبرى ولا مصلحة مادية لأحد فيها، يقوم على إدارتها أعضاء مجالس هدفهم رفعة الجامعة وتوفير المال لها، وليس زيادة أرباح المساهمين. وأتمنى لو أن لدينا في عالمنا مثال واحد كهذا.

يوجد في العالم العربي عدد كبير من هذه الكليات الطبية الخاصة، وعلى عكس ما يدعيه القائمون عليها من ارتفاع للمستوى ورقيْ في النوعية، فإن المخرجات أثبتت العكس. فشروط الالتحاق بهذه الكليات مرنه للغاية، والإنتظام فيها لا يؤخذ على مأخذ الجدية، والتدريب فيها متدني النوعية.

لم يستثن المستثمرون الأردن من هذا التوجه، فهم يضغطون لإنشاء جامعة طبية خاصة، ويضعون المبررات الزاهية لهذا الغرض. وقد وقف مجلس التعليم العالي بصورة واضحة ضد هذا التوجه، إلى أن اندفعت للمنطقة كليات طبية عريقة لإقامة ما سُمي بفروع لها في دول كثيرة، وأخذت تتحدث عن النقلات النوعية التي ستحدثها في التعليم الطبي في المنطقة.

وحتى يحافظ الأردن على مكانته المتميزة في التعليم الطبي، وحتى لا يبدو أنه يقاوم التطور والتطوير ارتئي فتح الباب لإنشاء جامعة طبية خاصة واحدة، وسيعلن ذلك خلال هذا الأسبوع. ولضمان الجودة والنوعية، وحتى لا يكون المشروع مقتصراً على مبدأ التجارة والربح فقط، فقد وضعت شروط قاسية لمن يتقدم، ومنها:
                                                           i.      أن تنشأ الجامعة الطبية ومستشفاها في بقعة جغرافية واحدة متصلة.
              ii.  أن يكون لكلية طبية عالمية معروفة 30% من رأسمال الجامعة الجديدة، وأن توفر هذه الكلية العالمية منهاجها للتدريس وأن تقدم 30% من أعضاء هيئة التدريس، أي أن تكون العلاقة بين الجامعة والكلية العالمية المعروفة علاقة شراكة وليس علاقة ارتباط Partnership Not Affiliation  .                
              iii.  أن يكون هناك استثمار استراتيجي في الجامعة الجديدة بما لا يقل عن 30% وذلك لتوفير استثمار خارجي حقيقي.
                                                     iv.      أن لا يقل رأسمال الجامعة الجديدة عن 100 مليون دينار أردني.
                                                        v.      إلغاء رخصة إنشاء الجامعة في حال نقلها أو بيعها لغير من أعطيت لهم.

ابتدىء ببرنامج الدراسات العليا في الطب عام 1980 في التخصصات السريرية الأربعة الأساسية ثم التخصصات الأخرى. وكانت الشهادة الممنوحة عندئذ هي الماجستير ومن ثم عدلت لشهادة الإختصاص العالي في الطب عام 1992.

لقد انعكست الأوضاع العالمية على فرص التدرب المتاحة للعرب في الدول المتقدمة......فبعد توسعة الإتحاد الأوروبي أعطي المواطنون من الدول الجديدة المنضمة للإتحاد الأولوية في هذه الوظائف، فالأولوية للبريطانيين ومن ثم لأطباء دول الإتحاد القديمة والجديدة وعليه أصبحت فرص أبنائنا شبه مستحيلة. قالت السلطات البريطانية أن بإمكان الأطباء من الجنسيات غير أصحاب الأولوية الالتحاق إن كانوا يحملون "الفيزا للمؤهلين تأهيلا عاليا"، عليك أن تسجل 75 نقطة من 100 نقطة عند التقدم لها ، لا اعتقد أن أحدا من أطبائنا الراغبين في التخصص سيتمكن من اجتياز حاجز الستين نقطة، فالنقاط  تعتمد على أمور لا يمكنهم تحقيقها.

اصبح الوصول لمراكز التدرب في الولايات المتحدة الأمريكية صعبا للغاية بعد احداث أيلول 2001 و التدرب في بريطانيا شبه مغلق، والفرص الجديدة كمثل استراليا توقفت بعد أن أصدرت الحكومة الحالية فيها قرارا يقضي بأن التدرب هو للأستراليين فقط في برامج الإقامة..... وتشترط دول كألمانيا وكندا وجود تمويل ذاتي كبير للإلتحاق بأي برنامج إقامة (32.000 دولار) ، والدول التي التحقنا بها سابقا عن طريق جمعيات الصداقة انضمت للإتحاد الأوروبي وتعمل بموجب سياسته. ولابد أن يمتد هذا التوجه شمالا و جنوبا في تلك الدول التي يوجد طلب كبير على التعلم فيها.

في محاولة من مجلس وزراء الصحة العرب للخروج بتوجيه واحد نحو توحيد التدريس والتعليم الطبي على مستوى الدراسات العليا، وطرح شهادة طبية عربية منافسة للشهادات العلمية، تم إنشاء المجلس العربي للتخصصات الطبية وعلى الرغم من أن فكرته عظيمة إلا أن تنفيذ طموحاته شابها الكثير من الصراع والتداخل بين الهيئات الطبية الوطنية وهذا الجسم الطبي العربي.

ويوجه نقد شديد لهذا المجلس بأن دوره قد اقتصر على عقد امتحانات لإعطاء شهادات البورد العربي، مع قيامه بزيارات تكون شكلية في كثير من الأوقات لاعتماد مراكز التدرب والمستشفيات. وقد استخدم الحصول على شهادة المجلس العربي للتخصصات أحيانا لتجاوز المجالس المحلية وعدم الخضوع لشروطها.

لقد كتبت سابقاً ودعوت في أكثر من مرة إلى توحيد برامج الإقامة والتدرب على مستوى الدراسات العليا ابتدأ في كل دولة عربية بحيث تقوم في كل دولة هيئة وطنية واحدة لهذا الغرض، تجمع كل الإمكانات تحت مظلة واحدة، وترك التشرذم والتنافس جانبا. فعندما تتوفر هذه الهيئات في كل الدول العربية يمكن عندئذ إنشاء البرنامج العربي الواحد للتدريب. والذي يمكن من خلاله تحديد مستوى واحد وآلية واحدة يسمح من خلاله بتنقل الأطباء العرب الدارسين بين كل هذه الدول، سعياً لزيادة المعرفة وتمكيناً للإطلاع على مختلف الخبرات، ومساعدة لتلك الدول التي لا تملك إمكانات التدريب. عندئذ وعندئذ فقط يمكن قياس مخرجات هذا البرنامج العربي الموحد لبرامج الإقامة من خلال امتحان عربي يعطى شهادة البورد العربي الواحدة المدعومة من كل الدول. �W � P�� � عمله لتلافي ذلك قبل أن تقع الكارثة؟

تعاني بعض القطاعات الصحية الأردنية من نقص حاد في الكوادر الطبية المؤهلة تأهيلا عاليا، وهذا أوضح ما يكون في مستشفيات وزارة الصحة نظرا لاستنكاف الكثيرين نظرا لتدني الرواتب. إن الكثيرين من الملتحقين ببرامج الإقامة يرفضون التقدم لامتحان المجلس الطبي الأردني لعلمهم بعدم قدرتهم على اجتيازها، ويفضل هذا البعض البقاء موظفا تحت مسمى المقيم المؤهل. أن محاولة حل المشكلة بزيادة عدد الملتحقين ببرامج الإقامة عن طريق تخفيض معدل القبول فيها قد يؤدي لإلحاق أعداد اكبر ولكن من أي مستوى؟  هل الهدف تعبئة الشواغر أم رفع مستوى الخدمة الطبية؟ ولابد أن تعاني كليات الطب الجديدة - والتي ستقوم -  من نقص في الأساتذة ستحاول حله مؤقتا على حساب الكليات القائمة، فمن أين ستتدبر هذه الكوادر؟

توجد في الأردن برامج إقامة لتخريج المختصين في الحقول الطبية التخصصية المختلفة بعضها عمره 20 سنة وبعضها غض. هناك برامج في المستشفيات الجامعية والحكومية والخاصة والعسكرية. بعضها مبرمج وبعضها غير مبرمج. بعضها أكاديمي وبعضها مهني. بعض الأطباء يتدرب في مستشفيات مؤهلة وبعضهم في مستشفيات ابعد ما تكون عن القدرة. بعضهم يشرف عليه اختصاصيون أكفاء والبعض الأخر يمكن القول بأن الفرق العلمي بين المعلم والمتعلم قليل. بعض البرامج أجيز من قبل المجلس الطبي بعد التأكد من أهليتها والتزامها بالمعايير،  وبعضها أجيز أو رفض لاعتبارات أخرى.

من هنا تأتي دعوتي. أن كنا قد أغلقت علينا الأبواب فلنفتح لإنفسنا بابا، وإن كانت قد سدت علينا المنافذ فلنحفر لنفسنا منفذا. لابد أن نتدبر الحل الآن، ولقد أثبتنا في هذا البلد قدرتنا على التخطيط والتدريب وعلى إيجاد الحلول للمشاكل قبل وقوعها. أن ماهو موضع حديثنا اليوم أمر بالغ الأهمية وقد استثمرنا فيه استثمارا كبيرا وعلينا عدم التفريط به.

لابد من توحيد كل هذه الجهود في برنامج وطني واحد للتدريب الطبي يتشارك الجميع فيه ويعملون على نجاحه،  برنامج لا يلتحق به إلا الأكفاء وتساهم كل القطاعات الطبية في إنجاحه دون أن يكون ملكا لأحد، يتدرب من خلاله المتدربون في كل المؤسسات الطبية الأردنية، تلك المؤسسات التي يجب أن تخضع لمعايير جدية للاعتماد دون مراعاة أو هوادة، ويشارك بالتعليم والتدريب فيه الأكفاء من المختصين دون حسد أو مجاملة. عندئذ نستطيع أن نعمل على تأهيل وإنتاج الإختصاصي ذي المستوى المتقدم والذي سيشهد بتميزه. وسيعمل المجلس الطبي الأردني على تقييم هؤلاء جميعا، ولا نعود لنفكر إلى أين نذهب للاختصاص ولا نضع أبناءنا في ظروف صعبة وحرجة ومحبطة.

يبقى أن نقول أن التعرض للخبرة الأجنبية أمر مطلوب وضروري وهو موضوع سهل التدبير من خلال الزمالات (fellowships)والتي لا يزال بابها مفتوحا أو على الأقل مواربا، ويمكن أن تتم عن طريق الاتصالات الشخصية والمؤسسية.


أنني أدعو أصحاب القرار القائمين على نهضة هذا الوطن لتشكيل لجنة وطنية لبحث الموضوع، لجنة موضوعية ممثلة للقطاعات ذات العلاقة، تضع الأسس والمبادئ لإنشاء هيئة أو مجلس وطني لبرامج الإقامة يعنى بهذا الأمر ويعمل على توفير الظروف العملية والتطبيقية لإنجاحه.   وآمل أن يتمكن الغيورون من اتخاذ فعل لوضع الخطط لدرء الأخطار بدل ردود الفعل العشوائية والآنية.  

No comments:

Featured Post

PINK ROSE