الطلبة الأردنيون......و دراسة الطب.....و هنغاريا

الطلبة الأردنيون......و دراسة الطب.....و هنغاريا

يعشق الأردنيون العلم والدراسة والشهادات... ويعشقون كليات الطب أينما كانت... فقد كان لنا في وقت ما من ثمانينيات القرن الماضي، طلبة يدرسون الطب في 100 دولة في العالم، بعضهم في كليات ممتازة والبعض الآخر في كليات طب ليس لها من العلم الا الإسم. وجاء المجلس الطبي الأردني وإمتحاناته، إن كان على مستوى الإمتياز أو التخصص فحد من هذه الظاهرة على الرغم من بقائها وتركز الطلب على كليات الطب في دول محددة.... فالرغبة في دراسة الطب وولع الأردنيين به لا يعادله شيْ. لقد فتحت لهم البرامج الموازية وغيرها ورفعنا معدلاتهم في إمتحان الثانوية العامة، فزدنا توقعاتهم وازداد الطلب في ظل شح في المقاعد. لم يكن لدى الطلبة الأردنيين أي مانع في أن يذهبوا الى مناطق في العالم تعوزها أدنى درجات الآمان، وإضطررنا لإعادتهم للأردن لنقبلهم في جامعاتنا، ليس كلهم ولكن من رحم ربي. ولم نتعض فما زلنا نرسلهم لدول تعاني من عدم الإستقرار.

تربطنا بالدولة الصديقة علاقات جيدة وبيننا وبينها اتفاقية ثقافية تتيح حوالي 85 طالبا على مستوى البكالوريوس و15 للدراسات العليا، ومن ضمن هذه مقاعد للطب لا أدري عددها ولكنه قد يكون قريبا من  35  (الرأي 28/12/2014)، وهم يقبلون مباشرة دون إمتحانات حسب علمي وبالتالي فإن مقاعدهم مضمونة ومؤكدة.

وعليه وعندما نادى المنادي بوجود "بعثات ومقاعد" في هنغاريا لدراسة الطب، تهافت الطلبة لتقديم الطلبات للإلتحاق بجامعات هذه الدولة الأوروبية المتقدمة الآمنة. فلا يوجد أحسن من هكذا فرصة.

لقد تبين فيما بعد أن هؤلاء اللذين تقدموا لوزارة التعليم العالي للحصول على هذه "البعثات" كانوا كثرا، وتم تسمية أعداد منهم للسفر، وحصلوا على تأشيرات وغادروا على دفعات الى هنغاريا، بعضهم سافر من مطار الملكة علياء الدولي والبعض الآخر من مطار الملك حسين في العقبة. وكان هناك آخرون موجودون في هنغاريا نفسها من أوقات سابقة حصلوا كذلك على وعود.

كنت قد استغربت أن تقوم دولة أوروبية كهنغاريا بإعطائنا مقاعد بهذه الأعداد، وكتبت بذلك، فإن كانت هذه الأعداد صحيحة فما هي عدد المقاعد التي تعطى للدول الأخرى في العالم وعددها حوالي 200 دولة؟ ما عدد مقاعد كليات الطب لديهم وعدد الطلبة هناك؟  

لقد تبين فيما بعد، بأنه وفيماعدا مقاعد الإتفاقية، فإن على كل الآخرين أن يثبتوا جدارتهم لدخول كلية الطب متنافسين ليس فيما بينهم، بل مع كل المتقدمين من أصقاع الأرض. وفي جملة مشهورة لعميد كلية طب أو رئيس جامعة من تلك الجامعات الموعودة قال الرجل ما معناه " أن حصول 10 طلاب أردنيين على رسائل قبول يعتبر إنجازا وشرفا للأردنيين (العرب اليوم 18/12/2014).

إذن وفي حقيقة الأمر فإن الطلبة " المبعوثين" مطلوب منهم أن يلتحقوا بالجامعة ضمن شروط منها الكفاءة اللغوية والعلمية (وهو أمر مشروع)، التي قد تكون لها عدة فرص، ولكن في النهاية يجب تحقيق شروط لا يمكن التنازل عنها، ومن يخفق عليه القبول بعدم الإلتحاق والعودة لأرض الوطن أو قد يكون الإلتحاق بكليات أخرى غير الطب، أو قد تكون كليات طب خاصة!!!!

سيكون علينا - كالعادة - حل هذه المشكلة على حسابنا. قد نقوم بإعادة البعض الى الأردن ونجد ترتيبا لإلحاقهم (إستثناء) بكليات الطب لدينا، أو أن يلتحقوا بالكليات التي قبلوا بها عام 2014 حسب القبول الموحد أو التي كانوا سيقبلوا بها لو تقدموا، أو على البرنامج الموازي حسب المعدل في ذلك الوقت.  

ستضيع على الكثيرين من هؤلاء الطلبة سنة كاملة، وهم يطاردون وهما جميلا، ويحاولون تحقيق أحلام تبين انها أحلام صيف.

ألم نكن نعلم بشروط الإلتحاق بكليات الطب في الدولة الصديقة قبل إقحام أبنائنا في هذه المعمعة؟ هل كان الذي تدبر أمر هذه "البعثات" على دراية بتبعات هذا الأمر؟ كان علينا أن نتأكد من الحقائق قبل البدء حتى لا نضطر لإرسال الوفود لمحاولة حل الإشكال وإطفاء الحرائق، وحتى لا نحمل مؤسساتنا الوطنية التعليمية أعباء حلول ناتجة عن قرارات غير مدروسة، وحتى لا نضيع على الشباب فرصهم وسني أعمارهم.

Featured Post

PINK ROSE